وافق صندوق النقد الدولي بصفة مبدئية على منح تونس القسط الثالث من القرض، داعيًا الحكومة التونسية لمواصلة النهج الإصلاحي, ومن المنتظر أن يتم الإفراج النهائي عن القسط خلال شهر فبراير /شباط المقبل إثر اجتماع يعقده مجلس إدارة الصندوق.
وكشف توفيق الراجحي، الوزير التونسي المكلف بالإصلاحات الكبرى، خلال مؤتمر صحافي، أن اتفاقًا مبدئيًا جرى الأربعاء مع خبراء صندوق النقد الدولي، يمكّن من صرف القسط الثالث بقيمة 319 مليون دولار، من قرض إجمالي بـ2.9 مليار دولار.
وقال رئيس البعثة بيورن روذر إن بعثة صندوق النقد والسلطات التونسية توصلتا إلى اتفاق بشأن السياسات الاقتصادية الضرورية لاستكمال المراجعة الثانية للبرنامج الاقتصادي الموقع بين الجانبين في مايو /أيار من عام 2016، وأضاف روذر بأن التحدي الأبرز خلال الأشهر المقبلة سيرتبط بتدارك التأخير في إزاحة عوائق النمو والتحكم في العجز المالي والتجاري.
وأوصت بعثة صندوق النقد الدولي إثر زيارة إلى تونس امتدت من 30 نوفمبر /تشرين الثاني الماضي حتى 13 ديسمبر /كانون الأول الحالي، الحكومة التونسية بضرورة مواصلة نفس نهج الإصلاحات وتفادي التأخير الحاصل في عدد منها، لتحقيق نسبة نمو أعلى والحد من العجز التجاري المتفاقم.
وركزت البعثة خلال زيارتها إلى تونس على السياسات المالية والنقدية والضريبية، ودعت إلى التعجيل بخفض نسبة المديونية التي بلغت نحو 70 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.
وطالبت البعثة تونس بالدفع بإصلاحات للقطاع المصرفي بما يسمح للمؤسسات الصغرى والمتوسطة من النفاذ إلى التمويلات البنكية، وبالتالي تعزيز النمو والتشغيل في تونس, وكان برلمان تونس صادق الأسبوع الماضي على قانون المالية الجديد لعام 2018، متضمنًا حزمة من الإجراءات، من بينها الرفع في الضرائب وإقرار مساهمات لإنعاش الصناديق الاجتماعية وزيادة في رسومات جمركية على بعض المواد المستوردة.
وأعلن حسين الديماسي الخبير المالي والاقتصادي التونسي، أن موافقة صندوق النقد الدولي بدت مشروطة، وعلى الرغم من عدم الإفصاح عن ذلك، فإن مطالبة الحكومة بمواصلة الإصلاحات وتفادي التأخير في إنجازها ومواصلة التأخير في فتح قنوات التمويل لصالح الاقتصاد التونسي، توحي بوجود صعوبات فعلية تواجه الاقتصاد التونسي.
وأشار الديماسي إلى صعوبة الإقلاع الاقتصادي الذي وعدت به الحكومة التونسيين، بل إنها قد تنفذ مجموعة من القرارات الموجعة التي قد لا توحي البتة بالتوجه نحو المزيد من الرفاه الاقتصادية؛ على غرار مراجعة الأسعار والتخلي عن دعم بعض المنتجات الاستهلاكية, وتعرف ميزانية تونس عجزًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة نتيجة ضعف الموارد المالية الذاتية وارتفاع النفقات العامة، خصوصًا منها كتلة أجور القطاع العام التي تجاوزت نسبة 14 في المائة، فيما تدعو بعثة صندوق النقد الدولي إلى تخفيضها إلى حدود 12 في المائة.
وقدر العجز المسجل على مستوى الميزانية بنحو 6.1 في المائة، ولم تفلح مساعي الحكومة في تخفيضه إلى حدود 4.9 في المائة, أما حجم الدين العمومي، فمن المنتظر أن يرتفع إلى حدود 69.6 في المائة مع نهاية السنة الحالية, وكان القسط الثالث من القرض مقررا خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي، إلا أن هيكل التمويل الدولي أرجأ الإفراج عنه إلى وقت لاحق، وأجل حصول تونس على القسط الثالث من القرض في انتظار الوقوف على مزيد من الإصلاحات والإجراءات الحكومية الرامية إلى تعديل المؤشرات الاقتصادية.
ولفتت البعثات المتتالية لصندوق النقد الدولي إلى تونس، لوجود اختلالات عدة تنهش الاقتصاد التونسي، من بينها بطء النمو الاقتصادي، وارتفاع كتلة الأجور، والزيادة الكبيرة على مستوى موظفي القطاع العام, علمًا أن صندوق النقد الدولي اتفق مع تونس عام 2016، على منحها قرضا بقيمة 2.9 مليار دولار، ويوزع على 8 أقساط تصرف على أربع سنوات حتى عام 2020، وذلك لدعم برامجها الاقتصادية والمالية وتنفيذ مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر