أبو ظبي - سعيد المهيريلا
تسهم خطة "أوبك" لخفض الإنتاج التي يبدأ العمل بها في يناير/كانون ثان المقبل، بينما تتلاطم أمواج تقلص إمدادات خام الحديد والفحم، مع أسعار الشحن البحري، في زيادة الطلب على ناقلات النفط العملاقة، وقفزت أسعار الشحن لهذه الناقلات لأعلى مستوى لها منذ أبريل/نيسان الماضي، عندما استمرت الدول الكبيرة المنتجة للنفط في رفع إنتاجها قبل عمليات الخفض وعودة أسعار النفط للارتفاع عقب الاتفاقية الأخيرة التي توصلت إليها منظمة "أوبك"، وتشارك توقعات خفض "أوبك" للأسعار والارتفاع التدريجي في أسعار النفط، في تكوين سوق الشحن البحري التي تتسم بالضيق أصلاً، حيث أدت قلة السفن في مياه الأطلنطي، إلى ارتفاع الأسعار في نوفمبر/تشرين ثان، وارتفعت أسعار الشحن البحري في الخط الرئيسي من الخليج إلى آسيا، بأكثر من 3 أضعاف منذ بداية أكتوبر/تشرين أول الماضي.
وتنجم الزيادة في أسعار إيجار ناقلات النفط خلال الربع الحالي، عن الفائض الكبير الذي يعانيه قطاع الناقلات في عدد السفن، ورغم ذلك، تشهد بعض شرائح القطاع تقلبات في الأسعار ناتجة عن العرض والطلب لسلع فردية أخرى، وفي ظل تخمة خام النفط التي اكتظت بها الأسواق، بدأت العام بقوة بالنسبة إلى بعض شركات الشحن البحري الكبيرة مثل فرونت لاين، لكن سرعان ما تلاشت هذه الحالة عندما تعرضت الأسواق لضربة تمثلت في اضطراب الإمدادات وتراجع أرباح مرافق التكرير.
ويرى بعض خبراء القطاع، أن صادرات العراق من البصرة في ديسمبر/كانون أول ويناير/كانون ثان الماضيين، أسهمت في زيادة الطلب على الشحن البحري ومن ثم في حالة الضيق في تلك السوق، كما ساعد انتعاش هذه الصادرات خلال الأشهر القليلة الماضية أيضًا، في دفع عجلة أسعار الشحن، وعلى النقيض من سوق ناقلات النفط العملاقة، تأثرت أسعار السفن التي تعمل في نقل السلع الجافة مثل خام الحديد والفحم، جراء تقليص الإمدادات في هذه السلع.
واتسمت 2016 بركود واضح في نشاط سوق هذه السفن، التي تراجعت لمستويات قياسية في مارس/آذار الماضي، عندما تراجعت أسعار الفحم وخام الحديد، نتيجة مخاوف حول فائض الإنتاج مصحوبة بمخاوف بطء نمو الاقتصاد الصيني، لكن في وقت لاحق، بدأ سوق هذه السفن في الانتعاش، عندما عززّت المحفزات الاقتصادية التي قدمتها بكين، الطلب في قطاع الإنشاءات، الذي أسهم بدوره في رفع أسعار خام الحديد والفحم، بفضل القيود التي فرضتها الصين في أبريل على مستويات الإنتاج، ويعتبر ارتفاع الطلب على الناقلات ووفرة إمدادات المواد الخام، من المكونات الرئيسية التي تقود للزيادة في أسعار الشحن، لكن من الواضح، أن هذه الحالة لا تنطبق على قطاع شحن السلع الجافة، الذي تضرر بفعل البطء الموسمي، حيث يعمد المشترون الصينيون لإنهاء صفقاتهم قبيل حلول موسم الأعياد.
وتقول محللة الشحن في كلاركسونز هينريتي فان نيكيرك، في المجموعة التي تعمل في مجال خدمات الشحن "تنشغل السوق في الوقت الراهن بتشطيب عملياتها نهاية العام. كما أن عمليات الشراء الصينية عادةً ما تنتهي قبيل موسم الأعياد عند نهاية يناير/كانون ثان من كل عام"، وفي ما يختص بالعام المقبل، ينتظر أن يستقبل سوقًا لناقلات النفط العملاقة وسفن شحن السلع الجافة، إضافة سفن جديدة لأساطيلها، ما ينعكس أيضًا على سوق الشحن البحري، كما تنعكس اتفاقية تقليص الإنتاج التي توصلت لها الدول المنتجة، سلبًا على سوق الناقلات، في ظل توجه معظم المنتجين في دول الخليج لخفض معدلات الإنتاج.
ويعتقد كبير محللي الأسواق في شركة "شارلس ويبر" للشحن جورج لوس، أن إضافة السفن الجديدة، سيشكل عقبة أكبر من خفض الإنتاج. وفي سوق ناقلات النفط العملاقة، من المتوقع تحقيق الأسطول لصافي نمو قدره 5% وبنحو 11% لناقلات النفط الكبيرة في قناة السويس، التي تحل بعد العملاقة من حيث الحجم، وأدى توقف ناقلات النفط عن العمل عند الضعف الذي عانت منه سوق النفط، لدعم قطاع ناقلات السلع الجافة خلال 2016. وفي الوقت الذي من المتوقع فيه انضمام المزيد من هذه السفن للقطاع في العام المقبل، ربما تتعرض صفقاتها للإلغاء في حالة تعافي أسعار النفط.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر