كشفت صحيفة "الغاريان" البريطانية، أن المستشارين الماليين في المملكة المتحدة قلقون بشأن المتقاعدون البريطانيون، حيث يواجهون مصيرا مجهولا بعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، بينما يسارعون إلى الاستقرار في دول أوروبية مثل اسبانيا والبرتغال وفرنسا قبل الموعد النهائي، مؤكدة أن هذه الخطوة ستصبح أكثر صعوبة في المستقبل، فيما أظهرت إحدى الشركات التي تدعم أولئك الذين ينتقلون إلى أوروبا بعد التقاعد، أن عدد الاستفسارات الشهرية إلى موقعها الإلكتروني قد تضاعف خلال عام واحد، في حين أن الأعمال الفعلية ارتفعت بنسبة 25٪.
وأضافت الصحيفة، أن الخبراء قالوا انه من غير المحتمل أن يسمح للبريطانيين للاستمرار في الانتقال للدول الأوربية بسهولة بعد "بريكست" في السنوات المقبلة كما يمكنهم القيام به الآن، وقال جون سبرينغفورد، خبير الهجرة الذي يشغل منصب مدير الأبحاث في مركز الإصلاح الأوروبي: "قد يكون الآن العصر الذهبي للمتقاعدين البريطانيين للاتجاه إلى أوروبا"، وأشار إلى أبحاث حديثة كشفت انه في حين سيقدم المهاجرين الشباب دفعة اقتصادية في معظم بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، إلا انه سيؤدي إلى استنزاف الموارد المالية الوطنية ما بين سن 40 و 45، مضيفًا أنه لا توجد طريقة تسمح فيها إسبانيا للعديد من البريطانيين بالتقاعد هناك واستخدام نظامهم الصحي ما لم يتمكن الشباب الإسباني من الحضور والعمل في المملكة المتحدة قائلا: "إذا لم يكن لدينا حرية الحركة فمن غير المتوقع أن يكون لدينا حقوق التقاعد".
وأكد كارلوس فارغاس سيلفا، من مركز جامعة أكسفورد للهجرة والسياسة والمجتمع (كومباس)، أن المملكة المتحدة يمكن أن تعقد اتفاقا ثنائيا مع إسبانيا، لكنه يؤكد إن ذلك قد لا يشجعه الاتحاد الأوروبي، متابعًا أنه "من اجل أن يواصل الشعب البريطاني تقاعده في اسبانيا سيكون هناك حاجة إلى وجود شيئا في المقابل، ومن المحتمل أن يكون مقابل مزيد من المرونة للمهاجرين الأسبان في بريطانيا".
ويقدر عدد المواطنين البريطانيين الذين يعيشون في إسبانيا بنحو 300 ألف نسمة في عام 2016، حيث بلغ عددهم أكثر من 65 في المائة (121،000). وفي فرنسا، كان عدد البريطانيين 148،800 مع تقديرات سابقة تشير إلى أن 19٪ منهم في سن التقاعد، ويشكل ما يزيد على 65 % ثلث المغتربين البريطانيين في مالطا وقبرص والبرتغال، في حين أنهم يشكلون عموما واحدا من كل خمسة الذين يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي والبالغ عددهم 890،000 نسمة، في حين أن مفاوضات بريكسيت من المرجح أن تؤمن صفقة لحماية حقوق أولئك المغتربين بالخارج، وهناك علامة استفهام كبيرة حول الفرص التي ستتوافر هناك بعد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي.
وأوضح متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية انه لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن ذلك، وانه سوف يتم استشارة الشركات ومنظمات المجتمع المدني بشأن نظام الهجرة بعد الخروج، واعترف بأنه لا توجد حاليا طرق تمكن من خلالها مواطنون من خارج الاتحاد الأوروبي من التقاعد في بريطانيا، ولا أي ترتيبات ثنائية من النوع الذي اقترحه فارغاس سيلفا، وبذلك فإن الوضع القادم سيكون نظام الهجرة لأوروبا فيه أسوأ بكثير من النظام القائم بالنسبة لبقية العالم.
وقال جاسون بورتر مدير تطوير الأعمال فى بليفينز فرانكس الذي يقدم المشورة المالية والضريبية للمقيمين البريطانيين، انه يعتقد انه سيتم التوصل إلى اتفاق بشأن المتقاعدين، وأضاف أن الدول الأوروبية استفادت من البريطانيين في شراء العقارات وإنفاق الأموال فى المتاجر والمطاعم، لكنه اعترف بأنه كان هناك طفرة في الاهتمام للتغلب على الموعد النهائي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال بليفينز فرانكس، متخصص تقديم المشورة المالية لأولئك المتقاعدين في اسبانيا والبرتغال وفرنسا أنه يرى زيادة 20٪ إلى 25٪ في الأعمال التجارية البريطانية وفي الوقت نفسه فقد تلقى 900 استفسار بموقعه على الانترنت في عام 2017، مقارنة مع 450 في العام السابق، واشار فرانكس أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جزء كبير من السبب
وعلى الرغم من انه واثق من التوصل إلى اتفاق، اعترف بان هذه العملية قد تصبح أكثر صعوبة، وستكون أسهل بالنسبة لمن لديهم رأس مال كاف لشراء منزل وليس استنزافا لنظام الرعاية الاجتماعية في البلاد، موضحًا أن "المخاوف الرئيسية تشمل ثلاث قضايا رئيسية هي الإقامة والرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية فى المملكة المتحدة حيث أن اكبر قلق للمتقاعدين سيكون في الحصول على الرعاية الصحية".
وأكد كريس بورك، من مجموعة سبيكتروم إيفا، الذي يقدم المشورة إلى حد كبير للمقيمين البريطانيين المقيمين في إسبانيا، إن أحد العملاء كان قد تقدم بطلب التقاعد المبكر للتغلب على الموعد النهائي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقال "إن الناس الذين يتطلعون الى التقاعد في اسبانيا يخرجون الآن قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، وأضاف أن 20٪ من موكليه الذين يعيشون بالفعل في الخارج كانوا يبحثون فيما إذا كانوا سيحصلون على جوازات سفر إسبانية أو أيرلندية.
واعترف المحتجون الذين يمثلون المغتربين بأنهم شهدوا أيضا زيادة في أعدادهم في محاولة للتغلب على الموعد النهائي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث أوضح روجر بوادن، العضو المؤسس لحقوق المواطنين المغتربين في الاتحاد الأوروبي، الذي يضم حوالي 10 آلاف عضو، أنه رأى "عددا من البريطانيين الإضافيين يشترون العقارات في فرنسا" وأضاف: "إذا أصبحت المملكة المتحدة دولة ثالثة، فان قواعد شنغن تدخل حيز التنفيذ وستكون عواقبها شديدة".
ولفت سو ويلسون، رئيس بريمين فى اسبانيا - التي تعد أيضا جزء من التحالف الذي يقاتل من اجل حقوق المغتربين، أن المحادثات ركزت على عدم اليقين الذي يواجهه الذين يعيشون بالفعل في القارة، وتابع "أن أربعة ملايين ونصف لا يعرفون ما سيبدو عليه مستقبلهم".يذكر أن الحكومة البريطانية تعد دراسة عن تكلفة وفائدة مهاجري الاتحاد الأوروبي للاقتصاد البريطاني، وذلك ضمن تخطيطها للتعامل مع الهجرة بعد الخروج من الاتحاد.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر