الدار البيضاء - جميلة عمر
حسم وزير الاقتصاد والمال، محمد بوسعيد، في لقاء مع والي مصرف المغرب عبد اللطيف الجواهري، بشأن موضوع إصلاح نظام الصرف، مساء الخميس في الرباط، الجدل الحاد الذي أثاره قرار الحكومة إخضاع صرف الدرهم المغربي لنظام أكثر مرونة، مشيرًا إلى أنّ "الأمر لا يتلق بالتعويم نهائيًا، وفق الرائج لدى الرأي العام، مشددًا في الوقت ذاته على أن العملة الوطنية لم تشهد أي تقلب أو تأثر منذ يوم الاثنين الماضي، تاريخ تنفيذ القرار الذي وصفه بالإرادي.
وكشف بوسعيد، أنه منذ دخول هذا الإصلاح حيز التطبيق يوم الاثنين الماضي، استمرت أسعار صرف الدرهم في السوق بين المصارف في التطور ضمن نطاق +/- 0,3 في المائة بالرغم من اتساع نطاق التقلب بنسبة +/- 2,5 في المائة، وأضاف أن هذه الوضعية تبرز أن المصارف والفاعلين الاقتصاديين استوعبوا روح هذا الإصلاح الذي يأتي لدعم السياسات الهيكلية للحكومة، واصفا هذه البداية بأنها "مطمئنة"، وتابع أن الانتقال إلى نظام صرف مرن سيشكل رافعة
من أجل تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وأكد بوسعيد أنّ السلطات النقدية ستتبع عن كثب تنفيذ هذا الإصلاح، خاصة مع المصارف ومكاتب الصرف، مشيرًا إلى أن السلطات المختصة ستستمر في التواصل بشأن الإصلاح مع البرلمان، والفاعلين الاقتصاديين وعموم الناس، وشرح كيف أن المغرب لا يزال يعتمد نظام الصرف الثابت وليس المتحرك أو العائم، مضيفًا أنّ "الإصلاح يهم أساسًا إدخال مرونة في حدود نطاق تقلب يبغ %2.5 صعودا أو نزولا عوض نطاق %0.3 المعتمد سابقا"، مشددًا على أن هذا التعديل يبقى قرارا اتخذته المملكة بشكل إرادي "ولم تكن هناك إملاءات من أية جهة"، في إشارة إلى المؤسسات المالية الدولية.
وأورد بوسعيد أن "المغرب اعتمد، كباقي الاقتصادات العالمية، سياسة نقدية تواكب السياسات العمومية، من أجل تعزيز تنافسية اقتصادنا وجاذبية بلادنا وتقوية هذه الاقتصاد ضد الصدمات الخارجية"، فيما قال إنه خلال السنة الماضية، أي قبل دخول القرار حيز التنفيذ، "ارتفع السعر المرجعي لقيمة الدرهم بحوالي 6% مقابل الدولار وانخفض بحوالي 5.1% مقابل اليورو، أي أنه في سنة كانت هناك تقلبات لقيمة الدرهم تفوق نطاق التقلب الذي حددناه"، وفي رده على الخبراء والرأي العام حول إمكانية تأثير القرار المغربي سلبيا على قيمة الدرهم المغربي، أفاد بأنّ "الكلمة الأخيرة تبقى للسوق"، موضحا أنه منذ بداية الإصلاح المذكور "أكد هذا السوق ثقته في عملتنا واقتصادنا، فلم يلاحظ أي تقلبات تمس الاقتصاد في الثلاث أيام الأولى، بل بالعكس بقينا في نطاق الهامش القديم، أي نطاق %0.3 صعودا أو نزولا، هذا الواقع يؤكد أن البداية مطمئنة، وأن الأسواق تثق في اقتصادنا، وأن الأسس التي بني عليها هذا الإصلاح هي متينة، وأن سعر عملة الدرهم متواز معسعرها الفعلي"، فيما أشار إلى أن مصرف المغرب ومصالحه واكبت هذا الإجراء قبل دخوله حيز التنفيذ وأثناء تفعيل هذا القرار "الذي هو قرار سياسي مهم اتخذناه على مستوى الحكومة.
وأكد والي مصرف المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن إصلاح نظام الصرف سيؤدي إلى زيادة في النمو الوطني بنسبة 0,2 في المائة في 2018 بحسب سيناريوهات مصرف المغرب ووزارة الاقتصاد والمال على أساس المعطيات المتوفرة وفرضية انخفاض قيمة الدرهم بنسبة قصوى قدرها 2.5 في المائة، وحرص الجواهري، على الطمأنة بخصوص تأثير هذا الإصلاح على القوة الشرائية للمواطنين، مبرزا أنه سيتم الحفاظ على مستوى التضخم في أقل من 2 في المائة مع ارتفاع ب0.4 نقطة، أي ما يعادل 1,9 في المائة، وأشار إلى أنه في ما يهم أسعار المحرقات على وجه الخصوص، فإن انخفاض قيمة الدرهم مقابل الدولار بنسبة 2.5 في المائة من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في أسعار الغازوال بنسبة 1.6 في المائة، أي إذا كان سعر الغازوال مثلا هو 9.6 دراهم للتر فإن الزيادة ستكون ب 0.15 درهم للتر ليصل سعره إلى 9.75 دراهم للتر وأوضح الجواهري، أن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية يرتبط بعدة عوامل، وبالأخص تكلفة المواد عند الاستيراد ، مشيرا إلى أنه في سيناريو محتمل لارتفاع الأسعار، فإنه سيكون من الهراء ربط تطور الأسعار بإصلاح نظام الصرف، مبرزًا أن هذا الإصلاح لا يعني الانتقال إلى نظام التعويم، حسب تصنيف صندوق النقد الدولي في هذا الشأن، وأن المملكة لا تزال تخضع لنظام ثابت مع مرونة مع نطاق تقلب أعلى في 2 في المائة، مصحوبا بتدخلات مباشرة أو غير مباشرة من قبل المصرف المركزي في السوق واعتمد المغرب يوم الاثنين الماضي نظام صرف جديد أكثر مرونة، حيث سيحدد فيه سعر صرف الدرهم داخل نطاق تقلب نسبته +2,5 بالمائة / -2,5 بالمائة، عوض +0,3 بالمائة/ -0,3 بالمائة، ويهدف هذا الإصلاح لنظام الصرف إلى تقوية مناعة الاقتصاد الوطني في مواجهة الصدمات الخارجية ودعم تنافسيته والمساهمة في الرفع من مستوى النمو، ومواكبة التحولات الهيكلية التي عرفها الاقتصاد الوطني خلال السنوات الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بتنويع مصادر نموه وانفتاحه واندماجه في الاقتصاد العالمي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر