يرتقب أن يدخل المغرب ابتداءً من الجمعة ، مرحلة تطبيق نظام الصرف المرن للدرهم ، وتتجه أنظار المغاربة الخميس صوب الرباط، حيث سيتم الإعلان عن تفاصيل هذا الانتقال خلال لقاء صحافي مشترك بين وزير المال والاقتصاد ، محمد بوسعيد ، ومحافظ البنك المركزي ، عبد اللطيف الجواهري.
وعرف الدرهم المغربي خلال الأسابيع الأخيرة أول تداول واسع النطاق من قبل المضاربين ، والذي كلف البنك المركزي 4 مليارات ، من الدولارات منذ بداية شهر مايو/أيار ، الشيء الذي دفع محافظ بنك المغرب إلى التدخل بحزم خلال الأسبوعين الأخيرين لوقف النزيف ، ومنع البنوك من بيع العملات الصعبة مقابل الدولار، إلا في إطار العمليات التجارية والرأسمالية. ويراهن المضاربون على انخفاض قيمة الدرهم بعد دخول سياسة تحرير الصرف حيز التطبيق ، لذلك أقبلوا على شراء العملات الأجنبية ، خاصة اليورو ، مقابل الدرهم.
وأدى هذا الإقبال إلى تراجع متواصل لاحتياطيات البنك المركزي من العملات الصعبة، والتي نزلت خلال هذه الفترة بنحو 10% ، وأكد عبد اللطيف الجواهري ، محافظ البنك المركزي المغربي ، خلال تصريحات صحافية، أن الدرهم المغربي لن ينخفض جراء المرور إلى سعر الصرف المرن ، مشيرًا إلى أن الأمر يتعلق بالمرور التدريجي والمتحكم فيه من نظام سعر الصرف الثابت إلى نظام أكثر مرونة، وليس تغيير قيمة الدرهم كما يعتقد البعض ، حيث أن هذا المرور سيتم عبر مراحل ممتدة في الزمان.
في السياق نفسه ، أوضح محمد بوسعيد، وزير المال والاقتصاد ، في تصريحات صحافية أن هذا الإصلاح ضروري ، وتقوده الحكومة بتنسيق مع البنك المركزي ، قائلًا "أود أن يطمئن المغاربة ، فنحن لسنا مجانين حتى نتخذ قرارًا يمكن أن يضرب القدرة الشرائية للمغاربة أو أن يشكل خطرًا على تماسك البلاد واستقرارها.
وقال بوسعيد إن المغرب اختار الانفتاح الاقتصادي ، وتربطه اتفاقيات التجارة الحرة مع 50 دولة ، كما اختار نهج سياسة نقدية مستقلة ، موضحًا أن هذين الخيارين لا يستويان إلا إذا واكبهما اعتماد نظام صرف مرن.
وشدد بوسعيد على استمرار اعتماد سعر صرف ثابت في ظل الانفتاح الاقتصادي والسياسة النقدية المستقلة ، يعني أن نعيش تحت تهديد قنبلة موقوتة ، مضيفًا "اخترنا أن نقوم بهذا التحول من موقع قوة ، وبدأنا الإعداد له منذ 2010 ، واليوم الشروط مجتمعة كافة لكي نحقق العبور، وخلال الأعوام الماضية تمكنًا من ضبط التوازنات الاقتصادية الكبرى ، ومن تعزيز احتياطي العملات الأجنبية الذي أصبح يتجاوز 6 أشهر من الواردات، إضافة إلى التوفر على منظومة بنكية متماسكة وقوية.
وأضاف بوسعيد "أصبحنا مستعدين للقيام بالخطوات الأولى في مجال تحرير سعر الصرف ، حيث أن تجارب الدول الأخرى، والتي يحاول البعض استلهام نتائجها، لا تنطبق على المغرب، كون هذه الدول، كما حدث في مصر، انتقلت بشكل فوري وكلي من سعر الصرف الثابت إلى سعر الصرف الحر تحت الضغط وفي سياق الأزمة ، لذلك لا يمكن قياس تجربتها على المغرب" .
وتابع بوسعيد "إذا لم نمضِ في هذا المسار بهذه الطريقة، فسيحصل لنا مثل ما حصل لتلك الدول ، أي أننا سنستفيق يوما لنجد أن قيمة عملتنا الوطنية انخفضت إلى النصف، وأن التضخم بلغ أرقامًا خيالية، وأن القدرة الشرائية للمواطنين تتهاوى في سياق ذلك".
وأوضح بوسعيد أن سعر صرف الدرهم حاليًا مرتبط بقيمة سلة من العملات تتكون من اليورو بنسبة 60 % ، ومن الدولار بنسبة 40 % ، مشيرًا إلى أنه خلال مرحلة أولى سنستمر في نهج نفس المعادلة لتحديد سعر صرف الدرهم، مع السماح بهامش محدد من التذبذب حول السعر المرجعي ، ثم بعد أن نتأكد من استقرار قيمة الدرهم في هذا المستوى سنمر إلى مرحلة ثانية يتم خلالها توسيع هامش الحركة.
وأردف بوسعيد "كلما حققا الاستقرار في مرحلة سنمضي للمرحلة التالية إلى أن نصل إلى تحرير سعر الدرهم ، وخلال هذه المراحل سيواصل بنك المغرب تموين السوق بما يحتاجه من العملة استنادًا إلى احتياطاتها".
وأشار بوسعيد إلى أن هذا النظام يندرج في إطار نظام الصرف المغربي الشامل، وهو نظام احترازي لا يسمح بإجراء عمليات الصرف بحرية إلا بالنسبة لحسابات الرأسمال للمستثمرين الأجانب وعمليات التجارة الخارجية ، فيما تخضع باقي عمليات الصرف الأخرى إلى قوانين تنظيمية ، لذلك فإن الأمور ستبقى تحت السيطرة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر