كانت البيانات الأسبوعية لإدارة معلومات الطاقة الأميركية الصادرة أمس، الأربعاء، صادمة بالنسبة للسوق، وأدت إلى تراجع أسعار النفط في بورصة نيويورك 1.6 في المائة في جلسة تداول الأمس، بعد أن وصل الإنتاج الأميركي إلى مستوى قياسي جديد في الوقت الذي زادت فيه المخزونات النفطية الأسبوع الماضي وإن كانت زيادة أقل من المتوقَّع.
وبحسب بيانات الإدارة، ارتفع الإنتاج الأميركي إلى 10.25 مليون برميل يومياً في المتوسط خلال الأسبوع الماضي بعد أن زاد 332 ألف برميل يومياً عن الأسبوع الذي سبقه. وتأتي هذه الأرقام العالية للإنتاج في وقت زادت فيه صادرات أميركا من النفط الخام، التي وصلت إلى بعض دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مثل الإمارات العربية المتحدة والتي استوردت الشهر الماضي أول شحنة من المكثفات الأميركية (نوع من النفط الخفيف جدّاً).
واتجهت الإمارات بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الشهرية، وليست الأسبوعية والصادرة أول من أمس، إلى استيراد شحنة حجمها أقل من 800 ألف برميل من المكثفات. وفي السابق كانت الإمارات تستورد كل حاجاتها من المكثفات من قطر، ولكن بعد توقف التصدير بين البلدين العام الماضي، اتجهت الإمارات إلى السعودية وإلى الولايات المتحدة من أجل الحصول على المكثفات التي في الغالب تستخدم لإنتاج "النافثا" في المصافي.
وتعارضت أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية بالأمس مع بيانات معهد البترول الأميركي، إذ قال الأخير يوم الثلاثاء، إن مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة هبطت الأسبوع الماضي، مخالفةً توقعات المحللين، بينما تراجعت مخزونات البنزين وارتفعت مخزونات نواتج التقطير.
وأظهرت بيانات معهد البترول أن مخزونات الخام انخفضت 1.1 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الثاني من فبراير/شباط لتصل إلى 418.4 مليون برميل في حين كانت توقعات المحللين تشير إلى زيادة قدرها 3.2 مليون برميل. وتراجعت المخزونات في مركز التسليم في كوشينج بولاية أوكلاهوما 633 ألف برميل.
- بيانات متضاربة
وحملت الأرقام الأسبوعية بالأمس كثيراً من المتناقضات. ففي حين ارتفع الإنتاج بشكل كبير كانت المصافي الأميركية قد استهلكت كميات أكبر من المعتاد من النفط الخام الأميركي خلال هذا الوقت من العام، مما يظهر قوة الطلب على النفط في أميركا ومتانة السوق.
وزادت المصافي كميات النفط التي استهلكتها الأسبوع الماضي بواقع 784 ألف برميل يومياً عن الأسبوع الذي سبقه، وهذه كمية كبيرة بالنظر إلى أن المصافي عادة ما تكون في الصيانة خلال هذا الوقت من العام إضافة إلى أن عمليات التكرير تقل نوعاً ما خلال الشتاء.
ومن ناحية أخرى، كان الطلب على البنزين الأسبوع الماضي أعلى من متوسط الخمس سنوات، ولكن هذا لم يكن كافياً حيث ارتفعت مخزونات البنزين في الولايات المتحدة بواقع 3.4 مليون برميل الأسبوع الماضي بينما كانت السوق يتوقع لها أن ترتفع بنحو 500 ألف برميل فقط.
وهناك مؤشرات إيجابية أخرى بالأمس مثل تراجع واردات النفط في أميركا بنحو 538 ألف برميل يومياً الأسبوع الماضي، وهو ما سوف يُسهِم في تحسن وضع المخزونات بلا شك خصوصاً أن هذا التراجع هو معاكس للزيادات في الواردات التي شهدتها الفترة نفسها قبل عام، وهو ما سبَّب تخمة المخزونات وهبوط الأسعار في الربع الأول من العام الماضي، وأدى إلى تأخر تعافي السوق.
وبالنظر إلى المخزونات النفطية، خصوصاً تلك التي في منطقة كوشينغ في أوكلاهوما، وهي نقطة تخزين نفط غرب تكساس، فإن أسعار نفط غرب تكساس في بورصة نيويورك كان من المفترض أن ترتفع أمس لولا بيانات الإنتاج العالية والزيادة الطفيفة في المخزونات بشكل عام، رغم أنها انخفضت في مناطق متعددة في الولايات المتحدة.
وتدعم بيانات المخزونات ومعدلات التكرير الأميركية العالية، أن السوق النفطية في طريقها للتعافي، لكن القلق ازداد لدى السوق من وجود تخمة مقبلة بسبب ارتفاع معدلات إنتاج النفط الخام الأميركي، الذي يأتي أغلبه من مناطق النفط الصخري، خصوصاً منطقة البريميان في تكساس.
ولكن هذا القلق ليس مبرراً بشكل كبير، نظراً لأن الطلب قوي على النفط هذا العام ومن المحتمل أن يصل 1.7 إلى 1.8 مليون برميل يومياً، ولا تزال هناك كثير من الأسواق التي يمكنها استيعاب أي زيادة من إنتاج النفط الأميركي.
- إنتاج قياسي للولايات المتحدة
وفي تقريرها الشهري أول من أمس (آفاق الطاقة في الأجل القصير)، توقعت إدارة المعلومات أن إنتاج النفط الخام الأميركي سيرتفع 1.26 مليون برميل يوميا إلى 10.59 مليون برميل يوميا بنهاية العام الحالي. وفي الشهر الماضي توقعت الإدارة أن يزيد الإنتاج 970 ألف برميل يوميا على أساس سنوي إلى 10.27 مليون برميل يومياً.
ومن ناحية أخرى، تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن ينمو الطلب على النفط في الولايات المتحدة 450 ألف برميل يومياً، وهو أقل من توقعاتها السابقة التي أشارت إلى نمو قدره 470 ألف برميل يومياً. ورفعت الإدارة قليلاً توقعاتها لنمو الإنتاج في عام 2019، إلى 590 ألف برميل يوميا ليصل إلى 11.18 مليون برميل يومياً. وكانت توقعت الشهر الماضي زيادة قدرها 580 ألف برميل يومياً إلى 10.85 مليون برميل يومياً.
وتتوقع أيضاً أن يرتفع الطلب الأميركي على النفط في 2019 بمقدار 350 ألف برميل يومياً، مقابل 340 ألف برميل يومياً في توقعاتها السابقة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تخطى إنتاج النفط الأميركي مستوى 10 ملايين برميل يوميا للمرة الأولى منذ 1970، واقترب من أعلى مستوى له على الإطلاق.
والولايات المتحدة مستورد صافٍ للطاقة منذ 1953، لكن إدارة المعلومات توقعت في تقريرها الذي صدر أول من أمس أن أميركا ستصبح مصدراً صافياً للطاقة بحلول 2022. وقفزت صادرات الخام الأميركي منذ أن رفعت الولايات المتحدة في أواخر 2015 حظراً على الصادرات استمر عقودا، وهو ما ساعد في دعم الأسعار على الرغم من الزيادة في الإنتاج.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر