بخلاف توقعات الحكومة حول نسبة النمو المرتقبة ضمن إعدادها لقانون المالية للسنة الجارية (3,7 في المائة)، تراهن المندوبية السامية للتخطيط على توقعات بتحقيق “معدل نمو اقتصادي” بالمغرب يصل 3,2 في المائة في عام 2024، حسب ما كشفه أحدَث المؤشرات الماكرو اقتصادية المتضمن ضمن وثيقة “الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2024”.فالأمر يتعلق بـ”تقديرات جديدة للنمو الاقتصادي الوطني لسنة 2023، وبمراجعة توقعات تطوره خلال سنة 2024 وتأثيراتها على التوازنات الماكرو اقتصادية الداخلية والخارجية”.
سيناريوهات وفرضيات
تعتمد الآفاق الاقتصادية الوطنية لسنة 2024 على “سيناريو أقل من متوسط بالنسبة لإنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 2023-2024″، أوضحت المندوبية الإحصائية الوطنية معددة أيضا الاستناد إلى “التدابير والمقتضيات الجديدة المعلَنة في قانون المالية لسنة 2024”.
وذكرت الوثيقة الرسمية أن هذه التوقعات تظل رهينة “مجموعة من الفرضيات المرتبطة بتطور العوامل الخارجية المحيطة بالاقتصاد الوطني، على المستويين الوطني والدولي”.
إعداد الميزانية الميزانية التوقعية يرتهن، أيضا، إلى “الآفاق الاقتصادية العالمية” الصادرة عن مختلف المؤسسات الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية واللجنة الأوروبية والبنك الدولي. كما تعتمد هذه الميزانية على نتائج الحسابات والبحوث الفصلية وعلى أشغال تتبع وتحليل الظرفية التي تقوم بها المندوبية السامية للتخطيط، مع “المعطيات النقدية ومؤشرات المالية العمومية وإحصائيات المبادلات الخارجية، الصادرة –على التوالي– عن بنك المغرب وعن وزارة الاقتصاد والمالية وعن مكتب الصرف”، وفق المصدر عينه.
في هذه النقطة، قالت الوثيقة الرسمية المفصلة إن “الاقتصاد العالمي يتحرك متأثرا بسياق مضطرب، تعكسه التطورات الجيوسياسية”، مضافا إليها “تداعيات تشديد السياسات النقدية واستمرار الضغوطات التضخمية”، خالصة إلى أن “الاقتصاد العالمي سيسجل تباطؤا في نموه الذي تعرف وتيرته تباينا كبيرا بين المناطق الاقتصادية”.
“انتعاش وتحسن وتيرة النمو”
على المستوى الوطني، قالت “مندوبية الحليمي” إن “الأنشطة الاقتصادية عرفت انتعاشا طفيفا سنة 2023″، متأثرة بـ”تباطؤ الطلب الخارجي وبصعوبة تخفيض التضخم وبالظروف المناخية غير الملائمة وكذلك بانكماش القطاع الثانوي”؛ ثم استدركت: “غيْر أن تطور النمو الاقتصادي سيستفيد نسبيا من تحسن الإنتاج الفلاحي ومن تعزيز أنشطة القطاع الثالثي (تجارة وخدمات)”.
ومستفيدا من “دينامية الطلب الخارجي ومن دعم الاستثمار العمومي في سياق الانخفاض المرتقب لمعدل التضخم”، سيسجل النمو الاقتصادي للمغرب خلال 2024 “تحسنا في وتيرته”، وفق المندوبية التي توقعت أن “تفعيل البرامج الاجتماعية التي جاءت في الاستراتيجية الملكية، خاصة تدابير الدعم الاجتماعي المباشر، سيسهم في التخفيف من تأثير التضخم على القدرة الشرائية للأسر المستهدفة، في أفق التحرير المرتقب لأسعار غاز البوتان”.
وزادت شارحة استفادة “دينامية الاقتصاد الوطني من البرامج الاجتماعية (دعم السكن والدعم الاجتماعي المباشر) وأوراش إعادة الإعمار والنهوض بالمناطق المتضررة من الزلزال الأخير بأقاليم في الأطلس الكبير”.
الطلب الموجه نحو المغرب “قد يزداد”
هكذا، تبدو الآفاق الاقتصادي لنمو الاقتصاد المغربي في 2024 معتمدة على “سيناريو أقل من المتوسط لإنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 2023-2024، نظرا لمستوى التساقطات المطرية وتوزيعها الزمني والجغرافي إلى حدود نهاية شهر دجنبر 2023”.
في هذا الصدد، توقعت المندوبية “زيادة القيمة المضافة للأنشطة الفلاحية بـ2,5 في المائة سنة 2024، لتبلغ مساهمتها في نمو الناتج الداخلي الإجمالي حوالي 0,3 نقطة”. وبناء على تطور أنشطة الصيد البحري، ستُفرز القيمة المضافة للقطاع الأولي “تحسنا” بـ2,7 في المائة سنة 2024 عوض ارتفاع بـ6,7 في المائة المقدرة سنة 2023.
أما الأنشطة غير الفلاحية فإن نموها سيتسارع بمعدل 3,2 في المائة سنة 2024 عوض 2,7 في المائة في 2023، مدعومة بـ”مواصلة القطاع الثالثي لنتائجه الجيدة وبانتعاش القطاع الثانوي”.
وبناء على احتساب “تطور الطلب الداخلي والخارجي”، أردفت مندوبية التخطيط أن “القيمة المضافة لأنشطة القطاع الثانوي -أي الصناعات– ستسجل تحسنا بـ2,8 في المائة سنة 2024 بعد انخفاضها بـ0,4 في المائة في العام الماضي، مستفيدة (أساسا) من “التأثير الإيجابي للانتعاش المرتقب لقطاع البناء وأنشطة المعادن وأنشطة الصناعات التحويلية”.
انتعاش الصناعات خصوصا البناء
كما ستسجل الأنشطة الصناعية زيادة بـ2,7 في المائة سنة 2024 عوض 0,6 في المائة سنة 2023، نظرا للانتعاش المرتقب للصناعات الكيمياوية وتعزيز صناعات السيارات لوتيرة نموها. وسيعرف قطاع المعادن زيادة بـ3,9 في المائة سنة 2024 عوض انخفاضات بناقص 4,2 في المائة سنة 2023 وناقص 9,4 في المائة سنة 2022، مستفيدا من “انتعاش الطلب الخارجي (لاسيما الوارد من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في سياق الانخفاض المتوقع للأسعار العالمية للفوسفاط ومشتقاته”.
الانتعاش لن يَشذ عن قطاع البناء والأشغال العمومية (BTP) خلال سنة 2024، مستفيدا من “الزيادة في الاستثمار العمومي خاصة في البنية التحتية ومن تنفيذ برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن، الذي يهدف إلى تحديث مقاربة الحصول على المِلكية العقارية ودعم القدرة الشرائية للأسر عن طريق مساعدة مالية مباشرة”.
وفسرت الـ”HCP” تطور أنشطة البناء بتنفيذ “برنامج إعادة إعمار وتهيئة المناطق المتضررة من زلزال الحوز، المرصود له غلاف مالي بـ120 مليار درهم بين 2024-2028″؛ ما يرفع “القيمة المضافة لقطاع البناء والأشغال العمومية بـ2,8 في المائة عوض انخفاضات متتالية قُدرت بـ1,3 في المائة سنة 2023 و3,6 في المائة سنة 2022”.
نتائج جيدة للسياحة والخدمات
أنشطة القطاع الثالثي ستواصل، حسب المصدر الإحصائي نفسه، “دعمها للنمو الاقتصادي”، مستفيدة من انتعاش الطلب الداخلي نتيجة تحفيزات برامج الدعم العمومي؛ لتسجل قيمتها المضافة سنة 2024، زيادة بـ3,4 في المائة عوض 4 في المائة في 2023. وتُعزى هذه الوتيرة إلى “النتائج الجيدة لأنشطة القطاع السياحي والنقل، وكذا التحسن المرتقب للأنشطة المالية والعقارية”.
في ظل هذه الظروف وبناء على التطور المرتقب للضرائب والرسوم على المنتجات الصافية من الإعانات بـ3,2 في المائة، سيسجل الناتج الداخلي الإجمالي زيادة بـ3,2 في المائة سنة 2024 عوض 2,9 في المائة المقدرة سنة 2023.
وبناء على زيادة الناتج الداخلي الإجمالي الاسمي بـ6 في المائة سنة 2024، “سيستقر التضخم المُقاس بالسعر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي في حدود 2,8 في المائة سنة 2024 عوض 4,5 في المائة المقدرة سنة 2023 و3,1 في المائة المسجلة سنة 2022″، خلصت الوثيقة الاستشرافية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
المندوبية السامية للتخطيط تتوقع نمو الاقتصاد المغربي في 2024
المندوبية السامية للتخطيط تكشف تحسن نمو اقتصاد المغرب في الفصل الثالث من العام
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر