توقّعت منظمة التجارة العالمية الثلاثاء، أن يتراجع مستوى النمو التجاري في العالم عام 2019، مقارنة بالعام الماضي، مرجعة ذلك إلى "التوترات" وضبابية الوضع الاقتصادي، وذلك بعدما توقّعت في تقديراتها الأولية أن تزداد التجارة هذا العام بنسبة 3.7 في المائة، لكنها راجعت من هذا الرقم إلى 2.6 في المائة، وهو تراجع عن النمو بنسبة ثلاثة في المائة والذي تم تسجيله في 2018.
وقالت المنظمة، ومقرها جنيف، إن "التجارة العالمية ستظل تواجه رياحًا معاكسة قوية في 2019 و2020"، وتحدثت عن تباطؤ بأكثر من المتوقع في النمو في عام 2018 "نتيجة لتصاعد التوترات التجارية وتزايد حالة الغموض الاقتصادي"، مشيرة إلى أن التجارة تأثرت سلبًا بسبب رسوم جمركية جديدة وإجراءات انتقامية وضعف النمو العالمي والتقلبات في أسواق المال والتشديد النقدي في الدول المتقدمة.
وأكد المدير العام لمنظمة التجارة العالمية روبرتو أزيديفو للصحافيين في جنيف أنه "يجب ألا يتفاجأ أحد من حقيقة أن لا أخبار رائعة لدينا إذا كان يقرأ الصحف على مدى الأشهر الـ12 الماضية".
وفي توقعاتها السنوية الرئيسية، جدّدت المنظمة المُكوّنة من 164 عضوًا التعبير عن قلقها بشأن التهديدات الممنهجة التي قد تواصل تعطيل الاقتصاد العالمي، وتحديدًا الرسوم الانتقامية التي فرضتها كل من الولايات المتحدة والصين على الأخرى، وبينما وردت مؤشرات على إمكانية نجاح المحادثات الجارية بين واشنطن وبكين في وقف معركة الرسوم، إلا أن الإطار الزمني بشأن احتمال التوصل إلى اتفاق لا يزال غير واضح.
ولدى سؤاله بشأن إن كان يعتقد أنه سيكون بإمكان أي الطرفين الخروج منتصرا من النزاع التجاري بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، رد أزيديفو بالقول "سيكون هناك الكثير من الخاسرين". وأضاف في بيان أن ذلك يعني أن حل الخلافات بات مسألة "ملحة بشكل متزايد"، مشددا على أن المنظمة الدولية "تأمل بكل تأكيد سماع أخبار جيدة".
وقبل عام، توقعت المنظمة أن تبلغ نسبة النمو التجاري 4.4 في المائة عام 2018. وأشار خبراء اقتصاد لدى منظمة التجارة العالمية إلى أن الرقم النهائي كان أقل بنسبة 1.4 في المائة عن التقديرات الأولية، وهو ما يؤكد على المخاطر السلبية الكبيرة التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي، كما أفادت المنظمة أن المخاطر السلبية تتخطى مجددًا هذا العام الاحتمالات الإيجابية، لكن النمو قد يفوق التوقعات في 2019 في حال تم "تخفيف التوترات" عبر خطوات تشمل خصوصًا إلغاء التدابير التجارية التقييدية.
وقال كبير الاقتصاديين بالمنظمة روبرت كوبمان، إن الأسوأ قد يكون قادما، وقد يكون التأثير أكبر إذا مضى الرئيس ترامب قدما في خطة لفرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات السيارات في وقت لاحق هذا العام، وقال "التجارة الأميركية الصينية تشكل نحو ثلاثة في المائة من التجارة العالمية. تجارة السيارات عالميا تشكل نحو ثمانية في المائة من التجارة العالمية. لذا يمكنك تصور أن تأثير الرسوم الجمركية على السيارات سيكون أكبر من تأثير النزاع التجاري الأميركي الصيني... أعتقد أنه من الواضح تماما أن أي رسوم جمركية على السيارات سيكون لها على الأرجح تأثيرات أشد سلبا على الاقتصاد العالمي مما نراه من النزاع الأميركي الصيني".
بدوره، أوضح خبير الاقتصاد لدى المنظمة كولمان ني للصحافيين أن التوقعات التي نشرت الثلاثاء مبنية على مضي بريكست قدما "بشكل سلس نسبيا" خلال العامين المقبلين. وأضاف أن مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي من دون اتفاق انسحاب، أو السيناريوهات الأخرى التي لا تزال مطروحة بشأن بريكست، سيؤثران على التجارة الدولية. وقال: "الوضع متقلب للغاية. علينا الانتظار لمعرفة النتيجة النهائية" قبل التمكن من فهم تأثير بريكست على التجارة العالمية بشكل كامل.
وواجهت منظمة التجارة العالمية التي تعمل على خلق توازن في الساحة التجارية الدولية انتقادات غير مسبوقة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي اتهمتها بالتعامل مع واشنطن بشكل غير منصف.
وشدّد أزيديفو على أن منظمته تهدف إلى مساعدة الدول على العمل بشكل مشترك لتحسين المناخ التجاري العالمي، لكنه أكد أنه عندما تتفاقم التوترات، تميل الدول "للعمل بشكل أحادي".
وقالت المنظمة إنه رغم أن حجم التجارة العالمية لم يزد إلا بمعدل بطيء في 2018، فإن قيمتها بالدولار ارتفعت عشرة في المائة إلى 19.48 تريليون دولار، مما يرجع في جزء منه إلى ارتفاع أسعار النفط 20 في المائة.
ونمت قيمة تجارة الخدمات التجارية بنسبة ثمانية في المائة إلى 5.80 تريليون دولار في 2018 مدفوعة بنمو واردات قوي في آسيا. ومن المتوقع أن تنمو أحجام تجارة السلع بشكل أقوى في الاقتصادات النامية هذا العام، لتحقق 3.4 في المائة نموا في الصادرات مقارنة مع 2.1 في المائة في الاقتصادات المتقدمة.
قد يهمك ايضا :
نمو التجارة بين روسيا والولايات المتحدة رغم العقوبات
نمو التعامل التجاري بين ايران وقيرغيزستان بنسبة 12% في 2018
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر