واشنطن ـ المغرب اليوم
بلغ عائد السندات الأميركية لأجل 10 أعوام أعلى مستوى منذ 7 أعوام، وبذلك تتسع الفجوة مع السندات الأوروبية لنفس الاستحقاق، ولم يبلغ الاتّساع هذا المستوى منذ ربع قرن تقريبا، وتفسير هذا الواقع غير المسبوق يكمن في الاختلاف بين سياستين نقديتين على ضفتي الأطلسي.
ويؤكّد مديرو أصول وأدوات الدخل الثابت أن منسوب التوتر يرتفع نسبيا في سوق السندات، بعد أن بلغ العائد على السندات الأميركية لأجل 10 أعوام نحو 3.1 في المائة الأربعاء، وهو الأعلى منذ 7 أعوام على الأقل، ويتوقّع المديرون وصول العائد إلى 3.5 في المائة قبل نهاية العام.
أما الأسباب فتكمن، برأيهم، في رفع الفائدة التدريجي الذي بدأه الاحتياطي الفيدرالي والذي يصاحبه ارتفاع نسبي في التضخم فضلا عن عوامل متعلقة بالتوقعات الاقتصادية. في المقابل، هذا الواقع ليس نفسه في منطقة اليورو التي فوجئت بظهور أرقام اقتصادية غير مشجعة، مثل تباطؤ النمو في الربع الأول من العام الحالي وهو ما يفرض الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات متدنية.
ويجمع مديرو الأصول على أن الأسواق تشهد شهية مستثمرين مفتوحة الآن على الملاذات الآمنة مع عودة التوتر العالي الخاص بالملف النووي الإيراني، وفي موازاة سير المفاوضات الأميركية المعقدة مع كوريا الشمالية، علما بأن الدين الأميركي يعتبر الأكثر أمانا في العالم ويجذب المستثمرين دائما، وبخاصة أنهم يعتقدون الآن بأن العائد سيرتفع أكثر، وفق تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط، فخلال مؤتمر نظمته "بلومبيرغ" في سيدني الأسبوع الماضي، توقع روبير ميد المسؤول عن منطقة آسيا - الباسيفيك في عملاق حيازة السندات العالمية "بيمكو" بأن يرتفع العائد إلى 3.5 في المائة من الآن حتى نهاية العام، أما بالنسبة إلى شركة "فرانكلين تمبلتون للاستثمارات" فالعائد المتوقع في المدى القصير مرجح عند 4 في المائة، وبذلك يتسع الفارق كثيرا مع السندات الأوروبية، فسندات "البوندسبنك" الألمانية لعشرة أعوام على سبيل المثال لا تمنح الآن عائدا أعلى من 0.53 في المائة، والفرنسية 0.83 في المائة، كما في بداية التداول الأربعاء، والهامش بينها وبين السندات الأميركية يبلغ 240 نقطة أساس على الأقل، علما بأن الفارق في فوائد سندات المدى القصير (استحقاق 24 شهرا) بين ألمانيا والولايات المتحدة يكبر ليصل إلى هامش 320 نقطة أساس، أي الأعلى منذ عام 1988.
ويذكر مدير محفظة سندات دولية أنه عندما كان يتسع الهامش عادة ليبلغ أكثر من 100 نقطة أساس، كان المستثمرون تاريخيا يراهنون على جهد حثيث وطارئ من السلطات المعنية لمواءمة الفوائد نسبيا: "لكن هذه الآلية التي عملت طويلاً لا تعمل هذه الأيام"، كما يقول.
ويضيف: "هذا الواقع غير المسبوق يفسر أولا باختلاف شبه جذري نادر بين السياستين النقديتين على ضفتي الأطلسي. اختلاف بدأ يتجذر منذ بداية العام، فالاحتياطي الفيدرالي الأميركي يتوقع رفع الفائدة تدريجيا لتبلغ 2.9 في المائة مع نهاية 2019. مقابل 1.5 إلى 1.75 في المائة حاليا. في المقابل، في أوروبا لا يتوقع أكثر المتفائلين بدء رفع الفائدة على اليورو قبل الفصل الثاني من العام المقبل".
العامل الآخر الذي يلعب دورا في اتساع الهامش هو التوقعات الإيجابية للاقتصاد الأميركي، فالمؤشرات جيدة في مجملها مقابل خيبات أمل اقتصادية في أوروبا بعدما كان السياسيون والاقتصاديون الأوروبيون أشاعوا توقعات متفائلة، فأتت أرقام النمو في الربع الأول لتخيب آمالهم، وهذا سبب كاف للإبقاء على معدلات الفائدة منخفضة، وإرجاء رفعها حتى لا يتأثر النمو الاقتصادي المرجو.
إلى هذه الأسباب الهيكلية تضاف عناصر موسمية، مثل أن المستثمرين الأجانب في السندات الأميركية كانوا يميلون إلى البيع أكثر من الشراء، إذ سجل مارس/ آذار الماضي فارقاً بنحو 5 مليارات دولار بين الحيازة والتسييل، وهو ما جعل الخزانة في وضع غير مريح لأنها بصدد إصدارات قيمتها تريليون دولار في الأشهر الـ12 المقبلة.
وفي سوق المشتقات، تتزايد حالات البيع على المكشوف للديون الأميركية لأن المستثمرين يراهنون على صعود العوائد أكثر: "فنراهم ينتظرون قليلا الآن وهم بذلك يغذون الارتفاع"، وفقا لمديري الأصول المالية. وبنتيجة هذا التريث ستترفع الفوائد الأميركية أكثر ويتسع الهامش مع الأوروبية أكثر فأكثر، واعتبارا من 3.2 في المائة إلى 3.3 في المائة ستعتبر العوائد جاذبة جدا للمستثمرين لزيادة حيازتهم من السندات الأميركية وعلى رأس هؤلاء صناديق التقاعد.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر