افتتح مؤشر «داو جونز» مساء الأربعاء رسميا مرحلة «السوق الهابطة»، أو ما يعرف باسم «سوق الدببة»، حين تراجع بأكثر من 20 في المائة مقارنة بآخر سعر قياسي حقّقه، لتلاحقه الأسواق العالمية الكبرى يوم الخميس.وسجّلت بورصة نيويورك تراجعا جديدا الأربعاء، ما يضع حدا لفترة خالية من أزمات كبرى في «وول ستريت» استمرت أكثر من عشر سنوات، هي الأطول في تاريخ السوق التي تعاني من تداعيات الهلع من تفشي فيروس كورونا.
وبحسب الأرقام الأولية للجلسة الختامية يوم الأربعاء، هبط مؤشر داو جونز الصناعي 5.9 في المائة إلى 23553.22 نقطة، أي متراجعا بأكثر من 20 في المائة مقارنة بآخر سعر قياسي حقّقه في فبراير (شباط) الماضي.
والخميس، تراجع المؤشران ستاندرد آند بورز 500 وناسداك مع الافتتاح 20 في المائة عن الذروة المسجلة لهما في إغلاق 19 فبراير الماضي، ما يدخلهما في نطاق المراهنة على انخفاض الأسعار. ولاحقا تم تعليق التداولات في بورصة وول ستريت بعد انهيار مؤشراتها الرئيسية الثلاثة بنسبة 7 في المائة، تفاعلا مع قرار الرئيس دونالد ترمب الصادم بتعليق جميع الرحلات القادمة من أوروبا.
وتأتي نتائج البورصة على خلفية تداعيات تفشي فيروس كورونا التي دفعت إلى إلغاء عدد من الأحداث والمناسبات في الولايات المتحدة والعالم. والأربعاء أعلنت منظّمة الصحة العالمية أنّها باتت تعتبر فيروس كورونا المستجدّ الذي أصاب أكثر من 110 آلاف شخص حول العالم منذ ديسمبر (كانون الأول) 2019 «جائحة» أو «وباء عالميا».
وكانت الأسواق العالمية انتعشت جزئيا الثلاثاء على خلفية ارتفاع أسعار النفط والتفاؤل باتخاذ إجراءات مالية لدعم النشاط الاقتصادي والاستهلاك. والأربعاء أكد وزير الخزانة ستيفن منوتشين أن الإدارة الأميركية تعمل «على مدار الساعة» لوضع خطة لدعم الاقتصاد الوطني في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجدّ، ولكنها على ما يبدو تواجه صعوبات لصوغ استجابة تكون على مستوى التحدّي.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا وباء للمرة الأولى الأربعاء، مضيفة أن إيطاليا وإيران على خط المواجهة الآن مع المرض وأن دولا أخرى ستلحق بهم سريعا. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن واشنطن ستعلق معظم السفر من أوروبا، باستثناء المملكة المتحدة، إلى الولايات المتحدة لمدة 30 يوما اعتبارا من الجمعة. كما أعلن الرئيس عن بعض الخطوات الأخرى، بما في ذلك توجيه وزارة الخزانة بإرجاء بعض المدفوعات الضريبية على كيانات تضررت بفعل الفيروس.
لكن المستثمرين لم يقتنعوا تقريبا بأن من شأن تلك الإجراءات إحداث نقلة في الاقتصاد العالمي مع تنامي المخاوف من أن أعداد الإصابات قد ترتفع سريعا في عدة دول.
وتراجعت الأسهم الأوروبية إلى أدنى مستوى في نحو أربع سنوات الخميس، بمتوسط خسائر حول 10 في المائة في كل مؤشراتها الكبرى بعدما هزت قيود على السفر فرضها الرئيس ترمب المستثمرين. وفي الساعة 14:04 بتوقيت غرينتش نزل المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 10 في المائة مع هبوط المؤشرات الفرعية لأسهم قطاعي السفر والترفيه والطاقة بما بين 20 و30 في المائة، لتصل إلى أدنى مستوياتها في أكثر من ست سنوات.
ومقارنة ببداية العام، انخفضت جميع المؤشرات الأوروبية الرئيسية بنحو 25 في المائة حتى الآن فيما يمثل انهياراً فعلياً. وسجّلت بورصتا باريس وفرانكفورت تراجعاً بنسبة تفوق 10 في المائة في مداولات بعد ظهر الخميس بعد أن كشف البنك المركزي الأوروبي عن سلسلة تدابير من أجل دعم اقتصاد منطقة اليورو إلا أنه لم يعمد إلى خفض معدلات الفائدة.
وتراجع مؤشر كاك 40 بنسبة 10.2 في المائة إلى 4142.13 نقطة حوالي الساعة 1340 بتوقيت غرينتش، فيما أنهار مؤشر داكس 30 في فرانكفورت بنسبة 10.3 في المائة إلى 9360.58 نقطة، وهذا هو أول انخفاض للمؤشر تحت 10000 نقطة منذ صيف عام 2016.
وفي آسيا، انخفضت الأسهم اليابانية الخميس، فيما بلغت مؤشرات رئيسية أدنى مستوى في ثلاث سنوات. وتراجع المؤشر نيكي القياسي 4.4 في المائة إلى 18559.63 نقطة، وهو أدنى مستوى إغلاق منذ أبريل (نيسان) 2017، والانخفاض هو ثاني أكبر هبوط في يوم واحد في 15 شهرا، ودفع المؤشر إلى منطقة «سوق هابطة» مسجلا انخفاضا بنسبة 23 في المائة عن ذروة بلغها في 17 فبراير.
وقفز مؤشر للتقلب في نيكي، الذي يقيس توقعات المستثمرين للتقلب بناء على خيارات تسعير، بأكثر من عشرة في المائة إلى 52.09. وهو أعلى مستوياته منذ مارس (آذار) 2011 حين ضربت اليابان زلازل كبيرة وأمواج مد عاتية (تسونامي).
ونزل المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 4.1 في المائة إلى 1327.88 نقطة، وهو أدنى مستوى إغلاق منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، ليتراجع أكثر في سوق تميل إلى الهبوط. ونزلت جميع مؤشرات القطاعات الفرعية في بورصة طوكيو البالغ عددها 33. مع تضرر قطاعات النقل والنقل الجوي والتعدين بالقدر الأكبر.
وتراجع مؤشر كوسبي في بورصة كوريا الجنوبية بنسبة 3.87 في المائة، وتراجع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 1.52 في المائة. وسجلت الأسهم الهندية أمس أكبر تراجع لها على الإطلاق؛ حيث تراجع مؤشر سينسيكس، المؤلف من 30 شركة، إلى 32990.01 نقطة في التعاملات الصباحية.
> الدولار يتراجع بفعل الإحباط والذهب يرتفع بالمخاوف:
وفي سوق المعادن الثمينة، ارتفع الذهب الخميس بفعل مخاوف حيال التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا في الوقت الذي علقت فيه الولايات المتحدة السفر من أوروبا التي أصابها الفيروس، بينما نزل البلاديوم نحو ستة في المائة إذ يهدد التفشي الطلب على المعدن المُستخدم في الحفز الذاتي.
وارتفع الذهب في التعاملات الفورية 0.5 في المائة إلى 1642.46 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 08:54 بتوقيت غرينتش. ولم يطرأ تغير يُذكر على العقود الأميركية الآجلة للذهب عند 1642.20 دولار.
وقال كايل رودا المحلل لدى آي.جي ماركتس إن حظر السفر «مفاجأة كبيرة وصدمة ضخمة للسوق»، ويُظهر أن المستثمرين لم يروا بعد التبعات الاقتصادية الكاملة لتفشي فيروس كورونا. وأضاف رودا أنه على الجانب الآخر، يبيع المتعاملون الذهب لتمويل مراكز شراء بالهامش مما يكبح مكاسب المعدن الأصفر.
لكن المعدن النفيس قلص بعض المكاسب من قفزة بنسبة 0.9 في المائة سجلها في وقت سابق خلال جلسة متقلبة، واستقر عند ما يقل كثيرا عن ذروة سبع سنوات البالغة 1702.56 دولار والتي سجلها يوم الاثنين.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفض البلاديوم 3.2 في المائة إلى 2232.09 دولار، بعد أن هبط بما يصل إلى 5.9 في المائة إلى أدنى مستوى في شهرين تقريبا. ونزل المعدن نحو 22 في المائة منذ أن بلغ أعلى مستوى على الإطلاق عند 2875.50 دولار في 22 فبراير، فيما بدأت مخاوف الطلب تطغى على نقص حاد في الإمدادات للمعدن. وتراجعت الفضة 0.4 في المائة إلى 16.69 دولار بينما نزل البلاتين 0.9 في المائة إلى 825.51 دولار.
من جانبه، تراجع الدولار الخميس في تحول شديد آخر يضع في الحسبان المزيد من التخفيضات بأسعار الفائدة في الولايات المتحدة، إذ أضعف الرئيس ترمب ثقة السوق بخطة لمواجهة فيروس كورونا تنقصها التفاصيل.
وانخفض الدولار واحدا في المائة إلى 103.32 ين، وتراجع بما يصل إلى 0.6 في المائة إلى 1.1333 مقابل اليورو وخسر 0.6 في المائة أمام الفرنك السويسري الذي يُعد ملاذا آمنا.
وتأثرت عملات عالية المخاطر إذ أدت حالة التخوف إلى نزول الدولار الأسترالي 0.6 في المائة، وتراجع الوون الكوري الجنوبي واحدا في المائة وانخفاضه أكثر أمام الين المرتفع.
وعلق موه سيونغ سيم الخبير الاستراتيجي في العملات ببنك سنغافورة، على إجراءات ترمب قائلا: «كانت السوق تتطلع للمزيد». وأضاف أن «حظر السفر جزء من الحل، لكن الأجزاء الأكثر أهمية لا تزال ناقصة. وهي في الحقيقة الإجراءات المتعلقة بالصحة العامة: إجازات مرضية مدفوعة الأجر وفحوص وعلاج بالمجان».
وفي أحدث تعاملات، ارتفع الين 0.8 في المائة أمام الدولار وصعد أمام عملات أخرى، حيث زاد واحدا في المائة تقريبا أمام الدولارين الأسترالي والنيوزيلندي وارتفع اثنين في المائة أمام الوون. واستقر اليورو عند نحو 1.1296 دولار، بينما سجل الجنيه الإسترليني 1.2803 دولار، مقتربا من أدنى مستوى خلال الأسبوع.
وقد يهمك ايضا:
"الباطرونا" تدعو إلى تدابير وقائية ضد "كورونا" داخل مقرات العمل
الإقبال الأجنبي يرفع صادرات المغرب في صناعة وتسويق الأحذية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر