الرباط - المغرب اليوم
كتب الدبلوماسي الأمريكي، جون أبيندار، المدير التنفيذي للمركز المغربي الأمريكي للتجارة والاستثمار، مقالا مطول قارن فيه إجراءات احتواء تفشي فيروس كورونا في كل من المغرب والجزائر وتونس.فبخصوص الحالة المغربية، أكد جون أبيندار أن ” استراتيجية الملك محمد السادس لاحتواء تفشي وباء كورونا لاقت اجماعا كبيرا، رغم أن هناك مخاوف من أن القيود المستمرة على التحرك في ظل حالة الطوارئ الصحية قد تؤثر بشكل كبير، وقد أثرت على التحويلات المالية والسياحة والنقل وخدمات الضيافة”.
وأشار الى أن المواطنين المغاربة تعاملوا مع التباعد الاجتماعي وانعدام الاتصال بشكل جيد إلى حد ما في الوقت الحالي، وبطريقة ما ، ساعد رمضان على الرغم من أن إغلاق المساجد والتوافر غير المتناسق للمواد الغذائية والأدوية يولدان معارضة. مع استمرار إجراء المزيد من الاختبارات وتوسيع نطاق الوصول إلى المناطق القروية، فقد يزيد عدد الحالات إلى حد يتجاوز قدرة نظام الصحة العمومية.
وأضاف أن المغرب اسوة بعدد من البلدان يواجه قدراً كبيراً من عدم اليقين الاقتصادي، حيث تجاوزت البطالة حسب الأرقام الرسمية 700000 مع إغلاق حوالي 113000 شركة منذ 20 مارس.
وفيما يخص الجزائر، اعتبر الدبلوماسي الأمريكي أن الجزائر، و مع انخفاض الطلب على الغاز والنفط في جميع أنحاء العالم، أضحت معرضة بشكل خاص للصدمات الاقتصادية التي تعطل قدرتها على تقديم الدعم والخدمات، كما أن تخفيضات الميزانية الوطنية المعلنة بنسبة 30٪ قد تؤخر فقط الاستنزاف المحتوم للاحتياطيات الأجنبية ، مما سيجبر الحكومة الجزائر على التماس المساعدة الخارجية التي قد تكون مزعجة للغاية إذا أزعجت الترتيبات القائمة بين الشركات الكبرى والعسكريين والمسؤولين الحكوميين.
من جانبها، حشدت تونس مواردها البشرية الغنية للمساعدة في مكافحة جائحة كورونا، حيث يعمل طلاب الهندسة والصحة ومبتكرو التكنولوجيا على مجموعة متنوعة من المعدات وبرامج تكنولوجيا المعلومات لتعزيز قدرة البلاد على مكافحة الفيروسات. فعلى سبيل المثال، كما هو الحال في المغرب، يمتلك التونسيون الآن أجهزة تهوية مُصنعة محليً ، ومعدات الوقاية الشخصية، وغيرها من المعدات الحيوية للحماية والعلاج. قام معهد باستور في تونس بالفعل بفك تشفير السلالة المحلية للفيروس ، وهو أمر بالغ الأهمية لتطوير لقاح. ويمضي الفنيون قدما في تطبيق الذكاء الاصطناعي لتحديد العلامات المبكرة للفيروس من خلال الأشعة السينية.
وخلص جون أبيندار بالقول :” الطريقة التي ستخرج بها هذه البلدان من هذا الوباء ستشكل مستقبلها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي مع القليل من التأكيدات بأن العقود الاجتماعية، التي توترت في العقد الماضي”، مضيفا :” أدى سوء الإدارة الاقتصادي وقلة الاستثمار في البنية التحتية والتنمية البشرية إلى أنظمة تتميز بعدم المساواة وعدم الاستقرار الاجتماعي. قد تكون حكومات الدول الثلاث قادرة على إعادة اختراع نفسها على المدى القصير ، ولكن أبعد من ذلك فإن عواقب أخطائها قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار”.
ففي الوقت الذي يبدو فيه المغرب الأكثر استقرارًا بناءً على قاعدته الاقتصادية الأكثر تنوعًا وقيادة الملك، فان هناك مشاكل لازالت تطفو على السطح من قبيل، نظام سياسي ضعيف، وتفاوت كبير في الثروة، والعديد من التعهدات التي لم يتم الوفاء بها من قبل الحكومة الحالية، علاوة على استمرار البطالة في صفوف الشباب. معطيات تبدو صحيحة أيضا في الجارة تونس، باستثناء أنها تفتقر إلى سلطة وطنية موحدة وتعاني من خلل مستمر في النظام السياسي والاقتصاد المتعثر.
أما الجزائر، فسيتعين على النظام الأكثر قمعاً، أن تواجه حراك بالتأكيد بمجرد أن تتلاشى العدوى بالفيروس ويعود المتظاهرون إلى الشوارع. قد تكون مطالبهم ، مثل الآخرين ، حكومة مفتوحة وفعالة وشفافة وجهود كبيرة لخلق وظائف وتنويع الاقتصاد خارج نطاق القيادة السياسية التقليدية.
إن ما ينتظر الجزائر والمغرب وتونس سيحدده إلى حد كبير مستوى الثقة التي تستطيع الحكومات بناءها مع ناخبيها على أساس كيفية مكافحة الفيروس وحماية المحتاجين وتطوير قطاعات صحية أكثر شمولاً والعمل بشفافية من أجل تعزيز الانتعاش الاقتصادي. هذه ظاهرة عالمية ولكنها حاسمة بشكل خاص في البلدان التي تكافح من أجل البقاء.
قد يهمك ايضا :
المغرب يحتل المرتبة الرابعة في مؤشر "القوة المالية للدول الناشئة" عربيًا
دراسة ترصد أن الجفاف ووباء "كورونا" قد يعصفان بالإقتصاد المغربي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر