ظل هاجس تقليص فجوة السكن في المغرب من المخططات التي سعت الحكومة إلى تحقيقها، بسن مجموعة من الخطط والبرامج السكنية لتيسير ولوج مختلف الفئات الاجتماعية إلى مساكن لائقة.
وقد اعتمدت وزارة الإسكان في هذا الإطار، برنامج السكن الاقتصادي أو السكن الاجتماعي الموجه للفئات التي لا تتوفر على سكن أو الفئات ذات الدخل المحدود، وكان مفروضا أن ينتهي العام الماضي.
ويعد السكن الاقتصادي أو الاجتماعي بالمغرب، تجمعا سكنيا يتوفر على العديد من الشقق التي لا يجب أن تقل مساحتها عن 50 مترا، وألا تزيد عن 80 مترا، ويحدد ثمن الشقة في 250 ألف درهم (نحو 28 ألف دولار)، دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة.
وكانت وزيرة التعمير والإسكان، نزهة بوشارب، أكدت في تصريح سابق، أن "مختلف البرامج السكنية مكنت من تقليص العجز المسجل من 1.2 مليون وحدة إلى حوالي 380 ألف وحدة حاليا".
في آخر دراسة تقييمية لها حول برنامج السكن الاجتماعي، كشفت الوزارة الوصية أن البرنامج السكني "حدد هدف 300 ألف وحدة في أفق 2020"، موضحة أنه "تحقق من هذا الهدف أكثر من 122 في المائة نهاية عام 2017".
بشكل أكثر تفصيلا، أكدت الدراسة أن "عدد الوحدات المنجزة بين 2010 و2017 بلغت 366 ألفا و462 وحدة، فيما تعد 212 ألف و660 وحدة سكنية في طور الانجاز".
وتتمركز غالبية وحدات السكن الاقتصادي والاجتماعي المنجزة في "جهات الدار البيضاء-سطات (غرب) بنسبة 70 بالمئة، تليها جهة طنجة-تطوان-الحسيمة (شمال) بنسبة 13 في المئة، ثم جهة العاصمة الرباط ومحيطها بنسبة 12 في المئة".
كما أشارت دراسة وزارة الإسكان والتعمير، إلى أن "السكن الاجتماعي يندرج في إطار سياسة استباقية للدولة، إذ يشهد الأثر الاجتماعي للإنجازات المسجلة أهمية تنفيذها في إطار هذا البرنامج".
يرى نائب رئيس الاتحاد الوطني لصغار المنعشين العقاريين محمد الدهبي أن "الدولة تمكنت من تحقيق أهدافها بخصوص السكن الاقتصادي بقيمة 250 ألف درهم، بخلاف ما يتعلق بالسكن المنخفض التكلفة بقيمة 140 ألف درهم".
وأوضح الدهبي لوسائل إعلامية، أن الحكومة "خصصت تحفيزات مشجعة على اقتناء السكن الاقتصادي، وكذا بالنسبة للمستثمرين الخواص من خلال إعفاءات ضريبية".
وتساهم الدولة بملغ 40 ألف درهم عن كل شقة في السكن الاقتصادي أو الاجتماعي، إذ تصبح القيمة الحقيقة للشقة هي 290 ألف درهم باحتساب ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى الضمانات التي تقدمها الحكومة للبنوك من أجل تمكين المواطنين بقروض لاقتناء السكن الاقتصادي أو الاجتماعي.
من جانبه، اعتبر وديع مديح، الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك، أنه فعلا "استطاع برنامج السكن الاجتماعي والاقتصادي أن يخفض من الضغط عن السكن".
وتابع الفاعل المدني، في حديثه لوسائل إعلامية ، أن هذا النوع من السكن "عرف طفرة مهمة في فتح المجال أمام شريحة من المستهلكين أو المواطنين من أن يستفيدوا من السكن، خصوصا الفئات ذات الدخل المتوسط أو الدخل الضعيف".
إذا كانت هذه الخطة الحكومية للإسكان قد خفضت من الضغط على السكن، إلا أن "أزمة السكن ما زالت تزداد حدتها في المغرب، باعتبار السكن الاقتصادي أو الاجتماعي يعاني من بعض الاختلالات"، وفقا للكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك.
ورصد المتحدث نفسه، أن السكن الاقتصادي والاجتماعي "كرّس على المستوى الاجتماعي حالة اجتماعية خطيرة جدا في البلاد، إذ ظهرت بؤر خطيرة تتسم بمناخ غير ملائم لتربية الأجيال في المناطق التي ينتشر فيها هذا السكن".
كما يسجل وديع مديح "غياب تنزيل حقيقي للمواد القانونية المعنية بحماية المستهلكين، خصوصا قانون البيع في طور الإنجاز، إلى جانب مشاكل جودة المنتوج السكني وخدمة ما بعد البيع".
هذا المعطى سجلته الدراسة التي أنجزتها وزارة الإعمار والسكنى، من خلال تعبير نسبة مهمة من المستجوبين عن عدم رضاهم من السكن الاجتماعي أو الاقتصادي بلغت حوالي 62 في المئة.
المستثمرون في فوهة المدفع
في الغالب ما يوجد المستثمرون في مجال العقار في فوهة مدفع انتقادات المواطنين الذين اشتروا شققا من السكن الاقتصادي والاجتماعي، ويتهمونهم بإنتاج شقق لا تحترم الشروط المتفق عليها مسبقا، خصوصا على مستوى الجودة.
يتفق الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك وديع مديح مع "انتقادات المستهلكين، بالنظر إلى أنه لا يمكنهم مواجهة هؤلاء المنعشين، بالرغم من وجود تعسفات كثيرة وعدم احترام القوانين وجودة المنتوج".
وحمل وديع مديح "المسؤولية للحكومة بشأن السكن الاقتصادي والاجتماعي، سواء من الناحية الاقتصادية أو من الناحية الاجتماعية أو من جانب حماية المستهلكين، لأن غياب مراقبة الحكومة تمكن هؤلاء المنعشين العقاريين بالقيام بخروقات في حق فئة هشة".
في المقابل، يشدد نائب رئيس الاتحاد الوطني لصغار المنعشين العقاريين بأنه "لا يمكن أن نوجه أصابع الاتهام دائما للمنعشين العقاريين".
وبين نفس المصدر، أن هؤلاء المستثمرين في مجال العقار "ينجزون هذا النوع من السكن الاجتماعي والاقتصادي في إطار دفتر تحملات، يلزمهم بإحداث مكاتب المراقبة ومختبر إضافة إلى لجنة خاصة من وزارة السكنى تقوم بتتبع الأشغال".
كما أنهم "ملزمون برفع تقارير كل ثلاثة أشهر إلى الوزارة الوصية لكي تتطلع على مدى مطابقة المشاريع للمواصفات المذكورة في دفتر التحملات، وفي نهاية المشروع تكون هناك شهادة للمطابقة تعطيها وزارة الإسكان للمنعش العقاري لكي يتمكن من بدء تسويق الشقق".
قد يهمك ايضاً :
لقاء يقرب الإيطاليين من الاستثمار في المغرب
شركة بريطانية تشرع في عمليات التنقيب عن المحروقات في جرسيف
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر