الرباط _ المغرب اليوم
أصبحت المملكة المغربية تتوفر على إطار قانوني متكامل وحديث يتيح تطوير منظومة وطنية للأنشطة الصناعية المخصصة للدفاع لتكون مكملة للصناعات القطاعية الوطنية الأخرى، والمساهمة بالتالي في تنويع الاقتصاد الوطني. وبدأت أولى الخطوات لتحقيق هذا المسعى بعد صدور مرسوم تطبيقي للقانون رقم 10.20 المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة ضمن الجريدة الرسمية عدد 7011 الأسبوع الجاري. سد الفراغ القانوني ويهدف القانون سالف الذكر إلى سد الفراغ القانوني في مجال تطوير الأنشطة الصناعية المتخصصة للدفاع في المغرب، مع استخدام
أفضل الممارسات العالمية، كما يشكل أرضية قانونية هدفها فسح المجال أمام بناء أسس صناعة عسكرية على المستوى الوطني، واستشراف كل الفرص الممكنة لدعم ومواكبة القطاع عن طريق تشجيع البحث العلمي والتقني. ويدعم الإطار القانوني الجديد البحث عن شراكات مع الشركات الدفاعية الكبرى ومع الدول الصديقة التي تربطها بالمغرب اتفاقية في المجال العسكري، لإبرام اتفاقيات تساهم في بناء ودعم القاعدة الصناعية المحلية من خلال مشاريع مشتركة. وينتظر من القانون الجديد أن يساهم أيضا في نقل وتبادل التكنولوجيا في مجال الصناعة العسكرية وتنمية الخبرات،
وتوفير فرص العمل في المشاريع المرتقبة في هذا الصدد. وتتضمن المقتضيات عددا من الالتزامات فيما يخص عمليات التصنيع والاتجار والاستيراد والتصدير والنقل، ومن المقرر أن تتم مواكبة هذا القطاع من خلال تدابير تحفيزية للاستثمار فيه وضمان إقلاعه وتطويره. وتعود التشريعات التي تنظم حاليا التجهيزات الدفاعية والأسلحة إلى ثلاثينات القرن الماضي، وهو ما يجعلها لا تستجيب لحاجيات وتطلعات المملكة، ناهيك عن غياب مقتضيات تشمل التصنيع. ويراهن المغرب على تطوير صناعة الدفاع للإسهام في تنويع الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية، من خلال استقطاب رؤوس الأموال
الأجنبية ودعم الاستثمار وخلق فرص الشغل وتعزيز الصادرات. ويكرس القانون الجديد مبدأ منع جميع الأنشطة المتعلقة بمجال العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة، مع استثناء أجهزة الدفاع والأمن. وينص في الوقت نفسه على إمكانية منح تراخيص لإنشاء وحدات صناعية. ويضم القانون 55 مادة موزعة على خمسة فصول. الفصل الأول يصنف العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة إلى ثلاث فئات حسب نوعية استعمالها؛ الأولى مخصصة للعمليات العسكرية البرية أو البحرية أو الجوية أو الفضائية، وتضم الفئة الثانية العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة التي يمكن استعمالها في الحفاظ
على النظام والأمن العامين، أما الفئة الثالثة فتضم الأسلحة والذخيرة المخصصة لاستعمالات أخرى كالصيد والرماية الرياضية. ويحدد القانون كيفيات وشروط منح تراخيص التصنيع، وكذا التزامات الفاعلين في هذا المجال، إضافة إلى نظام منح تراخيص الاستيراد والتصدير والنقل لفائدة الحاصلين على تراخيص التصنيع. وتحصر المقتضيات الجديدة مبيعات حاملي تراخيص التصنيع للتصدير أو داخل التراب الوطني للقوات المسلحة الملكية ولأجهزة الأمن والحفاظ على النظام العام لا غير، كما تم التنصيص على نظام زجري وعقوبات صارمة للمخلين بهذه المقتضيات. وسيتم إنشاء لجنة
وطنية لعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، مهمتها دراسة وإبداء الرأي في طلبات تراخيص التصنيع والتصدير قبل الفصل فيها من طرف إدارة الدفاع الوطني، كما سيتم إحداث لجنة للمراقبة في هذا الصدد. اقتصاد ضخم لا يعرف الأزمة تعتبر الصناعة العسكرية من الصناعات التي تعرف نموا سنة بعد سنة؛ فحوالي 25 شركة رائدة في هذا المجال عالميا سجلت مداخيل بحوالي 361 مليار دولار سنة 2019، وهو اقتصاد ضخم تهيمن عليه شركات أميركية. وتحوز الولايات المتحدة الأميركية حصة كبيرة من سوق الأسلحة بحوالي 36 في المائة، وتعتبر أكبر مصدر للأسلحة في
العالم إلى جانب الصين والمملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا وروسيا والإمارات العربية المتحدة. وتأتي على رأس الشركات العالمية في هذا المجال، الشركات الأميركية “لوكيد مارتن” و”بوينغ” و”نورتروب كرومان” و”رايتون” و”جنرال ديناميك”، ثم في المرتبة السادسة الشركة الصينية “AVIC”. وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن المغرب يستورد غالبية الأسلحة من أميركا، حيث حل في المرتبة 29 ضمن قائمة أكبر مستوردي الأسلحة الرئيسية في العالم في الفترة 2016-2020، فيما حلت الجزائر في المرتبة السادسة عالميا والأولى قاريا. ورغم أزمة فيروس كورونا المستجد، إلا
أن مجموع الإنفاق العسكري العالمي خلال السنة الماضية وصل إلى 1981 مليار دولار، بزيادة بلغت 2.6 في المائة مقارنة بالعام 2019، وكانت أمريكا والصين والهند وروسيا وبريطانيا أكبر 5 منفقين، حيث شكل إنفاقها 62 في المائة من المجموع. ووفق معطيات المعهد، الذي يوجد مقره في السويد، فإن المغرب يحتل المرتبة السادسة عربيا في الإنفاق العسكري، بإنفاق سنوي يصل إلى حوالي 4,8 مليارات دولار، أي ما يناهز 43 مليار درهم.
قد يهمك ايضا
الحكومة المغربية تتوقع تحقيق الاقتصاد الوطني لنمو يناهز 3,2 % خلال السنة القادمة
مشروع قانون المالية لسنة 2022 يتوقع تسجيل الاقتصاد الوطني لنمو يناهز 3,2 في المائة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر