أوضحت سفارة السينغال في المغرب في بلاغ لها لوسائل الإعلام المغربية، عشية الزيارة الملكية الأربعاء، لبعض الدول الأفريقية أنّ التعاون المغربي السنغالي، القائم على أساس متين من الثقة المتبادلة، شكّل نموذجًا ناجحًا وتجليًا بارزًا لعلاقة ثنائية ما فتئت تتعزز يومًا عن يوم، مُستفيدةً في ذلك من شراكة وثيقة ومحفزة لأفريقيا، مُتضامنةً ومزدهرة على المستوى الاقتصادي.
وقد عمل المغرب والسنغال، المعروفان بانخراطهما لفائدة السلام في العالم، على إرساء نموذج شراكة حي وواعد تعود جذوره إلى زمن بعيد، وقد تم اعتماد هذه الأسس المتينة والمدعمة منذ البداية، بغرض ضمان استدامة وتوطيد هذا النموذج المعزز بإرادة سياسية واضحة، وتقارب في وجهات النظر بخصوص القضايا الدبلوماسية الكبرى.
كما أنّ مواقف البلدين الشقيقين، في ما يتعلق بالملفات ذات الصلة بالتنمية الاقتصادية، تُعد متطابقة، وتمضي في إتجاه الدفاع عن المصالح الأولوية لأفريقيا في مختلف المحافل الدولية.
وعلى الرغم من أنّ المغرب والسنغال لا يتوفران على ثروات نفطية، فإنهما قد أفادا من رصيد الثقة الذي يتوفران عليه ليكون لهما حضور وازن على الساحة الإفريقية، ويبرزا كفاعلين لا محيد عنهما على المستوى العالمي في ما يتعلق بتدبير القضايا الأكثر إلحاحًا، سواء تعلق الأمر بالتغير المناخي أو مكافحة التطرف، والأمراض الفتاكة.
وإذا كان إرساء العلاقات الدبلوماسية الثنائية يعود إلى عام 1960، فإن الرباط ودكار كانتا على الدوام داعمتين للقضايا العادلة، وعملتا على تنسيق جهودهما لمساعدة الدول الأفريقية في إرساء مجتمعات تنعم بالحرية والانعتاق والديمقراطية، وهو ما يعني أنّ المغرب والسنغال كانا على الدوام يسعيان إلى إشاعة السلم.
وعلى سبيل المثال، فقد تبنت السنغال منذ بدء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، موقفًا ثابتًا وراسخًا يستند على حق المملكة في استكمال وحدتها الترابية، حيث لم يسبق لدكار أنّ أبدت في أي لحظة أي تحفظ بخصوص دعمها غير المشروط للمملكة في ما يتعلق بمغربية الأقاليم الجنوبية.
وعلى مستوى الإتحاد الإفريقي، فقد أضحى معروفًا وبارزًا موقف الدبلوماسية السنغالية الداعم للمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية، كما أنّ المغرب، من جهته، جعل السنغال، حليفه الرئيسي، وجهته المفضلة على الساحة الأفريقية.
وتأتي زيارة الملك محمد السادس إلى السنغال ودول إفريقية أخرى، ابتداءً من غد الأربعاء، في إطار تمتين العلاقات التاريخية بين المغرب وفضائه الإفريقي الذي بدا دور المملكة فيه بارزًا خلال فترة الكفاح لنيل الاستقلال، وهو الدور الذي يواصل اليوم بانخراطها للنهوض بالسلم والتنمية.
وبالفعل فإنّ الزيارة الملكية تشكل تجسيدًا فعليًا للانخراط المتعدد الأشكال للمغرب إلى جانب الدول الإفريقية، وأنّ الدبلوماسية المغربية سطرت لنفسها هدفًا استراتيجيا يتمثل في الارتقاء بالتعاون مع دول القارة عبر شراكة حقيقية محفزة على التنمية.
ووفق هذه الرؤية إذن، أضفت الزيارات الملكية المتعددة للبلدان الإفريقية دينامية على العلاقات مع العديد من دول القارة على غرار السنغال، وأعطت دفعة للتعاون جنوب- جنوب الذي جعلت منه المملكة خيارًا استراتيجيًا.
وفي ما يتعلق بالقضايا ذات الطابع الدولي، فإنّ الرباط ودكار ما فتئتا تحشدان جهودهما لدعم حق القارة الأفريقية في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، وتعزيز الأمن الغذائي في القارة وردم الهوة الرقمية بين الشمال و الجنوب.
وفي سياق متصل، ظلت المملكة تعبر عن جاهزيتها الدائمة للإسهام في جهود السلام في المنطقة فقد سبق لها أن أرسلت في دجنبر 2006، تجريدة من القوات المسلحة الملكية للمشاركة في عملية إزالة الألغام في كازامانس بالسنغال، كما تندرج الزيارة الملكية إلى دكار في إطار تعزيز انخراط المملكة لفائدة القارة الأفريقية، وهو خيار يمليه التاريخ المشترك والتطلعات المتقاسمة إلى قارة متضامنة توحد جهودها من أجل انتشال الساكنة من المشاكل التي تعانيها وعلى رأسها سوء التغذية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر