مراكش - ثورية ايشرم
يعتبر قصر الباهية معلمًا تاريخيًا شامخًا في قلب المدينة الحمراء التي تنبض بالحياة منذ قرون مضت، وما زالت كأنها بنيت منذ ساعات قليلة من ولوجك إليها، إنه ذاك المعلم الذي يرمز لمراكش بمجرد ذكر اسم "قصر الباهية " يتبادر إلى ذهنك جمال المدينة الحمراء وتاريخها العريق الذي كان وما يزال ملموسا في كل أرجائها وفي كل فضاءاتها.
بني قصر الباهية في بداية عهد الدولة العلوية للوزير احمد بن موسى في مسير شؤون الدولة في تلك الحقبة الزمنية عهد السلطان عبد العزيز الذي كان ملقبا بـ" با احماد"، والذي جلب أمهر الصناع التقليديين وأصحاب الحرف التقليدية المغربية من اجل العمل على هذه القصر الذي يعتبر من افخر وأروع القصور المغربية، إذ يجمع العديد من المميزات والخصائص التي كان " با حماد " يرغب في رؤيتها ، إلا انه لم يتمكن من ذلك فقد توفي قبل أن تنتهي الأشغال على القصر والتي دامت أكثر من ستة أعوام متتالية.
ويعد قصر الباهية فضاءً لا مثيل له من حيث الجمالية التي هو عليها إذ يضم الكثير من الأجنحة والقاعات والملحقات والأحواض الشاسعة والحدائق الكبيرة التي تتوفر على كميات كبيرة من الأشجار والنباتات، فضلا عن المنزه والحديقة التي تتميز بصهريج مشهور باسم " اكدال با حماد " والتي أخذت اسم المؤسس كتقدير له وعلى حبه لجمال الطبيعة الخضراء.
وتبلغ مساحة القصر الإجمالية تفوق 22 ألف متر مربع، والتي تقلصت بعد تقسيم حديقته الكبيرة وتشييد العديد من المرافق داخلها، حيث كان مقرا للسكن توالت عليه العديد من الشخصيات السياسية في مراكش، وتحول الآن إلى معلم مميز ينبض بعبق التاريخ، كما أنه أصبح مزارا لاكتشاف جمال الأصالة المغربية وعراقتها التي تبرز في بنائه وهندسته المعمارية الأصيلة التي تشبه المدارس العتيقة.
ويتكون القصر من عدة أروقة تعلوها أفاريز خشبية منقوشة ومزخرفة بعدة ألوان ومصنوعة من مواد طبيعية، كما أن مختلف فضاءات القصر تتميز بلمسات الزليج العريق والتاريخ وزخارف الفيسفساء الأنيق الذي يحاكي التاريخ القديمة ويجعلك تسافر إلى حقبة زمنية عبر لوحاته الفنية التي تبرز مدى براعة الصانع التقليدي المغربي الذي يبدع بواسطة أنامله ويستخرج منها كل ما هو عريق ومميز يشع بالثقافة والأصالة المغربية التي تتميز بها مدينة مراكش على الخصوص .
ويحتوي القصر على لمسة الرخام التي تعد من افخر المواد والتي استخدمت في بنائه وخصصت لتزيين أجنحته الكثيرة التي تحتوي في عمقها تاريخا مميزا وتجتمع فيها عدد من التحف الفنية العتيقة من أثاث وديكورات تجعلها غاية في الأناقة والتميز، فضلا عن زخارف الجبس ونقوشه التي تجدها تميز الفضاءات وتمنحها تلك العراقة التي لا مثيل لها، إضافة إلى تلك الأبواب الخشبية الشاهقة التي تعلو وتزيد الفضاء أصالة مغربية تقليدية مميزة.
وتتوسط بهو القصر نافورات مائية مميزة ترمز إلى الثقافة التي لا يمكنأ تكون متنوعة مميزة بهذا الشكل إلا في معالم المغرب التاريخية، ويزيدك تعلقا بهذا المعلمة هو جمالها المختلف إذ تجد بيوتا شعرية منقوشة في إحدى القاعات الخاصة بالقصر والتي تعود إلى حقبة زمنية قديمة جدا وما تزال يستمتع بقراءتها زوار القصر ويتعرفون من خلالها على زمن مميز ولى وعدى، فضلا عن الحديقة الأندلسية التي تتميز بالاخضرار على مدار العام ، كونها تلقى اهتماما كبيرا من طرف المدرين للقصر حتى تبقى ملاذا يقصده عشاق التاريخ والحضارة للتعرف عليها والاستمتاع بمناظرها الخلابة، لاسيما بعد تصنيف هذا القصر كمعلم تاريخي يساهم في إنعاش المجال الثقافي والسياحي للمملكة المغربية عامة وفي مراكش خاصة، فهو المكان الذي تجتمع فيه كل معالم الجمال والأصالة والتاريخ العتيق والثقافة المتنوعة في كل شيء انطلاقا من الهندسة المعمارية إلى الديكورات واللمسات والإضافات التاريخية القديمة التي تساهم في جعله دوما قصر الباهية الباهي والزاهي في تاريخ مراكش.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر