الجزائر- خالد علواش
أعلنت وزارة الثقافة في بيان صدر الثلاثاء، أنَّ وصول جثمان الكاتبة العالمية آسيا جبار إلى أرض الوطن سيكون، الخميس على الساعة الثانية بعد الزوال، بالقاعة الشرفية القديمة لمطار "هواري بومدين".
وسيكون في استقبال الجثمان وزيرة الثقافة نادية لعبيدي، إلى جانب شخصيات وطنية ومثقفين وفنانين، كما سينقل الجثمان بعدها إلى قصر الثقافة "مفدي زكريا" حتى يتمكن كل أهل ورفاق وأصدقاء ومحبو آسيا جبار من إلقاء النظرة الأخيرة على جثمانها والترحم على روحها.
وينتظر أن تشيع جنازة الأديبة، الجمعة، في مسقط رأسها في مدينة شرشال "تيبازة"، مثلما وصت به الأديبة الراحلة.
وفقدت الساحة الأدبية الجزائرية برحيل آسيا جبار واحدة من أكبر وأعلى قاماتها في الخامس من الشهر الجاري عن عمر ناهز (79) عامًا بعد صراع مع المرض.
وآسيا ليست كاتبة عادية، وتعجز كل الكلمات عن وصفها وإعطائها حقها، فهي أول امرأة عربية تطأ قدماها "الأكاديمية الفرنسية" سنة 2005، وكانت أحق كاتبة بجائزة "نوبل" للأدب التي أقصتها مرارا، وتُعد الراحلة أهم روائية جزائرية وعربية تكتب باللغة الفرنسية، فلها حضور قوي وصوت مسموع.
وولدت هذه المرأة الكبيرة، واسمها الأصلي فاطمة الزهراء املحاين، في مدينة شرشال سنة 1936 وأصبحت من أكبر الروائيين الجزائريين، وبالإضافة لشهرتها العالمية كروائية؛ كان لصاحبة "لا مكان في بيت أبي" علاقة وطيدة بعالمي السينما والصورة، إذ كتبت وأخرجت فيلم "نوبة نساء جبل شنوة" عام 1977، والذي نال الإعجاب وأثار انتباه النقاد، فحازت عليه جائزة النقد العالمي في مهرجان البندقية عام 1979، إلى جانب فيلم "زردة أو أغاني النساء" عام 1982؛ الذي تحصل على جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين الدولي.
وآسيا جبار، كما يصفها أمين الزاوي، مثقفة شجاعة وأديبة جريئة، نشرت أول رواية لها وهي لم تبلغ العشرين من عمرها.
وعرفت آسيا جبار في بداياتها الأولى، في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، خاصة بعد نشر روايتيها "العطش" و"القلقون"، هجوما كاسحا وانتقادا لاذعا من قبل الكثيرين على غرار المفكر مصطفى الأشرف الذي وصفها بالكاتبة البورجوازية، لكن ذلك لم يوقفها، وتمسكت بخطها في الكتابة مرافعة عن حق المرأة في الوجود، امرأة تعاني من استعمارين، من جهة استعمار سياسي وهو الاستعمار الفرنسي الذي صادر الأرض والحرية ومسخ الكينونة التاريخية للجزائر، ومن جهة ثانية استعمار التخلف العاداتي والثقافي المحلي الذي جعل من المرأة إنسانا من الدرجة الثانية.
ويكتب عنها أمين الزاوي قائلا "ولد صوتها الأدبي ثائرا على تبعية المرأة، ثائرا على وضع الاستعمار ومصادرة الحرية الجماعية والفردية".
وتوجهت آسيا جبار لدراسة التاريخ، وتأكد فيما بعد من خلال رواياتها "بعيدا عن المدينة المنورة" والجزائريات في شققهن" و"أطفال العالم الجديد" و"ليالي ستراسبورغ" و"الحب الفانتازيا"، أن التاريخ هو المتكأ الأساس لجميع كتابات آسيا جبار، التاريخ الجزائري والعربي الإسلامي والمتوسطي حاضر بكثافة في جميع رواياتها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر