دمشق - نهى سلوم
كشف التشكيلي السوري موفق مخول في حديث خاص" للمغرب اليوم" أن "جدارية المزة" التي أنجزها مؤخراً بمشاركة عدد من مدرسي الفنون الجميلة واستحقت جائزة "غينيس" للأرقام القياسية هي رسالة حب لسوريا, مضيفاً أن هذه الجائزة للسوريين جميعاً, وأن خلق أشياء جميلة مما نسميه نفايات، يدل على أننا نستطيع رغم الخراب أن نعيد البناء.
"إيقاع الحياة 2" لوحة جدارية تحتل مساحة 720 متراً مربعا على جدارن “مدرسة نهلة زيدان” في منطقة أوتوستراد المزة في مدينة دمشق، هذه الجدارية دخلت موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية, بوصفها اكبر جدارية مصنوعة من المواد المعاد تدويرها في العالم. هذا العمل تم بإشراف الفنان التشكيلي موفق مخول إلى جانب التشكيليين رجاء وبي، علي سليمان، صفاء وبي، حذيفة العطري، وناصر نبعة، بالإضافة إلى فريق مساعد يتألف من عدنان العبدالله، محمود السبيني، حسين مصطفى.
يوضح مخول صاحب فكرة المشروع, أن تصميم العمل يعتمد على البقايا البيئية التالفة أو المنزلية المقاومة للطبيعة التي لا تتلف مع مرور الزمن و تجميعها بطريقة الفسيفساء التي تشتهر بها مدينة دمشق, وتثبيته بمادة الإسمنت المقاومة لتأثير عوامل المناخ والزمن، ما يرفع من عمر الجدارية إلى ما يزيد عن 75 عاماً.
و أشار مخول, الى أن اللوحة لا تعتبر رسماً واضحاً، بل هي كناية عن زخرفات تجريدية وفسيفساء من الألوان، حيث يعتبر محاولة لإعادة تزيين شوارع دمشق في ظل ما يحدث، فالبهرجة البصرية والألوان المتداخلة تجذب المتفرج، وتدفعه للوقوف والتأمل ثم التساؤل عن مصدر كل قطعة من القطع التي تشكل هذه الفسيفساء الكبيرة.
وأضاف مخول : ان الجدارية تتميز بأشكالها المختلفة وتنوع المواد البيئية فيها وتنظيم الخطوط بالتوازن الجمالي والخيال الموجه بعيداً عن التشكيلات الهندسية وإطار اللوحة القماشية بما يخدم حضارة وجمال مدينة دمشق ,ويعكس القيمة التاريخية لبلدنا سورية.
ولفت إلى أن العمل أخرج الفن إلى الشارع وخلق روحا تشاركية لدى الناس، إذ قامت ربات المنازل بجلب البقايا المنزلية، واللوحة أصبحت حاضنة للذكريات, مضيفاً " لقد أعطانا أشخاص كثيرون قادمون من المناطق الساخنة مفاتيح منازلهم وأغراضا من بيوتهم وضعناها تذكارا، ذلك الجدار الأسمنتي الكئيب أصبح محموماً بالذكريات.
وأشار مخول الى أن رسالة الجدارية هي إضفاء الجمال واللون إلى الشارع السوري, وقد حركت الحسَّ الإنساني لدى الناس, فاللون يعطي شيئا من الفرح.
وأكثر ما لفت التشكيلي السوري إثناء عمله في الشارع و الذي استغرق حوالي 6 أشهر، كان منظر العشاق والنساء بمختلف تلاوينهم الاجتماعية وهم يتبادلون الصور التذكارية ويعكسون النسيح الاجتماعي في دمشق قرب الجدار.
وشدد مخول, على أن هذه اللوحة لا تحمل أية أهداف سياسية و أنها كتبت تحت اسم الحب, فالفن لا يمكن أن يسيَّس قائلاً: " رغم الدمار و الرصاص ابحث عن جدار اكتب عليه انني احبك يا وطني."
يذكر أن مخول ولد في دمشق عام 1958، وتخرج من كلية الفنون الجميلة قسم التصوير عام 1982، أقام معارض عدة داخل سورية وخارجها، وفي عام 1989 سافر إلى أمريكا ليدرس الفن في مدينة منهاتن، وهو الآن يعمل مشرفا على المتحف المدرسي للعلوم في دمشق, و مديراً للمركز التربوي للفنون التشكيلية والذي يقدم دوراته بشكل مجاني للمهتمين بالفن.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر