جَمَعَ كتاب رقمي جديد مجموعة من الفتاوى التي تفاعلت مع نوازل استدعت جواب الفقهاء عليها خلال جائحة كورونا في المغرب وبالعالم أجمع.وصدر هذا الكتاب الجديد في إطار سلسلة "كتاب الرسوخ" التي توزّع أعدادها مجانا عبر البريد الإلكتروني ومواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي، وتسعى إلى تجسير العلاقة بين العلماء والمفكّرين والخبراء وعموم النّاس، من خلال تقريب فكر الوسط والاعتدال في تفاعله مع محيطه دراسة، وفهما، وبيانا، وتفسيرا، وتوجيها.
وصدر هذا الكتاب المعنون بـ"فتاوى تتصدّى لوباء كورونا" عن منشورات المنتقى، ونسّقَه خليل بن الشهبة، وخليد اكدادر، وساهم فيه مجموعة من المؤلّفين هم: عبد القادر بطار، عبد المغيث بصير، أحمد العمراني، عبد السلام البلغيثي، حميد لحمر، محمد البشاري، وإبراهيم كريدية.وجمع "كتاب الرسوخ" في إصداره الثاني أبحاثا وآراء فقهية "تبصر الناس بالصواب في الاعتقاد والعمل بخصوص حياتهم اليومية في ظل الحجر الصحي"، ذكر من خلالها أنّ علماء ومفكري الإسلام أبانوا عن قدرتهم على "التأقلم مع هذا الواقع المستجد، من خلال معرفتهم بكل أبعاده وخلفياته الدينية والثقافية والتاريخية، واهتمامهم بآلام وهموم مجتمعهم ومشاركتهم فيها، ومن خلال تصديهم لكل ما يمكن أن يكون مصدر إزعاج لأمن المواطنين وسلامتهم".
وذكر الكتاب أنّ فترة الجائحة عرفت صدور "آراء فقهية وردود من بعض المبتلين بالكلام في الدين، كانت لهم أقوال نشاز، تزعمها دعاة متشددون، تميزت بالتسرع ومخالفتها لمقاصد الدين، وإظهار الشماتة بالمخالف، ومجانبتها للواقع"، وظهر فيها "بعد المتصدّرين لها عن العلم وعدم أهليتهم للفتوى".وجمع الكتاب هذه الفتاوى "إسهاما في قطع الطريق على كلّ ما يشوّش على فهم الناس للدين الصحيح"، ولهذا ضمّ "أبحاثا وآراء فقهية تبصّر الناس بالصواب في الاعتقاد والعمل بخصوص حياتهم اليومية في ظلّ الحجر الصحي".
وأورد المنشور الجديد فتاوى المجلس العلمي الأعلى المواكبة لمستجدّات الجائحة، وهي: فتوى إغلاق المساجد مؤقتا، وفتوى عدم الخروج إلى صلوات التراويح قد يعوضه إقامتها في المنازل، والرأي المقدم في شأن عدم غسل المتوفين بمرض "كوفيد-19" لاعتبارات شرعية وصحية.وكتب عبد القادر بطار، أستاذ العقيدة والفكر الإسلامي بجامعة محمد الأول بوجدة، في هذا الكتاب عن "تعاضد العلم والدين في مواجهة وباء كورونا"، جوابا على سؤال الدين في علاقته بالمجتمع الإنساني، وقال: "يعود الحديث اليوم بقوة عن سؤال الدين، ودوره في ما يحدث ويجري على صعيد كوكب الأرض، وما تواجهه البشرية من محن وتحدّيات صحية، كما هو الشأن بالنسبة لمواجهة سريان فيروس كورونا، الذي حيّر العلماء، والخبراء، والعاكفين في المختبرات، وأرباب العقول، وأتباع الديانات"، طارحا سؤال: "في ظل هذا الوضع الرهيب، ماذا يقدم الدين من أجل إسعاف بني الإنسان وحمايتهم من جميع الآفات والجوائح والأزمات؟".
ونبه عبد المغيث بصير، رئيس المجلس العلمي المحلي لبرشيد، إلى جائحة الإشاعة في مقاله المعنون بـ"احذروا فيروس الإشاعة كما تحذرون فيروس كورونا"، بعدما استرعى انتباهه أن "الناظر والمتأمل في العديد من الأخبار المتداولة في أيامنا هذه في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، يجد أن ترويج الإشاعات الزائفة تزايد بشكل لافت، إلى درجة تجاوزت خطورة بعضها حدة انتشار الفيروس نفسه، الذي يحتاط الجميع من أن يصاب به في هذه الآونة، ففي كل دقيقة وحين تسمع بخبر أو أخبار جديدة، وعندما تدقق النظر فيها تجد غالبيتها من قبيل الإشاعات الكاذبة".
وتصدّى أحمد العمراني، رئيس المجلس العلمي المحلي لسيدي بنور، للإشاعات ولجميع المشوشات في بحث مطول شمل جل الأسئلة المثارة في زمن هذا الوباء، اختار له عنوان "زمن وباء كورونا.. أسئلة الابتلاء والحجر الصحي"، وضمّنه خمسة عناوين كبرى، هي: سؤال الابتلاء والقدر، والوباء، بين التشخيص والحجر، وسؤال السلوك، الحجر الصحي بالبيوت وسؤال الأمان والالتزام، الحجر الصحي وسؤال المظاهر السلبية، ويد المنح من صلب المحن؛ وهو العنوان الذي يتحدث فيه عن حضور الفقه الإسلامي زمن الوباء، وجمع فيه مجموعة من الفتاوى والآراء الفقهية.
وارتباطا بالمحن والمنح، كتب عبد السلام العلوي البلغيثي، رئيس المجلس العلمي المحلي لبوملان، أن "كورونا اليوم محنة تتولد عنها منح، وشجرة مكاره تثمر المكارم".أما سؤال التعايش فأجاب عنه حميد لحمر، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، في دراسة عنونها بـ"فاعلية القواسم الإنسانية المشتركة في مواجهة جائحة كورونا"، جاء فيها أنّ هذه الجائحة "تأتي في وقتنا الحاضر لتكشف لنا نجاعة العلاقات المبنية على التعارف والتفاهم والتعايش، والتي أزاحت الحواجز وقلّصت المسافات، وقربت المتباعدات، حيث تجنّدَت فيها البشرية-شعوبا وقبائل-من جميع الأعراق والأجناس والديانات، وكانت في صف واحد، عمدتهم مجموعة من القواسم المشتركة أهمها: الوازع الديني، والأخوة الإنسانية، ومشتركات إنسانية أخرى".
وأورد الكتاب إنتاجات خطّها محمد البشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، نشرت بصحيفة الاتحاد، وجمعها تحت عنوان: "رمضان يسمو على زمن كورونا: أنت.. النقطة الفارقة"، يوصي فيها بإرشادات خلال شهر رمضان المبارك الذي يأتي "هذه المرّة مختلِفا تماما؛ بملامح حادة تُفرَض علينا لأوّل مرة، لكن تلك الملامح لم تغير من جوهره الحاث على التجديد والسمو والارتقاء بالذات، ولنكون أقرب للإيجابية وللعدالة مع أنفسنا، فلا بد من موازنة واعية بين ظرفية المناسبة الدينية ولزوم الامتثال لإجراءات السلامة التي تعني تحقيق ضروريات الشرع الخمس".
كما أورد الكتاب تدوينات تاريخية للمؤرخ إبراهيم كريدية، تجيب عن سؤال "الطاعون الكبير بالمغرب.. ما أشبه اليوم بالبارحة؟"، تمّ الوقوف فيها على حالة المغرب خلال الطاعون الذي ضرب المغرب على عهد السلطان المولى سليمان، وإجراءات الحجر الصحي الذي طبّق في المغرب عام 1840.ويرى خليل بن الشهبة، منسق الكتاب، أنّ مؤسسة العلماء بالمغرب قد أوضحت من جديد قدرتها على مرافقة المواطنين في تعايشهم مع جائحة فيروس كورونا، بإصدارها ثلاث فتاوى تتصدى لوباء كورونا.كما ذكر أنّ أبحاث هذا الكتاب تبيّن "قدرة علماء ومفكري الإسلام على التأقلم مع هذا الواقع المستجد، من خلال معرفتهم بكل أبعاده وخلفياته الدينية والثقافية والتاريخية، واهتمامهم بآلام وهموم مجتمعهم ومشاركتهم فيها، ومن خلال تصديهم لكل ما يمكن أن يكون مصدر إزعاج أمن المواطنين وسلامتهم".
وقد يهمك ايضا:
أحمد شراك يشرح "خطاب كورونا" في كتاب جديد يصدر إلكترونيًا
نشطاء يستثمرون مواقع التواصل الاجتماعي لتعليم القرآن في رمضان
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر