الرباط- المغرب اليوم
شباب منهمكون في خلط الصباغة، وآخرون يتبادلون أطراف الحديث حول ما ستجود به قريحتهم وعن الأشكال التي سيخطونها على الجدران الكبيرة العارية بريشتهم. هكذا هي الأجواء بمدينة الرباط، منذ الأسبوع الماضي، حيث لا صوت يعلو على صوت الإبداع. هؤلاء الشباب نذروا ريشتهم للعطاء، فبالألوان والمجسمات يعبرون عن مكنون أنفسهم.
رسوم عملاقة تكرم المرأة وأخرى منبثقة من قصص أسطورية إغريقية، زينت واجهات بنايات العاصمة الرباط، وبثت الروح في جدران سكنتها الكآبة وأصبح لونها يميل للرمادي بسبب رداء الغبار الذي ارتدته من شدة الاهمال.
وتحتضن العاصمة المغربية، الدورة السادسة من مهرجان "جدار الرباط - فن الشارع"، والتي تشهد أنشطة متنوعة وبرمجة ذات جودة عالية، فضلا عن استضافة فنانين كبار وموهوبين ذوي صيت عالمي.
على امتداد 10 أيام من الحدث الفني الكبير، يعرف المهرجان مشاركة 13 فنانا، من بينهم مغاربة وأجانب ينحدرون من سبع دول، كلهم التأموا في قلب مدينة الرباط، لتسليط الضوء عليها كمدينة حاضنة للثقافات وتعزيز مكانتها الرائدة في مجال الفن، من خلال إبداعات تنبض من قلب الفن المعاصر.
ويشارك في رسم الجداريات عدد فنانين مغاربة إلى جانب آخرين حضروا من دول هي المكسيك والأرجنتين وإسبانيا وفرنسا واليابان، وتوزعت الجداريات التي رسمها الفنانون على عدة أحياء مركزية في العاصمة الرباط.
وقال الرسام الفرنسي ماث فيلفيت، الذي يشارك لأول مرة في المهرجان، إنه مسرور بوضع لمسته على جدران الرباط، لأنه كان يحلم منذ 2012 بمشاركة عشقه لفن الشارع مع فنانين آخرين. وهذا المهرجان فرصة له للمساهمة في إغناء المشهد الفني بشوارع العاصمة المغربية.
وبخصوص الموضوع الذي اختار تناوله في جداريته، قال ماث في تصريح له، "في الوقت الذي فضل فيه عدد من الفنانين رسم بورتريهات لوجوه أشخاص، اخترتُ أنا أن أنخرط في لوحة تجريدية بسيطة، عن طريق رسم خطوط معبرة على شكل تضاريس."
أما الفنان الأرجنتيني إيلان شالي، فقد قام برسم جدارية كبيرة على أسوار البيوت القديمة المطلة على شاطئ المدينة، في حي "يعقوب المنصور" بالعاصمة.
من جانبه، قال صلاح مالولي، المدير الفني للمهرجان "بعد مرور سنة كاملة على تأجيل مهرجان "جدار – فن الشارع" إثر تفشي الأزمة الصحية المرتبطة بكوفيد-19، تم تنظيمه في شهر سبتمبر الحالي برعاية ملكية، وهذا بالنسبة لنا كمنظمين تحدٍ كبير. وقد تم تكييف مختلف الفقرات وفق ما يتماشى مع الوضعية الراهنة، وفي احترام تام وصارم للتدابير الاحترازية."
وتابع مالولي في تصريح له، "خلال مدة التظاهرة الفنية، لم نكتفِ برسم اللوحات العملاقة، ولكن قمنا بتنظيم لقاءات مع ثلة من الضيوف لتبادل الأفكار والمعارف وتعزيز مبدأ المشاركة، فضلا عن إمعان التفكير في إيلاء أهمية أكبر للفن في الفضاءات العامة."
واسترسل المدير الفني للمهرجان قائلا "لقد وضعنا فنانين مخضرمين مع فنانين مبتدئين، حتى يقوموا بتلقينهم تقنيات جديدة ويتقاسمون معهم تجاربهم في الميدان، حتى نضمن الاستمرارية في الإبداع ونساهم في دعم فن الشارع."
وأكد مالولي في تصريحه له، أنه خلال هذه الدورة من المهرجان، تم إطلاق النسخة المحسنة من تطبيق الهاتف المحمول الذي سيسمح لمختلف مستعمليه بالوصول إلى الأماكن التسعة المختارة هذه السنة، فضلا عن اكتشاف الجداريات الفنية المنجزة على مدى الخمس الدورات الفائتة.
وكما جرت العادة قبل 5 سنوات، يعمل مهرجان "جدار" جنبا إلى جنب مع العديد من المؤسسات الثقافية، على غرار متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، وفضاءات الفن مثل Le Cube Independent Art Room وجمعية "دار لوان".
وحسب المنظمين فإن، المهرجان نجح منذ إطلاق النسخة الأولى سنة 2015 من طرف جمعية "لبولفار" في تحقيق النمو والازدهار المطلوبين، وأصبح اليوم واحدا من بين المهرجانات التي تبصم على حضورها عالميا، كل ذلك من خلال جعل العاصمة الرباط مختبرا للفن الحضري على المستوى الدولي.
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر