الجزائر - سميرة عوام
تتحول عين الفوارة في مدينة سطيف في الجزائر نهاية كل أسبوع إلى مقصد حقيقي للزوار والسُياح والذين يعتبرون مياه هذه العين مباركة وتشفي من الأمراض المستعصية، إلى جانب التبرك بهذا التمثال الذي يتوسط المدينة، بمحاذاة المسجد العتيق، حيث تتزواج الحضارة المسيحية بالإسلامية لتصنع فسيفساء بطلتها امرأة فرنسية تستعرض مفاتنها للزوار فوق ينبوع ماء ترمُز حسب المؤرخين إلى الحياة المستمرة المتدفقة كتدفق المياه العذبة، هذه الآثار صنعها النحات لفرنسي المشهور فرنسيس دوسانت في باريس، وفي 1898 حُول هذا التمثال العاري الذي يفصل مفاتن جسد امرأة إلى مدينة سطيف،
ومنذ ذلك التاريخ تحول هذا الأثر إلى معلم من المعالم التاريخية المهمة في الجزائر، وأحد الرموز الروحانية والتي يتبرك بها سكان المنطقة وحتى القادمين من داخل وخارج الجزائر، اعتقادًا منهم أنها امرأة صالحة تنبثق منها عين رقراقة يشرب منها المارة وتروي كل عطشان، لكن تبقى تخبأ جمالاً رائعًا للمكان، وحسب بعض الزوار فإن زيارة عين الفوارة مكسب سياحي وديني، لأنهم تعودوا أنّ من يشرب من مياه هذا المعلم يعود مجددًا إلى مدينة سطيف الساحرة المعروفة بالحركية التجارية الواسعة.
والشيء الذي يزيد من جمالية المكان هو إقدام النسوة عند نهاية الأسبوع لتخضيب عين الفوارة بخضاب الحناء وإشعال الشموع والتي تنعكس ألوانها في المياه الصافية الزرقاء لتعطي للزائر هدوءً داخلي لا يقاوم، حتى أنّ هذا المعلم السياحي تحول إلى فضاء للرزق، باستغلال الزوار و السُياح من طرف سكان مدينة سطيف، حيث يقتاتون من تصوير المواقع الأثرية وعين الفوارة واحدة منهم، وتجد هناك تنافسًا على المعلم للالتقاط الصور بجانب هذه المرأة العارية وتصنيفها ضمن الذكريات الجميلة.
ويؤكدّ بعض المؤرخين في الجزائر أنّ عين الفوارة خلال منتصف التسعينات تم تفجيرها بقنبلة، ليتم ترميمها وإعادتها إلى شكلها الأصلي بعد نصب كاميرات لمراقبتها من أيّ تخريب، بناءً على تعليمات وزيرة الثقافة خليدة تومي والتي أكدت ضرورة حماية التراث الجزائري من الاندثار.
ومن المفارقات العجيبة فإن تمثال عين الفوارة والمجسد في شكل امرأة عارية يشكل إحراجًا لدى المارة وسكان سطيف، لطبيعة تقاليد المجتمع الإسلامي، خصوصًا أنّ عين الفوارة لا تبعد إلا بعض المترات على المسجد العتيق ويشكل هذا حرجًا لدى المصلين خصوصًا عند أدائهم الشعائر الدينية في هذا المسجد.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر