فاس - حميد بنعبد الله
تُقدِّم المخرجة المسرحية المغربية الشابة نعيمة زيطان عرضًا لمسرحيتها "ديالي" التي أثارت ردود فعل مختلفة، في الساعة السابعة مساء السبت، في القاعة الكبرى في "المركز المتعدد الاختصاصات لإدماج الأمهات العازبات في المجتمع" في حي البطحاء في مدينة فاس، لفائدة نزيلات المركز وجمهور وفعاليات مدنية وأهلية استُدعيت لحضوره.
ويُنظَّم هذا العرض الذي يقدمه مسرح الأكواريوم بدعم من المعهد الفرنسي في
الرباط وهيئة الأمم المتحدة للمساواة وبتنسيق مع جمعيتي "مبادرات لحماية حقوق النساء" و"حركة بدائل مواطنة"، بعد الضجة الكبيرة التي أثارها إبّان عروضه الأولى لاحتوائه عبارات "خادشة للحياء"، وصلت حدَّ تهديد مخرجته والفنانات المشاركات في تمثيله، في سلامتهم الجسدية.
وأثارت هذه المسرحية التي تسمي العضو التناسلي للمرأة (فَرْج) بأسمائه في الدارجة المغربية، جدلاً كبيرًا في الأوساط المسرحية، بعدما تقيّدت مخرجتها بشروط صاحبة النص الأصلي "حوار الفَرْج" المقتبس منه هذا النص المسرحي، الملحّة على ضرورة انضباط كل اقتباس لمنهجية الكتابة، وعلى رأسها الاعتماد على شهادات حية في كتابته وفق أسئلة متمحورة بشأن الفَرْج.
وتحدثت 120 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و54 عامًا، مشاركات في العرض، عن تجاربهن ومعاناتهن منذ نعومة أظافرهن مع العقلية التي تحاول إظهار الفَرْج في صيغة تداوله شعبيًا، ومعاناتهن التي تحاول المسرحية فتح نقاش فيها، بناءً على تلك الشهادات الكاشفة لحقائق صادمة مرتبطة بتحول العضو التناسلي النسائي إلى أداة مسخرة لانفصام النساء.
وجالست ابنة مدينة شفشاون في شمال المغرب المستشارة السابقة في منظمة الصندوق العالمي للنساء وعضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الرباط الغرب، نعيمة زيطان، قبل إخراجها هذا العمل المسرحي، مجموعة من النساء ساعدنها في كتابتها، محاولة الإجابة عن أسئلة عدّة عن الجهاز التناسلي للمرأة ابتداءً من تلك الأسماء المتداولة له وصولاً إلى علاقتهن معه.
وتحاول المسرحية التي أثارت انتقادات كثيرة من قِبل النقاد والمتتبعين، تقديم فَرْج المرأة، كجزء جذّابٍ ومنبوذٍ من جسدها مثل سائر أعضائهن، متصديةً إلى كل من يحاول تبخيسه واحتقاره عبر بعض النعوت القَدْحية، محاولة طرحه عبر تمثلات مختلفة، في قالب مسرحي محبوك طرح إشكاليات متعددة ومهمة لنخبة ذات خلفية مختلفة ومميزة.
وكسر النص الذي جاء عرضه بعد الضجة التي أثارها تعري الممثلة لطيفة أحرار على خشبة المسرح في عرض مسرحي آخر بأيام كل التابوهات المرتبطة بالفَرْج الذي تختلف تسمياته بالدارجة المغربية إلى حدّ حديث بعض الباحثين عن مئات التسميات المرتبطة به، والتي تخدش الحياء العامّ رغم تداولها بشكل عاديّ وطبيعيّ في مختلف اللهجات وعلى لسان الجميع.
وترى هذه المخرجة الشابة، الأستاذة لمادة المسرح والتي تشغل رئاسة النقابة المغربية لمحترفي المسرح في الرباط وهي خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، في تصريحات صحافية، أن الضجة المثارة بشأن هذا النص، "تكشف علامات من تخلّف العقل العربي، الذي يُسيِّج (يُحيط) فرج المرأة بأساطير مبنية على الجهل وأعراف بدائيّة".
واقتبست هذه المسرحية، المغربيةُ من أم يابانية، مها سانو، عن النص المسرحي "حوار الفرج" للكاتبة والممثلة المسرحية الأميركية "إب إنسلير" التي تعرضت إلى الاغتصاب من قِبل والدها، وعاشت تجربة قاسية جرّاء ذلك كانت وراء إبداع هذا العمل، الذي تتجاوز نظرته إلى العضو التناسلي للمرأة ما هو مألوف ومتداول في المجتمعات العربية والغربية.
وتعتبر مسرحية "ديالي"، من بين مجموعة من الأعمال المسرحية التي أبدعتها المخرجة الشابة نعيمة زيطان، ومن بينها نصوص "قبل الفطور" و"مشاحنات" و"شكون فيه الديفو" (من المخطئ؟) و"حكايات النساء" و"كلاكاج"، لكن كل تلك العروض لم تُثِر الضجة التي خلّفها عرضُها لمسرحيتها الأخيرة المثيرة للجدل، التي تفرّق الرأي العامّ بين مؤيدٍ لجرأتها ونابذٍ لها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر