أكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، نائب رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، مؤسس " PublisHer" أن المرأة تقف على عتبة فصل جديد في مسيرة قطاع النشر، ستكتبه صفحة تلو الأخرى، داعية جميع الناشرات والأديبات والمبدعات للانضمام إلى قمة "PublisHer"، ودعمها ومساندتها والعمل يداً بيد لإعطاء النساء العاملات في مجال النشر حول العالم مساحة والمساهمة في تغيير واقع صناعة الكتاب في المنطقة والعالم، كونه يشهد تغييرات جذرية.
جاء ذلك خلال كلمة القتها في افتتاح قمة "PublisHer"، الذي عُقِدت في نسختها الأولى، تزامناً مع احتفاء الشارقة بنيلها لقب العاصمة العالمية للكتاب للعام 2019، على هامش فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2019، وبحضور نخبة من الأديبات والمبدعات والناشرات العربيات والأجنبيات، حيث احتفى الحدث بإبداعات المشاركات، وسلّط الضوء على مجموعة من القضايا المحورية التي تتعلق بالدور المؤثر للمرأة على ساحة النشر والعمل الثقافي.
وقالت الشيخة بدور القاسمي: "لا يكفي أن تصل بعض الناشرات إلى المناصب القيادية في أكبر دور النشر العالمية، ما نتطلع له هو أن تتم إعادة صياغة قواعد اللعبة، وكتابة قانون معنوي جديد يصنع بيئة حاضنة للجنسين، بحيث تكون بيئة قطاع النشر، عادلة ومتوازنة والنجاح فيها يكون فعلا للأفضل".
وأكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي أن الهدف الأساسي الذي يتجلى وراء تنظيم قمة " PublisHer"، هو توفير للنساء العاملات في مجال النشر حول العالم منصة فريدة، تكون من النساء وإلى النساء، للتعبير عن آرائهن في قطاع النشر في بلدانهن، منبراً يناقشن ويستعرضن من خلاله التحديات التي تواجه مسيرتهن في المجال.
وخلال كلمة ألقتها في انطلاق أعمال القمة، قالت البطلة الأولمبية ابتهاج محمد، لاعبة المبارزة الأمريكية، وأول مسلمة محجبة تشارك في الألعاب الأولمبية الصيفية التي استضافتها ريو دي جانيرو في العام 2016، وأحرزت أول ذهبية لبلادها في بطولة العالم للمبارزة التي احتضنتها مدينة قازان الروسي في العام 2014": هذا الملتقى لها أثر كبير للناشرات ولكل النساء على وجه الأرض، فهي صوت المرأة التي لم تحظى بفرصة أن تقوم بعمل شيء مختلف، ونلمس من خلال عقد هذا الحدث الكثير من الخيارات الواعدة التي تلوح في الأفق للنساء سواء على صعيد حياتهنّ الاجتماعية أو الاقتصادية والثقافية".
وتابعت ": كرياضية حرصت على نقل صورة مثالية عن المرأة المحجبة في مجتمعي، وساهمت في تغيير الصورة النمطية للمرأة المسلمة بشكل عام، وهذا الملتقى الذي أسعد بالحضور فيه طرح ومازال الكثير من الأمور الإيجابية التي تمهّد الطريق من خلال الكتاب والمعرفة نحو خلق البيئة التي نحبها ليكون لدينا الفرصة بأن نقرأ ونستفيد من كلّ التجارب، كون الوقت بات ملائماً للتغير".
المرأة الإماراتية.. حضور مهم على صعيد النشر العربي والعالمي
وعقد الملتقى أولى جلساته بعنوان "المرأة الإماراتية في مجال النشر"، ناقشت خلالها دور الناشرة والمبدعة الإماراتية في الارتقاء بالمجال، وأثر التنوع في الحياة والواقع الثقافي، وما الذي يترتب على المرأة فعله من أجل النهوض بهذه المجالات، حيث استضافت الدكتورة اليازية خليفة السويدي، والروائية صالحة غابش، والكاتبة دبي بالهول، وأدارتها إيمان بن شيبة.
وقالت الدكتورة اليازية خليفة السويدي:" موضوع التنوع واسع سواء كان تنوعاً وظيفياً أو ثقافياً، ونحن كنساء تواجهنا مواقف في هذا المجال تختلف عن الرجل، وأستطيع القول إن الرجال يركزون على المحتوى التجاري الذي يروج للدار، بينما المرأة تضع بعين الاعتبار أولويات أخرى تتعلق بالمحتويات الإبداعية والتعليمية ويجب على المرأة أن تثبت حضورها بشكل كبير في ساحة النشر وأن تقدّم ما لديها من مهنية وجدارة".
من جهتها قالت صالحة غابش:" عندما أدخل أي مجال في عملي لا أضع في ذهني أنني داخلة في عداوة مع طرف آخر سواء رجل أم امرأة، لكن ما يحصل هي ردود أفعال متشابهة، كل تلك المواجهات بين الجميع لا تفيد، وكلنا نتعلم من بعضنا البعض، بالنسبة للتعددية لا أكتفي للنشر للنساء وحسب".
من جانبها قالت دبي بلهول: "أحد الأسباب التي دفعتني لأن أكون كاتبة أنني لاحظت عدم وجود شخصيات تمثلني من النساء اللواتي أراهنّ في مجتمعي، وكل ما قرأته عبارة عن قصص مشوقة من ثقافات أخرى، لكنها لم تكن تنتمي لي، وقررت أن تكون لي أول رواية تتحدث عن شخصيات نسائية قوية أرى نفسي فيها".
ولعذوبة القصائد نصيب، حيث تخللت القمة أمسية للشاعرة عفراء عتيق، قدمت من خلالها مجموعة مختارة من الأشعار، تراوحت ما بين الرؤى الجمالية والعاطفية التي عبرت من خلالها عن شغف ضمّنته لكلمات قصيدتها التي احتفت فيها بالكثير من التفاصيل التي تتعلق بالذاكرة والوطن والحنين، وانتصرت فيها لقضايا تعيشها المرأة في مختلف تفاصيل الحياة.
وعقدت القمة جلسة حوارية ثانية استضافت فيها عدداً من الروائيات العربيات؛ الجزائرية أحلام مستغانمي، والعراقية إنعام كجه جي، السودانية ليلى أبو العلا، والسعودية أميمة عبد الله الخميس، وأدارتها الدكتورة فاطمة البودي، رئيس مجلس إدارة دار العين للنشر المصري، تناولت الحديث حول "المرأة في الأدب: المؤلفون والناشرون من العالم العربي"، وناقشت مسألة تنميط المرأة في الروايات والإبداع ودور الترجمة في تعريف العالم على إبداعات المؤلف.
وقالت الجزائرية أحلام مستغانمي: "أنا لا أعرف في أي نمط أكتب، ذاكرة الجسد قيل لي كثيراً لو حذفتي الغلاف لن يعرف من الذي كتبها هل هو رجل أم امرأة، وعندما أكتب لا أفكر بهذا الأمر، فقد تنقّلت في عدة أنماط، كتبت رواية تاريخية ذات صلة بالعمل النسائي، وكتبت النصوص الأدبية مثل شهياً كفراق، وفي العموم الكاتب لا يجب أن يقيد نفسه في هذه النمطية كونها تحدّ من إبداعاته، نحن نتطور ونتغير، ومسكونون بعدة شخصيات".
وبخصوص وكلاء النشر والترجمة قالت:" أنا لولا ناشرتي لم أفز بجائزة نجيب محفوظ، وكان لدي الفرصة أن أكون نجمة في الأدب بفرنسا، لكنني لم أتنازل عن قيمي ومعتقداتي العربية من أجل أي نجاح، وفي الحقيقة إذا أراد الكاتب أن ينجح في هذا المجال عليه أن يروج للصورة النمطية التي يريدها الغرب، وأنا لا أقبل، وأجد هناك ضرورة أن تدعم الحكومات ومؤسسات النشر الكاتب وتوصله للقارئ الأجنبي ليتعرف على منجزاته.
من جهتها قالت الروائية العراقية أنعام كجه جي: "قضية الصورة النمطية للمرأة كانت موجودة قبل ما يزيد عن أربعة عقود، عندما بدأت المرأة تكتب عن هموم وطنها، ولا يمكن التمييز بين الرجل والمرأة، هناك آلاف النساء شاركن في عمل سياسي، والسؤال: هل يمكن أن أكتب عن نمط أنثوي بحت؟ لا، كون المرأة انخرطت في هموم وطنها، وأعادت تعريف نفسها، بل ووضعت ذاتها في المكان الذي تستحقه كمواطنة".
واستهلت الروائية السودانية ليلى أبو العلا حديثها قائلة: "الكتابة ضد النمط عبء، وأنا كروائية أكتب بحرية ولا أتطرق لهذه النقاط، وأشعر بأنه من الضروري أن أروي فقط ولا أنظر لهذه الأمور ولا أشغل نفسي بها، لأنها تحدّ من الإبداع ومن الصعب أن يتم الحديث عن الرجل بمعزل عن المرأة والعكس صحيح، وأنا كروائية لديّ همّ عربي أحاول إيصاله إلى القارئ الأجنبي بلغته كوني بدأت الكتابة في اسكتلندا، وواقع النشر يختلف عن الوطن العربي، إذ أن هناك أنظمة محددة لعملية النشر، وأعمالي ترجمت إلى 15 لغة، واهتممت بالوصول إلى القارئ العربي والسوداني، ودخلت عالماً آخر، وعندما أقابل القراء العرب أرى أن هذا عالمهم وهذا ما يعيشونه وألمس الكثير من التطورات على صعيد النشر العربي وهذا أمر مبشر بالخير".
من جهتها قالت السعودية أميمة عبد الله الخميس": التنميط سمة للعقل البشري، ولابد من تنميط الشيء ليتم فهمه، وعندما ينمط الإنسان شيئاً ما يخضعه لرأيه المسبق، ويجب القول إن المرأة عبر التاريخ لم تدخل إلى النص بشكل رسمي، والتاريخ كتب بأيدي ذكورية، وبقيت المرأة في هامش النص، وتم وضع الكلام على لسانها، وكانت متوارية في الظل".
ونظت القمة جلسة ثالثة استضافت فيها كلاً من الكاتبة السويدية جيسيكا جارلفي، والروائية والناشرة الإيطالية إليزابيتا دامي، والشاعرة المالاوية أوبيلا تشيسلا، وأدارتها أحلام بولوكي، مدير مهرجان طيران الإمارات للآداب، تطرقت للحديث عن دور المرأة حول العالم في مجال النشر، واستعراض تاريخ الكتابة لديهنّ، وغيرها من القضايا.
واستهلت السويدية جارلفي حديثها بالقول": عشت في مجتمع يؤمن بالمساواة بين الجنسين، وتوافرت لي الفرص مثلي مثل الرجال ولم أكن أعلم ماذا يعني مصطلح التمييز بين الجنسين، وعملت على أن أبدأ هذا المجال وأصبحت ناشرة وكان هذا أمراً رائعاً، وكان هناك قضية كيف يمكن للنساء أن ينافسن أشخاصاً آخرين خاصة النساء اللواتي يعملن في مجالات الثقافة والنشر، إذ كان من الضروري أن تبحث المرأة عن سبل لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات، التي ستجلب المستقبل الباهر للكاتبة وتقدم للقراء أعمالاً جميلة".
من جهتها قالت الإيطالية دامي: "لقد تعلمت من والدي مهنة النشر، والظروف كانت منذ 45 عام مختلفة تماماً عن الآن، في إيطاليا، وكانت الحياة صعبة، وبدأت بدار نشر خاصة لوالدي، وكانت متخصصة بكتب الأطفال التي تباع في مختلف أنحاء العالم، ومن أجل الوصول إلى النشر المهني كالرجل لابد من المنافسة بشكل أكبر مرتين منه، ولابد أن يكون هنالك منهج في الحياة، وأن تتعلم المرأة التمييز أكثر من أي شخص آخر، وبالطبع لابد أن يكون التميز مختلفاً".
أما الشاعرة المالاوية فقالت:" بدأت في كتابة الشعر عندما ذهبت للدراسة في أمريكا، لقد حققت حضوراً ثقافياً متميزاً كمثقفة أفريقية وأعتز بهذا الحضور، ويمكن القول أن النشر الحديث لم يحدث أن مشكلات على صعيد التمييز، كون المنافسة بين الجميع أفارقة أو غيرهم موجودة، ووسائل التواصل فتحت المجال لنشر الكتب وغيرها من المؤلفات، وأنا لا أسعى لأن أكون أفضل كاتبة بالعالم بقدر ما أريد أن ألهم القراء وأقدم لهم الجمال في الكلمات".
وفي نهاية القمة، كرّمت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي الرعاة، وهم جمعية الناشرين الإماراتيين، ومدينة الشارقة للنشر، ومكتبات الشارقة العامة، ومكتب الشارقة العاصمة العالمية للكتاب، كما كرمّت الداعمين وهم، نادي سيدات الشارقة، ومتجر أُناس للتسوق الإلكتروني إلى جانب التكريم الخاص لجميع المتحدثات المشاركات في القمة من أديبات ومبدعات وناشرات
قد يهمك ايضا
أحلام مستغانمي تكشف عن أحدث مؤلفاتها الروائية المستقبلية
مطبخ الشيف الأردنية ديما الحجاوي يطل من قلب معرض الشارقة الدولي للكتاب
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر