الرياض-المغرب اليوم
يواجه كثير من السعوديين، هذه الليلة مشقَّة في ضبط ساعتهم البيولوجية وتعديل موعد نومهم ليلًا، قبل ساعات قليلة من دخول عيد الفطر، وبعد ليالٍ طويلة من السهر المتواصل خلال شهر رمضان المبارك، ما يجعل مهمة استقبال صباح العيد مجهدة لدى أغلب الشعب السعوديّ الذي أدمن السهر في رمضان، حيث يبدأ العيد في السعودية منذ ساعات الصبح الأولى، فتنطلق مباشرة بعد صلاة العيد مراسم الزيارات الأسرية لتبادل التهاني والتبريكات، ما يتطلّب نشاطًا وهمّةً عاليين تجعل الكثيرين يفضلون مواصلة السهر إلى حين الانتهاء من مراسم وبروتوكولات العيد، ويطلق على هؤلاء اسم "مواصلين"، وهو لقب شعبي كناية عن الذين يستقبلون الصباح دون أن يناموا ليلًا، ليصبح السؤال "نِمتُم أم لا؟" هو الأكثر ترددًا في جماعات العيد الصباحية.
وتحذّر الاختصاصية الاجتماعية في مستشفى قوى الأمن في الرياض نجوى فرج، من تناول العقاقير المنومة، التّي يفضل بعض السعوديون أخذها قبيل صخب العيد، ناصحة بالبدء بتعديل النوم تدريجيًّا منذ اليوم الذي يسبق العيد، مؤكّدةً أنّ "حالة اضطراب النوم خلال رمضان وبعد رمضان يعاني منها الكبير والصغير، فالغالبية ينامون طيلة النهار في شهر رمضان ويبقون مستيقظين طوال الليل، ما يستلزم البدء بضبط ساعات النوم من الآن"، مشيرة خلال حديثها لـ"الشرق الأوسط" إلى أنّ السهر عبارة عن ظاهرة اجتماعية سلبية، مؤكّدةً بقولها "مع الأسف البعض يتباهى ويتفاخر بكونه يسهر الليل وينام في النهار، مما يعكس نظرة خاطئة لدى كثير من أفراد المجتمع تجاه السهر"، مضيفةً "الأمر يبدو أكثر صعوبةً لدى المدخنين، الذين يبقون مستيقظين طيلة الليل لكونهم يفتقدون التدخين في نهار رمضان، وبالفعل لمسنا أّن معظم عشاق السهر هم من هذه الفئة على وجه التحديد"، وربما ضاعف من حالة اضطراب النوم في شهر رمضان، توجّه الكثير من الأسواق والمجمّعات التجارية إلى مواصلة العمل حتى ساعات متأخرة جدًا، وفي بعض الأحيان تعود إلى العمل إلى ما بعد صلاة الفجر، وهو ما تراه فرج ظاهرة خطيرة، فتعلّق قائلة "هذه الأسواق والمولات شجّعت على السهر وعززت سلوكيات خاطئة في الأسر، إذ تغري الزبائن بالتسوق خلال 24 ساعة من دون توقف".
ويعاني عشاق السهر من الأرق والخمول بعد الصباح مباشرة، باتزامن مع ما تتطلبه بروتوكولات العيد من نشاط وحيوية، ما يُربك نظام نومهم وحياتهم الطبيعية، بما يشمل ذلك حالة عدم الانتظام في تناول وجبات الطعام، بالإضافة إلى اضطراب الحالة المزاجية نتيجة عدم أخذ القسط الكافي من النوم والراحة، ما يدفع الاختصاصيين للتأكيد على سرعة استدراك هذا الأمر، وتنصح فرج باستغلال إجازة عيد الفطر، من خلال بدء تنظيم النوم بالنسبة للموظفين وأصحاب الأعمال على وجه خاص، لافتةً إلى أنّ ذلك يتطلب التدريج والبدء منذ اليوم في تحديث الساعة البيولوجية وإعادة ساعات النوم إلى سابق عهدها قبيل رمضان، مضيفة بقولها "بالنسبة للأطفال فالأفضل تعويدهم على النوم باكرًا من دون ربط ذلك بالمدارس، وهو الأفضل لهم صحيا ونفسيا"، ومن الطريف الإشارة إلى أنّ السعوديين درج بينهم تسمية عصر العيد بـ"الغيبوبة الجماعية" أو "غيبوبة العيد"، وهو مصطلح واسع الانتشار ويتداول بكثرة في شبكات التواصل الاجتماعي، للإشارة إلى حالة النوم الجماعي التّي تجتاح البيوت السعودية بعد انتهاء طقوس العيد الصباحية، لتعويض قلة النوم والسهر خلال الليل، حيث يعم الهدوء الشوارع والطرقات بعد الظهر، في استراحة جماعية يتّفق عليها معظم السعوديون، ليعودوا بعدها لاستكمال جولات العيد في الفترة المسائية، بعد أخذ قسط من الراحة والنوم، ويشهد مساء العيد مزيدًا من الزيارات العائلية أو التجوّل للتنزه والاستمتاع بفعاليات العيد المنتشرة في مختلف مناطق البلاد.
ويساعد القرار الملكي الصادر هذا الأسبوع بتمديد إجازة عيد الفطر في تعديل الساعة البيولوجية بالنسبة للموظفين، إذ أصبح لديهم المتسع الكافي من الوقت لتعديل نظام نومهم قبيل العودة إلى طقوس العمل بنحو أسبوعين، وإعادة دورة الحياة اليومية كما كانت عليه قبل رمضان، لا سيما ممن اعتادوا السهر في هذا الشهر والخلود إلى النوم بعد أداء صلاة الفجر.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر