احدث عدم اختيار عرضًا مسرحيًا عراقيًا ضمن العروض المشاركة في دورة هذا العام لمهرجان القاهرة المسرحي واستغرابا في نفوس فناني المسرح العراقي للعلاقة الوطيدة بين فناني البلدين لكن الزعل كان غمامة صيف بعد توضيح ادارة المهرجان, حيث أكد الفنانان عزيز خيون وعواطف نعيم أنهما بعثا رسالة الى الدكتور سامح مهران رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر، قالا فيها: "اذ نبارك لكم انطلاق الدورة الجديدة لمهرجانكم المسرحي العتيد ، والذي كان فيه العراق منذ دورته الاولى ، وحتى دورته الاخيرة حاضرًا وبقوة ، من خلال عروض مسرحية متميزة ، استحقت نيل أهم جوائزه في التمثيل والاخراج والسينوغرافيا ، وكذلك جوائز العرض المتكامل ، ورشحت عدد من عروضه لجوائز أخرى مهمة ، ونافست تلك العروض العراقية ، عروضا مسرحية أوروبية وعربية ، لا يسعنا الا أن نتمنى لكم كل التوفيق والنجاح ، لما تنجزونه في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر ، بعد انقطاع دام من آخر دورة في العام ٢٠١٠ ، وحتى انطلاق دورته الثالثة والعشرين المباركة في العام ٢٠١٦ ، بجهودكم وإصراركم ، كمثقفين فاعلين وأساتذة فن ، يدركون أهمية وقيمة المسرح ، رسالة جمالية وتوجه فكري وضرورة مجتمعية" .
وأضافا: "لكن أن يغّيب العراق ، وهو البلد العربي الذي شهدت له المهرجانات في الوطن العربي بكل تنوعاتها ، تميزه وجهادتيه وعناده ، وقدرات رجالاته وسيدات مسرحه ، من جيل الرواد الى جيل الشباب ، رغم كل الظروف العصيبة التي يمر بها العراق ، والموت المجاني الذي يحاول إغتيال إرادة الانسان العراقي ، الا أن الفنان العراقي يثابر ويناضل ويبدع ويبتكر ، كي يوصل صوت العراق الى كل المحافل العربية ، التي تعنى بالظاهرة المسرحية ، حين يغّيب فإننا ندهش ونستغرب ، ونحن نعرف أن ثمة إحدى عشر عرضا مسرحيا ، قُدمت الى إدارة المهرجان لتمثل المسرح العراقي ، وكلها رفضت بحجج غير مقنعه ، ولاسيما وأنتم تعرفون ظرف العراق المضطرب ، وتدركون أهمية أن يتواصل مع الأخر، من خلال العمل والتعاون واللقاء، والذي يعلن فيه الفنان عن حياة المسرح والابداع في وطنه من جانبه اكد الفنان ميمون الخالدي ان هناك حقيقة لا يجب حجبها بالكذب عن مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، وقال : "اخبرني رئيس المهرجان الدكتور سامح مهران وهو زميل وصديق ان المهرجان بحلته الجديدة بعد توقف عدة اعوام قد اصبح مؤسسة ثقافية يتولاها مجلس ادارة يقرر سير اعماله وليس برئيس يفعل ما يشاء حسب اهوائه ومزاجه ، وهناك لجان مستقلة تعمل على اكتمال برنامج المهرجان وقراراتها مستقلة لا يستطيع مجلس الادارة الا المصادقة على قراراتها وكذلك فان التمثيل في هذه الدورة وما يليها ليس تمثيلا سياسيا ( اي ليس على اساس الدول) وانما تمثيلا فنيا يقوم على اساس المشاركة في المهرجان عن طريق الدخول الى موقعه على الإنترنيت وملأ استمارة خاصة بالأعمال مع قرص مدمج للعمل المراد المشاركة فيه ومن اية جهة وفي اي مكان في العالم وحدد تاريخ ٩ يونيو/حزيران ٢٠١٦ اخر موعد لاستلام الاعمال التي تود المشاركة ترسل الكترونيا الى لجنة اختيار العروض المشاركة في المهرجان" .
وأضاف: "إن لجنة الاختيار لم ترشح عملا عراقيًا بعد مشاهدتها وهي مستقلة برأيها ولا يستطيع مجلس الادارة ولا حتى رئيسه التدخل بآرائها كما لا يحق لنا هنا ان نتدخل, هذه هي الحقيقة والتي حاولت شرحها للبعض من الاخوة ، وان تمثيل المسرح العراقي قد تم من خلال ضيوف مسرحيين يشاركون في الندوة الفكرية للمهرجان وبأكبر وفد عربي حسب ما اخبرني به رئيس المهرجان" .
أما الفنان فلاح ابراهيم فقال :"اعتقد أن هناك سببا مهما هو تهافت بعض الفنانين على المهرجانات, وتقديم تنازلات معيبة جعل من المشاركة العراقية فيها الكثير من الخلل, ونحن نعرض انفسانا وتجاربنا بشكل بخس والبعض يقدم هدايا ويتوسط ليشارك والاخرون يعتقدون ان مجرد مشاركتهم هي نصر ونجاح لهم, ولازالت عقدة السفر التي اكتسبناها من الماضي والنظام الماضي مسيطرة على بعض العقول, لا بل الاخطر ان جيل الشباب, بعضهم , اصبح اشد دهاء وخطورة وتملقت من الجيل السابق, رغم ان السفر اصبح سهل جدا, وأضاف: "المشكلة تكمن في الكرامة ..الكرامة واحترام النفس واحترام التجربة المسرحية العراقية المهمة, والاهم أن علينا ان نضع لنا سياقات لمشاركة الاعمال ..والاهم من هذا ان يكون لنا مهرجان مهم حتى نتعامل بالمثل".
وختم بالقول :احيي مواقف الفنانين الكبار, الذين رفضوا المشاركة بصفة ضيوف, واتمنى ان نكون واضحين في مواقفنا من أي محاولة للإساءة الى تاريخ مهم ومشرف للمسرح العراقي في جميع المهرجانات العالمية والعربية" .
وأوضح الفنان راسم منصور المقيم في القاهرة حيثيات الحدث قائلا :"ميزانية المهرجان 6 مليون جنية مصري من وزارة الثقافة المصرية وهناك خلافات حادة بين الوزارة وبين ادارة المهرجان حول زيادة الميزانية الى عشرة ملايين جنية ،والـ 6 ملايين تعادل 500 ألف دولار أميركي بحجم أصغر فعالية اقامتها وزارتنا العتيدة ايام عاصمة الثقافة العربية, وأضاف : "يجب عدم اعطاء الموضوع اكبر من حجمه ،هناك خلل أجرائي ولا يستوجب ان ندخله في دهاليز ( مؤامرتيه ) لن نجدي منها نفعاً. فالمصريون دائماً يحترمون قامة العراق المسرحية والثقافية ، وعلينا ان لا نسعى لخسارة الأخرين ثقافياً بهذه المواقف غير المدروسة كما فقدناهم سياسياً بسبب سلوك سياسينا. انا اقول هذا لحرصي على دقة المعلومات ولخشيتي أن نضع انفسنا ومصداقيتنا في مهب الريح. مصر بلد يحترم الاخر ويعرف تماماً قيمة الثقافة العراقية فلا يستحقوا منا هذا الاتهام" .
وتابع: "نحن مطالبون باعتذار لأداره مهرجان القاهرة للمسرح المعاصر والتجريبي بعد البيان المتوازن والدقيق ،لقد سعينا الى موقف وتوضيح رسمي لإسكات بعض الأصوات التي استغلت القصة برمتها للمزايدة وصنع البطولات الوهمية والفيسبوكية. الأن على من استخدم لغة الاتهام والتسقيط والتهجم وحتى التجاوز اللفظي على أدارة المهرجان وعلى البلد الذي ينظم المهرجان، الأن عليه أن يعتذر".
واستطرد : "المسرح احترام إنسانية الأنسان وكرامته ووجوده وهو وسيلة للابتعاد عن محاولة النيل من كرامة الأخ ، وأنا اول المعتذرين، بالرغم من أني سعيت منذ البداية الى الحقيقية والى الدليل والى عدم خلط الأوراق كما فعل البعض .على الجميع أن يفهم أن الأخر ينظر لنا باعتبارنا امتدادا لقامات واسماء مسرحية وثقافية وحضارية عظيمة لها أثرها الكبير في الحضارة الإنسانية ولسنا ممن يتهم ويتنابز ويقلل من قيمة الأنسان لمجرد مشاركة في مهرجان مسرحي أتبعت فيه الآليات المتبعة في كل المهرجانات في العالم".
وأعلنت إدارة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر و التجريبي استغرابها مما تم تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي بخصوص عدم اختيار عرض عراقي ضمن العروض المشاركة في دورة هذا العام ، واوضحت في بيان انها تؤكد احترامها لفنون جميع الدول العربية و تقديرها للمسرح العراقي ابداعا و مبدعين ، و تثمينها لمشاركاته التي أثرت المهرجان في دوراته السابقة .
وجاء في البيان :نود أن تضع أمام الجميع حقائق أساسية :أولها : أن اختيار العروض المشاركة قامت به لجنة مستقلة و محايدة تتكون من أساتذة أكاديميين و نقاد و كتاب و ممثلين و مخرجين ، رُوعِيَ في تشكيلها تنوع الأجيال و المشارب ، و لم تلتزم هذه اللجنة بأي معيار سوى معياري الجودة الفنية و التنوع المشهدي ، و لم تنظر لجنسيات الاعمال المتقدمة للمشاركة ، كما لم تتدخل إدارة المهرجان في اختياراتها ثانيها : ان اللجنة شاهدت 79 عرضا عربيا و اجنبيا ، منها 8 عروض عراقية فقط هي التي تقدمت بمستنداتها كاملة ( و ليس 11 عرض او 13 كما يدعي البعض ) و معظمها من نوعية المونودراما ، و نظرًا لكثرة هذا اللون من فرق عدة ، فقد رأت اللجنة اختيار عرضين فقط من جميع عروض المونودراما التي تقدمت حتى لا يتحول المهرجان الى مهرجان للمونودراما ثالثها : أن اللجنة اختارت عرضا عراقيا ، ضمن اختياراتها ، هو عرض ركائز الدم لفرقة " أجساد عراقية "اخراج المخرج العراقي المغترب " انمار طه " و انتاج عراقي سويدي ، و هذا يدحض تماما كل ما يثار و اخيرا نؤكد على ان الامر لم يكن مقصودا فكثير من الدول ،عربية و أجنبية ، لم يتم اختيار أعمال لها ، ذلك لأن اختيارات المهرجان هذا العام محدودة عدديا ، فبعد أن كانت مشاركات الفرق الأجنبية و العربية تزيد على الأربعين عرضا تقلصت هذه الدورة الى سبعة عشر فقط ، و لكن إدارة المهرجان تسعى جاهدة للتوسع في الدورات القادمة مما يتيح مشاركة أكبر للجميع .
وختمت البيان بالقول: في النهاية تؤكد إدارة المهرجان على خالص احترامها و تقديرها ، ليس للمسرحيين العراقيين فقط ،و إنما لكل المسرحيين المخلصين و القابضين على جمر فن المسرح في العالم أجمع .
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر