صدر في شهر شباط/فبراير الجاري (2020) عن مركز الدراسات والأبحاث القانونية والقضائية والاجتماعية، ثاني مؤلف جماعي يعالج مختلف إشكالات قضية الصحراء المغربية تحت عنوان: "الصحراء المغربية والحلول الممكنة: بين تعدد المقاربات واختلاف المدخلات وتنوع السيناريوهات".ويستمد هذا المؤلف أهميته، حسب القائمين عليه، لما له من الراهنية والجدة والجدية في تناول مقتضيات قضية الصحراء بمقتضى أو آليات أكاديمية ومنهجية علمية ومناهج تحليل مختلفة عما هو معهود في تناول هذه القضية، علاوة على الجهد المواكب لهذا العمل من قبل اللجنة العلمية ولجنة التحرير والتدقيق اللغوي لتنقيح وضبط المرتكزات العلمية للمادة التحليلية، وهو ما يجعله محط أنظار الباحثين والمهتمين بالنزاع الإقليمي المفتعل.
وتعالج فصول هذا الكتاب ومباحثه موضوع قضية الصحراء المغربية من زوايا متعددة وجوانب مختلفة، وتنطلق هذه المعالجة في جانبها الفكري والنظري من بديهية تفيد بأن الصّحراء المغربية هي تجسيد وجودي لكينونة الدولة المغربية، بحيث تحتل هذه القضية الوطنية حيّزا كبيرا من مساحة الأجندة الخارجية المغربية؛ اعتمادا على الإجماع الوطني والمشروعية الحضارية والتاريخية للبلاد، وكذا الشرعية الأممية والمواثيق الدولية والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان في تدبير مرتكزات الوحدة الوطنية وتنمية الجماعات الترابية للأقاليم الجنوبية.
ووفق المؤلفين، فـ"قد تعزز نفس التوجّه في العقد الأول من الألفية الثالثة بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي حازت الاجماع الدولي على جديتها ومصداقيتها، إذ يمكن اعتبارها منعطفا تاريخيا في الحياة السياسية الدولية والوطنية على حدّ سواء، كنتيجة حتمية لسنوات تراكمية من العمل المتواصل المتمثّل في مختلف الأوراش الإصلاحية والمبادرات التحديثية المتتالية في سياق تاريخي دولي دقيق. وفي خضمّ الأحداث التي كان العالم العربي وما يزال مسرحا لها، توّج الإصلاح بالمغرب بوثيقة دستورية لسنة 2011 أقل ما يقال عنها إنها غير مسبوقة في الأوضاع الإقليمية المحيطة بالمملكة."
بيد أن هذا التطور السياسي الممأسس، يقول الكتاب، تلته عراقيل إقليمية ودولية تروم فرملة الانتقال الديمقراطي المغربي، وذلك عبر اقتراح توسيع مهام بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، وما أعقبه من مواقف منحازة للمبعوث الشخصي للأمين العام، ثم الزيارة الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة المنتهية ولايته إلى المنطقة ودول الجوار، وما أسفرت عنه من تداعيات وطنية ودولية لا تخطئها عين المتتبع للأحداث الدولية.
وعلى هذا الأساس، وفي إطار ضبط التطورات الجديدة لقضية الصّحراء المغربية واستشراف مستقبلها، أبى مركز الدراسات والأبحاث القانونية والقضائية والاجتماعية إلّا أن يساهم في النقاش القانوني والأثر السياسي لمستجدات قضية الوحدة الترابية من خلال استجلاء الآراء وسبر كنه المنظومة الفكرية، التي من الممكن أن تتحكم إيجابا في توجيه مسار ملف الصحراء المغربية نحو ما تمليه عليها المستلزمات الوطنية وروح المواطنة طبقا لمقتضيات المشروعية، والمرتكزات الدستورية، والشرعية الأممية.
ذلك، أن رهان هذا المؤلف، حسب المشاركين فيه، هو إبراز قدرات الخبراء الأكاديميين من أجل تسهيل إمكانية التعاون في مجال الاقتراح، والترافع على كون الوحدة الترابية ضرورة شرعية تقتضي إحياء المسؤولية الوطنية اتجاهها، وذلك باستحضار عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وتغير موازين القوى الإقليمية بتغير مسؤولي هذه المنظمة، وكذا تغير الأمين العام للأمم المتحدة، وما توازيه من تغير حكومات الدول التي لها تأثير مباشر بالسلب أو الايجاب على القضايا الوطنية للمملكة المغربية، حيث اعتبروا أنه من هنا، تأتي الحاجة إلى خلق فضاء للنقاش والتفكير الجماعي والمشترك بين مختلف المواطنين أفرادا وجماعات لإحياء ثوابت الدولة.
ولمقاربة أهمّ عناصر القضية، تطرح في هذا الصدد مجموعة من الإشكالات والتساؤلات، خاصة في ظل التحولات الدولية المتسارعة التي يشهدها العالم. هذه التساؤلات التي يمكن بلورة الإجابة عنها، أو بالأحرى الإحاطة بمقتضياتها عبر عدة محاور يشتملها الكتاب، منها "الآثار الإقليمية لقضية الصحراء"، و"التداعيات الأمنية لقضية الصحراء وأبعادها الاستراتيجية"، و"دور القانون الدولي في تأطير مقتضيات مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها"، و"مستقبل الدبلوماسية في الترافع عن قضية الصحراء"، و"الآفاق المستقبلية لقضية الصحراء".
لقد تكونت مادة هذا الكتاب وأفكاره الأساسية بفضل جهود مجموعة من الخبراء والأكاديميين والباحثين الشباب من مؤسسات جامعية مختلفة، وبتقديم رفيع المستوى من أبناء الأقاليم الجنوبية الغيورين والمدافعين باستماتة على الوحدة الترابية المغربية، وهي في حد ذاتها سابقة أكاديمية علمية، أكدوا من خلالها إدراكهم المبكر للضرورة العلمية والعملية لدراسة قضية الصحراء المغربية، وحتمية ايلائها ما تستحقه من العناية والاهتمام.
وقد اعتبر السفير محمد ماء العينين بن حسنّا، مقدم الكتاب، هذا العمل "سابقة نوعية تشكل مرجعا ثوريا في الكتابة الشمولية عن قضية وحدة المملكة المغربية الترابية. إنه بكل موضوعية يغني ويثري ويقوي الحجج والبراهين والأدلة التي تحتاجها الدبلوماسية المغربية، سواء منها وزارة الخارجية بكافة ديبلوماسييها وأطرها، أو الدبلوماسية البرلمانية ومنظمات المجتمع المدني".
قد يهمك أيضًا
"الآثار" المصرية تدعو لاجتماع طارئ بسبب بيع القطع الأثرية فى المزادات العالمية
آزولاي تؤكد أن المغرب يجسد قيم "اليونيسكو" بفضل ثقافاته المتعددة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر