لندن - سليم كرم
يعد حادث قطع أذن فنسنت فان غوخ عام 1888 أحد الحوادث الأكثر شهرة في تاريخ الفن، وتكهن الخبراء تكهنات لا نهائية حول كيفية فقدانه أذنه وعن العاهرة الغامضة راشيل التي أرسل لها الفنان جزءًا من جسده مع عبارة "حافظوا على هذا الجزء بعناية"، وتم الكشف عن القصة الحقيقية وراء رسومات الأذن اليسرى لفان غوخ قبل وبعد الإصابة الذاتية، التي قام بها، وتم إجراء الجراحة بواسطة الدكتور فليكس راي الطبيب ذاته الذي تعامل مع الجرح، حيث كشفت بعض الرسومات للمرة الأولى عن مدى التشويه الذي حُجب عن عين المشاهد في اثنين من البورتريهات لفان غوخ نفسه مع ضمادات على أذنه، وأظهر الصور أن الفنان قطع أذنه بالكامل تقريبًا، وليس جزء منها كما زعم بعض الشهود المعاصرين.
وأظهر بحث جديد أن راشيل لم تكن من سيدات الليل على الرغم من عملها في منطقة الضوء الأحمر في المدينة الفرنسية الجنوبية آرل، وكان اسم الفتاة الحقيقة غابريل وعملت كخادمة ليلا في بيوت الدعارة، ونهارًا عاملة نظافة في المحلات التجارية القريبة، وتمت هذه الاكتشافات بواسطة برنارديت ميرفي، 58 عامًا، التي انتقلت من بريطانيا إلى فرنسا قبل نحو 30 عامًا وشغلت عدة وظائف منها مرشدة سياحية، وقررت ميرفي فحص نزوة فان غوخ، بعد زيارتها آرل موطن الفنان في أواخر الثمانينات بعد أن أكملت شهادة البكالريوس في تاريخ الفن.
واندهش الخبراء عندما قدمت لهم بحثها في متحف فان غوخ في أمستردام، وأعرب الخبراء عن إثارتهم حيث أعلنوا رسميًا الأثنين في إطلاق أول معرض من نوعه عن نضال فان غوخ مع المرض العقلي، وأوضح باحث وأستاذ تاريخ الفن في جامعة أمستردام لويس فان تيبورغ أن الرسومات توفر أدلة قاطعة في واحدة من أكبر أسرار الفن، مضيفًا أنها تقدم حلا لمسألة طويلة، عما إذا كان الفنان قطع أذنه بالكامل أو جزء منها أو شحمة الأذن فقط، عرفنا الآن أنه قطع أذنه بالكامل، إنها وثيقة مهممة تحمل الكثير من القيمة العاطفية"، وعانى فان غوخ من انهيار عقلي في كانون الأول/ديسمبر 1888 وأخذ شفرة حلاقة وقطع أذنه، وعثرت عليه الشرطة في منزله في اليوم التالي، ونُقل إلى المستشفى، وكتب شقيقه الحبيب ثيو إلى زوجته عن زيارته قائلًا: "من المحزن التواجد هنا لأن أحزانه تتضخم من وقت إلى أخر داخليًا، وسيحاول البكاء لكنه لا يستطيع، إنه مناضل ومتألم مسكين".
ويعد الحادث بين الأسئلة الأكثر شيوعا لزوار متحف فان غوخ، ويشمل أحدث معارضه عريضة وقعها 30 من سكان آرل المحليين يدعون إلى احتجاز فان غوخ في مستشفى للأمراض العقلية، إلا أن بحث مرفي يشكك في مدى دعم الناس لذلك بعد اكتشاف أن أربعة منهم أميين ولا يمكنهم التوقيع على العريضة بأنفسهم، ويضم المعرض بورترية رسمه فان جوخ للدكتور راي، الذي تم استعارته من متحف بوشكين في موسكو، فيما نشرت ميرفي بحثها هذا الأسبوع في أول كتاب لها بعنوان "أذن فان غوخ: القصة الحقيقية"، وتحدث ميرفي حصريًا لجريدة ديلي ميل موضحة أن اكتشاف الرسومات يعد لحظة مؤثرة، وأضافت: "عندما ترى هذه الوثيقة تدرك مدى بشاعة الحادث، وكيف تمكن من خلق روائعه الفنية في خضم المرض العقلي"، وتعقبت ميرفي خلال 7 أعوام من العمل البحثي الرسومات في أرشيف كاليفورنيا، وكانت بين أوراق الروائي الأمريكي إيرفينغ ستون الذي التقى راي عام 1930، وبعد 4 أعوام نشر ستون رواية السيرة الذاتية الروائية Lust for Life، التي ألهمت بطل الفيلم الحائز على الأوسكار كيرك دوغلاس في دور فان غوخ.
وأثبتت ميرفي هوية غابريل من خلال بحثها في الوثائق المعاصرة، بما في ذلك سجلات الاعتقال للنساء الذين يعالجون من الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، وتوصلت إلى عمل غابريل لتغيير أغطية الأسرة والغسيل في أحد بيوت الدعارة، ويضم معرض أمستردام الذي سيفتح الجمعة، ندوة لأطباء دوليين محاولين تشخيص مرضه من خلال الأدلة الوثائقية، ويظهر بحث ميرفي في فيلم وثائقي على بي بي سي 2 بعنوان "سر أذن فان جوخ"، والذي يقدمه جيرمي باكسمان في أب/أغسطس، وانتحر فان غوخ عام 1890 بعد فترة من كتابته لشقيقه عن شعوره بالفشل، وناضل فان غوخ لبيع أعماله ولكن اليوم يصل ثمن أعماله إلى 49.1 مليون إسترليني.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر