الرباط -المغرب اليوم
قال أحمد شوقي بنبين، مدير الخزانة الحسنية بالرباط، إن المخطوطات التي تم تحقيقها في المغرب، على غرار باقي بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ينبغي أن يعاد فيها النظر من جديد، وأن يعاد تحقيقها من لدن علماء مؤهلين.وذهب بنبين إلى القول، في محاضرة ضمن أشغال اليوم الثاني من دورة تكوينية تنظمها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط لفائدة طلبة الدكتوراه، إن الكتب التي حققت ونال بها أصحابها جوائز كلها الآن يعاد تحقيقها من قِبل مجموعة أخرى من العلماء.
واعتبر المفكر المغربي، الذي درس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط لأربعة عقود، أن ما يعمق أزمة التحقيق في المغرب وفي العالم العربي هو تكليف طلبة في بداية مشوارهم بإنجاز التحقيق العلمي وهم غير مؤهلين لهذه العملية وليس لهم تكوين علمي سواء في البيبلوغرافيا أو في طرق البحث.وتابع أن الحل لتجويد التحقيق العلمي هو تكوين الباحثين، أو “الرجل التراثي، الذي يكون مؤهلا لممارسة هذه الأمانة العلمية”، مضيفا: “المشكل هو أننا في الجامعات العربية لا نكون الرجل التراثي. لدينا مؤرخون وفقهاء وبلاغيون وأدباء؛ ولكن ليس لدينا تراثيون”.وعزا مدير الخزانة الحسنية بالرباط سبب ضعف التحقيق العلمي في المغرب، كما هو الحال في باقي بلدان المنطقة، إلى ممارسة غير المختصين في اللغة العربية للتحقيق، معتبرا أن هذا الأمر “فضيحة ومصيبة كبرى”.
من جهة ثانية، قال بنبين إن أضخم وأغزر تراث مخطوط هو التراث العربي؛ غير أن هذا التراث “عانى كثيرا، من طباعة ونساخة وتحقيق، وما زال يعاني إلى اليوم”، على حد تعبيره، معتبرا أن “مشكلتنا أن هذا التراث الضخم لا نعرف عنه شيئا كثيرا، ولا نعرف عدده”، لافتا إلى أن أمما أخرى أحصت ما لديها من تراث مخطوط.واستنادا إلى المعلومات التي قدمها مدير الخزانة الحسنية، فإن اللاتين أحصوا 500 ألف مخطوطة في مختلف خزائن العالم، وكذلك فعل العبريون والأوروبيون، حيث أحصوا 50 ألف مخطوطة يونانية، مضيفا: “أما نحن، فلا نعرف شيئا عن تراثنا.. هناك من يقول ثلاثة ملايين مخطوطة، وهناك من يقول خمسة ملايين، وهناك من يقول سبعة”.
وإذا كانت مجتمعات دول المنطقة لا تتوفر على معطيات حول رصيد تراثها المخطوط، فإن هذا الأمر ينطبق أيضا على المغرب، حيث قال بنبين “في الخزانة الملكية لدينا ثلاثون ألف مخطوطة، وفي المكتبة الوطنية خمسة عشر ألفا؛ ولكن كم عدد النسخ في المغرب، لا نعرف”، معتبرا أن “علم التراث العربي الذي لا يزال يحبو هو المؤهل للإجابة”.وأردف مدير الخزانة الحسنية أن العرب لا يجهلون فقط ما لديهم من تراث مخطوط، بل لا يعرفون أيضا كثيرا من المصطلحات الواردة فيه، موضحا: “كلمة “كاغط” مثلا، يقال إنها كلمة فارسية، وهذا خطأ لأنها في الأصل كلمة صينية ظهرت في القرن الأول للميلاد، لأن الصينيين هم الذين اخترعوا الورق”.
وتابع المتحدث ذاته قائلا: “القرطاس أيضا كلمة يونانية وليست كلمة عربية، ونحن في الخزانة الملكية عانينا الأمرين من أجل جمع المصطلحات”.من جهة ثانية، انتقد مدير الخزانة الحسنية بشدة تصحيح النصوص، دون الاحتفاظ بالأخطاء المصححة، موضحا: “العرب يقولون النسخة الجيدة، أي المصححة، وهذا خطأ كبير وجريمة يقوم بها الناسخ؛ لأن المطلوب هو ترك النسخة بأخطائها، لأن الأخطاء هي التي تهدينا إلى مصدر الخطأ”.
وأكد بنبين أن ثمة حاجة ماسة إلى إنشاء مؤسسة على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعنى بتراث المنطقة المخطوط، يجتمع فيها المؤهلون وكبار العلماء في محاولة الإجابة عن بعض التساؤلات، قبل أن يعبر عن أسفه لعدم “وجود آذان صاغية من طرف صناع القرار للتفاعل مع هذا الاقتراح الذي لم يدركوا أهميته”.واستطرد المتحدث ذاته أن هناك فرقا كبيرا بين التحقيق لدى العرب ونظرائهم المستشرقين، قائلا: “نحن العرب لا علاقة لنا بالتحقيق، وعلينا أن نقارن بين تحقيقات المستشرقين وبين نظرائهم العرب، دون الجنوح نحو مناقشة هل هم يعادون الإسلام وما إلى ذلك؛ لأن ما يهم هو جودة التحقيق”.
قد يهمك ايضا
أكادير تحتضن الدورة الثامنة لـ"ملتقى فنون للثقافة والإبداع"
مهرجان الشعر الأمازيغي يحتفي بالمبدعة إيطو زاقا
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر