تشارك 5 عملات إسلامية تتميز بأهمية استثنائية، ويعود تاريخها إلى القرن السابع الميلادي، بين أبرز العناصر المشاركة في المزاد القادم، بعنوان «عملات مهمة من العالم الإسلامي» الذي تقيمه دار «مورتون آند إيدن» في لندن، الخميس الموافق 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2020.
بصورة مجملة، توفر هذه العملات الخمس دليلاً تاريخياً حيوياً على مولد مؤسسة إسلامية خالصة لسكّ العملة، وتشير تقديرات إلى أنها ستجلب ما يقرب من 700000 جنيه إسترليني (مليون دولار أميركي).
من جهته، شرح الخبير المتخصص في شؤون العملات لدى «مورتون آند إيدن»، ستيفين لويد، أن «هذه العملات النادرة التي يسعى خلفها كثيرون، والتي صنعت اثنتان منها من الذهب و3 من الفضة، تكشف قصة العقود الأولى من الإسلام على نحو فريد. وتوضح لنا هذه العملات كيف أنه في الوقت الذي توسعت فيه الإمبراطورية الإسلامية شرقاً وغرباً في القرن السابع الميلاد، فإن الأراضي التي دخلها المسلمون لم يجر توحيدها تحت راية الحكم والثقافة الإسلامية فحسب، وإنما كذلك من خلال سكّ عملة عبر جميع الأراضي الخاضعة للحكم الإسلامي، الأمر الذي وفّر قدراً إضافياً من التناغم».
وأضاف: «خلال السنوات الأولى من الفتوحات المسلمة الكبرى، لم يكن هناك تقليد قائم لسك العملة. وعليه، لجأ الحكام ببساطة لتعديل العملات القائمة بالفعل أو استوحوا إلهامهم من العملات التي كانت مستخدمة. ومع ذلك، فإنه بعد 3 عقود من الأنماط المتنوعة من العملات المختلطة، جرى سك أول دينار أموي ذهبي في عام 77 هجرياً، وجاء هذا إيذاناً بمولد تقليد إسلامي خالص لسك العملة».
العملة الأولى هي عملة صوليدوس ذهبية، من المحتمل أن تاريخ سكها يعود إلى الفترة ما بين 680 و660 م. وكانت تلك واحدة من أولى العملات الذهبية التي سكّها المسلمون، الذين سيطروا على مساحات واسعة من الإمبراطورية البيزنطية، بينها سوريا والأردن ولبنان ومصر.وفي هذا الصدد، شرح ستيفين لويد أن «الأشخاص الذين كانوا يعيشون في تلك الأقاليم كانوا يستخدمون عملات ذهبية مثل تلك منذ قرون ولم يبدِ الفاتحون المسلمون ميلاً يذكر نحو إدخال تغييرات على الأوضاع القائمة. وفيما يخص سك عملات ذهبية جديدة، جرى الاعتماد على النماذج الأولية البيزنطية القائمة، لكن مع إزالة أي رموز مسيحية صريحة مثل الصليب».
في المرتبة التالية من الترتيب الزمني يأتي درهم عربي - ساساني من الفضة، يحمل اسم «الخليفة الواقف»، أطلق عليه هذا الاسم لأن الجهة الخلفية تحمل صورة خليفة واقفاً ممسكاً بسيف في يده، في تعبير عن قوة الإسلام، رغم وجود تشابهات واضحة في الصورة مع صور أخرى معاصرة للإمبراطور البيزنطي.
ويشير الاحتمال الأكبر إلى أن هذه العملة النادرة للغاية جرى سكها داخل دمشق أثناء حكم الخليفة عبد الملك، نحو عام 75 هجرياً. جدير بالذكر أن دمشق، عاصمة الأمويين، كانت تقع على الحدود الفاصلة بين هاتين المنطقتين.
من بين الأمثلة النادرة الأخرى، نرى درهم «المحراب والعنزة» وهو طراز من الدراهم العربية الساسانية. اللافت أن هذه العملة الفضية المهمة تفتقر إلى أي إشارة إلى موقع سك العملة أو تاريخ إصدارها، وإن كان من المحتمل أنها تنتمي إلى عام 75 هجرياً تقريباً، وأنه قد جرى سكّها في دمشق.
في العملة الرابعة المهمة في المزاد، نرى تصويراً لأيقونات عسكرية أكثر وضوحاً في هذا الدرهم الفضي الذي جرى سكه في العام 84 هجرية أثناء حكم الخليفة يزيد بن المهلب. يُظهر وجه العملة صورة تمثال نصفي ساساني يرتدي خوذة على عكس التاج المعتاد. أما الجهة الخلفية فتكشف تحولاً أقوى بعيداً عن النماذج التقليدية السابقة، ذلك أنها حملت صورة محارب يهدد ويتوعد. ويرتدي الجندي درعاً وهو مسلح بسيف ورمح. ورغم أن هوية المقاتل غير مشار إليها على نحو واضح، فإنه قد يكون الخليفة، أو ربما تصوير مثالي للصورة التي ينبغي أن يكونعليها المقاتل المسلم. ومن منظور تاريخي، تقدم هذه العملة صورة دقيقة للأسلحة والمعدات التي كانت مستخدمة في القرن الأول الهجري.
أما العملة الخامسة والأخيرة في هذه المجموعة فهي دينار من الذهب، يعتبر من العملات الباقية النادرة للغاية من عام 77 هجرياً، أول عام يشهد إقرار تقليد إسلامي خالص لسك العملة. من جهته، شرح ستيفين لويد أن «إقرار عبد الملك بن مروان لعملية واحدة وموحدة ومتميزة لسك العملة الإسلامية الذهبية يجري النظر إليه عن حق، باعتباره واحدة من العلامات الفارقة في التاريخ المبكر للإسلام. ويتميز الدينار الذهبي بجمال تصميمه، خاصة من حيث بساطته اللافتة وطابعه الإسلامي الشديد».
وقد عمد التقليد الإسلامي الجديد لسكّ العملة إلى النأي عن كل ما جرى استخدامه سلفاً. وعليه، اختفت صور الصلبان المعدلة والصور الإمبراطورية البيزنطية والساسانية. وتميزت الدينارات الذهبية الجديدة بطابع كتابي خالص في تصميمها، وحملت اقتباسات من القرآن، تشدد على وحدانية الله.
وأصبح هذا الدينار أساس عملية مستقرة لسك العملة سارت وفقاً للتعاليم القرآنية. واستمر هذا النمط دونما تغيير حتى سقوط الخلافة الأموية عام 132 هجرياً.
جدير بالذكر في هذا الصدد أن المزاد سيضم كثيراً من القطع الأخرى القيمة والنادرة، منها مجموعة رفيعة ومنتقاة من العملات من الحرمين الشريفين، مكة والمدينة والمنورة.
قد يهمك ايضا:
"أوبرا القاهرة" تعيد اكتشاف الكلاسيكيات العالمية بالغناء والباليه
دبي تتطلع لكسر الرقم القياسي في موسوعة "غينيس" لـ"أكبر لوحة على القماش"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر