بعد سنوات من العيش داخل المجتمع الموريتاني، وفِي ظل وجود عدد من المغاربة المهاجرين في وضع اجتماعي هش، كان عبد الخالق الوجداني وبعض أصدقائه ممن يشتغلون بالعاصمة نواكشوط يفكرون في مساعدة هذه الفئة سالفة الذكر وتقديم الدعم النفسي والمادي لها.
أمام التضحيات التي كان يقوم بها هذا الرجل ومواطنون مغاربة آخرون، في مناسبات دينية، وكذا في بعض الحالات الإنسانية التي تستدعي تعاوناً وتدخلاً عاجلاً، انبثقت في ماي 2015 الجمعية المغربية للوحدة والتضامن في نواكشوط بأطر مغربية.
ميلاد الجمعية
في العاصمة الموريتانية، دفع غياب تمثيلية للجالية المغربية بهذا البلد ومعاناة المواطنين في السنين الماضية بعض المغاربة إلى التفكير في خلق إطار جمعوي وفق مقتضيات المادة العاشرة من الدستور الموريتاني، لمد جسور التعاون وتقديم المعونة والمساعدة للفئات الهشة وكذا تلك التي تعرف مشاكل اجتماعية وأسرية.
تهدف الجمعية المغربية للوحدة والتضامن، التي رأت النور في ماي 2015، إلى خدمة كل ما هو ثقافي واجتماعي وإنساني يتعلق بالجالية المغربية المقيمة في هذا البلد، وكذا المغاربة العابرين من دول أفريقيا إلى أرض الوطن، وكذا تقدم مساعدات للمعوزين الموريتانيين.
وفي هذا الصدد، يقول عبد الخالق الوجداني، رئيس الجمعية المغربية للوحدة والتضامن، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "فكرة تأسيس هذه الجمعية جاءت بالنظر أولاً إلى غياب تمثيلية الجالية المغربية المقيمة في هذا البلد الشقيق، وكذا الإكراهات التي كانت تعيشها الجالية من غياب وسيط بين الإدارتين الموريتانية والمغربية".
وأضاف المتحدث نفسه: "تمخضت الفكرة لدى أعضاء لهم دراية وخبرة وأقدمية في هذا البلد، وعلى احتكاك بالسلطة، حيث قدموا طلباً إلى السلطات وتحصلوا عليه من طرف السلطات الموريتانية".
وحسب عبد الخالق الوجداني، فقد استطاعت الجمعية المغربية للوحدة والتضامن، بفضل العمل الكبير الذي قامت بِه خلال الفترة التي أنشئت فيها، أن تكون صلة وصل بين أفراد الجالية المغربية من وكذا المركز الثقافي المغربي الموريتاني والسفارة المغربية في نواكشوط.
مساعدات وإحسان للمغاربة
لم تكن البداية سهلة لدى الجمعية المغربية للوحدة والتضامن؛ لكن أفرادها عملوا على مواصلة دعم المغاربة بالإمكانات المتاحة من أجل تسهيل عيشهم في هذا البلد بالأنشطة الخيرية والاجتماعية، إلى جانب المركز الثقافي والسفارة فيما يتعلق بالجانب الاداري.
وحسب أعضاء الجمعية، فقد ساهمت في مواكبة الجالية، سواء المقيمة في نواكشوط أو نواذيبو أو أي مكان آخر؛ فقد نظمت أنشطة عديدة من قبيل التكلف بحالات إنسانية عديدة والتدخل في أزيد من 45 قضية أسرية كانت في الطريق إلى الطلاق، حيث عملت النساء اللواتي ينشطن في صفوف الجمعية المغربية للوحدة والتضامن على التدخل لفك النزاعات وإعادة المياه إلى مجاريها بين الأزواج ومصالحتهم.
ويورد عبد الخالق الوجداني أن الأنشطة التي تقوم بها الجمعية لا تتلقى دعماً من أي جهة رسمية، مشيراً إلى أن بعض المؤسسات الخيرية المعروفة في نواكشوط "تعمل على مساعدتنا خصوصا في رمضان، حيث نتسلم بعض الإعانات فيما يتعلق بسلة الإفطار نسلمها إلى المعوزين، كما نعتمد على موارد المنخرطين والمكتب، ولا نتلقى أي دعم من جهة حكومية".
وتطالب الجمعية الجهات الرسمية والوزارة المعنية بأن تقدم التفاتة لها؛ "لأن في هذا التفاتة إلى الجالية المغربية المقيمة في موريتانيا، حيث إن كانت للجالية المغربية في أوروبا أو أمريكا أو الشرق لهم مشاكل، فإن الجالية المغربية بهذا البلد لهم وضع خاص، حيث توجد بين دول جنوب الصحراء والعابرين إلى المغرب، مع تزايد عدد المغاربة منذ سنة 2010، حيث صرنا نلحظ مرحلة انتقالية لمهاجرين يقدمون من أوروبا للعيش هنا نظراً لتحسن الظروف".
العلاقات بموريتانيا بعيون مغربية
يجمع العديد من أفراد الجالية المغربية المقيمة في موريتانيا، الذين التقتهم جريدة هسبريس، على أن العلاقات المغربية الموريتانية تؤثر على المغاربة المقيمين في هذا البلد؛ ذلك أن أي تصرف يرتبط بالجانب السياسي أو الاقتصادي بين البلدين يرخي بظلاله على شريحة من أبناء الجالية المغربية.
وفِي نظر عبد الخالق الوجداني، فإن "أي سوء تفاهم بين الإدارتين المغربية والموريتانية قد يؤثر سلبيا على الجالية المغربية، أو يؤدي إلى التأثير إيجابيا"؛ بيد أنه لفت إلى أن حميد شبار، السفير الحالي للمملكة بالجارة الجنوبية، يقوم، منذ قدومه، بمجهود كبير من أجل تحسين العلاقات، وعمل على جعل العلاقات تعود إلى مجاريها، فهي لم تكن مقطوعة وإنما كانت بعض الخلافات".
واعتبر أن "العلاقات بين البلدين تبشر بالخير، وهذه التظاهرة الممثلة في "أسبوع المغرب" تعد خير دليل على ما أقول؛ لأنها ستساهم في توطيد العلاقة بين المستثمرين المغاربة والموريتانيين، فما يربط البلدين على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والديني والجغرافي كبير".
وأوضح المتحدث نفسه أن ما تقوم به الجمعية المغربية للوحدة والتضامن، من خلال الأنشطة التي تستهدف المعوزين من المغاربة والموريتانيين، يساهم في تقوية العلاقات بين البلدين ويوطد أواصر التعاون بين الشعبين.
وفي هذا الصدد، لفت الوجداني إلى أن تقديم الجمعية مساعدة خيرية لوالدة أحد مسؤولي الدرك كان سبباً في إفراج هذا الأخير على مواطن مغربي اعترافاً منه بالعمل الخيري الذي قام به المغاربة اتجاه والدته حتى ولو لم يكونوا على علم بتوقيف المواطن المذكور.
وسجل الفاعل الجمعوي ذاته أن فصل الصيف يعرف إقبالاً كبيراً للموريتانيين من أجل التوجه إلى المملكة، لقضاء العطلة الصيفية؛ ذلك أن وفوداً تصطف كل يوم أمام السفارة للحصول على التأشيرة للسفر إلى المغرب.
كما أشار المتحدث إلى أن ما يُبين قوة العلاقات بين الشعبين هو أن أكثرية الموريتانيين، خصوصاً من أبناء التسعينيات إلى اليوم الحالي، ازدادوا في المغرب، وخصوصاً في مستشفيات الدار البيضاء، و"هذا أمر يبرز متانة العلاقات ومدى ارتباط الطرفين ببعضهما البعض"، وفق تعبير الوجداني.
قد يهمك أيضًا :
العثور على شواهد قبور تاريخية من القرن الـ13 في مكّة المكرمة
رقم قياسي جديد للمتحف المصري الكبير في موسوعة غينيس
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر