الرباط _ المغرب اليوم
لم تكن الثقافة في بلادنا، قبل عام كورونا هذا، تعيش أزهى فتراتها، لكنها لم تعدم الحركة نهائيا. إذ توزعت أنشطتها بين ندوات ولقاءات ومعارض وعروض ومهرجانات، الخ. ومع انتشار الحالات الأولى لفيروس كورونا، توقفت هذه الحركية نهائيا، وما يزال المنع يسري عليها دون غيرها من القطاعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الأخرى. لكن أسوأ ما عاشته الثقافة خلال هذا العام هو رحيل كثير من أعمدتها الذين صنعوا إشراقاتها وإبداعاتها، وحملوا شعلتها المتوهجة طيلة عقود. نستحضر بعض الأسماء الثقافة التي ترجلت عن مسرح الحياة، إما بالفيروس اللعين أو بغيره.
بعد حياة حافلة في مجالات نشر الكتاب والصناعة والتنشيط الثقافي بالمغرب، رحلت ماري لويز بلعربي يوم الخميس 28 ماي 2020 بمدينة طنجة عن سن تناهز 91 عاما، مخلفة وراءها إرثا واسعا من المنشورات وتقليدا كبيرا من العمل الثقافي المؤسساتي. إذ اختارت هذه الناشرة الفرنسية أن تقيم في المغرب منذ ستينيات القرن الماضي، حيث أسدت منذ ذلك الحين خدمات جليلة للكتاب المغاربة ولثقافة الكتاب والنشر في المغرب. كما كانت لها أياد بيضاء على الأدب خصوصا.
وقد رأت ماري لويز النور في مدين مونبوليي الفرنسية سنة 1928. وقد دشنت بداياتها في مجال الكتاب والنشر ضمن منشورات “جوليار لافون” الباريسية. وواصلت العمل في هذا المجال عندما استقرت في المغرب، حيث عملت على تأسيس منشورات طارق رفقة الناشر بشر بناني، حيث يدين لها القراء بنشر مجموعة من الأعمال حول سنوات الرصاص والكفاح من أجل الاستقلال والقضية الفلسطينية، الخ. كما كانت من مؤسسي ومؤسسات الجمعية من أجل النهوض والنشر والكتاب والقراءة التي تأسست سنة 1999.
ولعل من أبرز المشاريع الثقافية التي خلفتها أرملة المرحوم عبد القادر بلعربي، المسؤول السابق ضمن هياكل التربية الوطنية، ثم وزير الصناعة، المتقاعد من شركة “صوماكا” التي أدارها طيلة سنوات مديدة، مشروع مكتبة ملتقى الكتب، التي أسستها سنة 1984، إلى جانب أمينة الهاشمي العلوي، التي تعرفت عليها في مكتبة الحي اللاتيني حيث كانتا تعملان معا، وكذا الناشر عبد القادر الرتناني مالك دار ملتقى الطرق.
علاوة على ذلك، نشطت ماري لويز بلعربي البرنامج التلفزيوني متعة القراءة على القناة الأولى خلال الفترة الممتدة بين 1986 و1990. كما أشرفت على تسيير جمعية “كو دو سولاي”، التي أطلقت بشراكة مع نظيراتها المغاربية في الجزائر وتونس المعرض المغاربي للكتب في باريس، والذي كان يقام سنويا.
تجدر الإشارة إلى أن ماري لويز بلعربي كرمت في ديارها بحصولها على وسام الفنون والآداب للجمهورية الفرنسية برتبة فارس عام 2001. يشار كذلك إلى أنها أصدرت رواية بعنوان “Ligne brisée” (خط متقطع).
يهمك ايضا:
"ابن بطوطة" يسلّم جوائز "أدب الرحلة" في معرض الكتاب بالبيضاء
مشهد خروج أمير الرحالة يُلهم 20 فنانًا أعمالًا عن التنقل والمغامرات في أغادير
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر