كتاب جديد يتحدّى النسيان بالتّأريخ للموسيقى اليهودية المغربية
آخر تحديث GMT 12:51:26
المغرب اليوم -

صدر بثلاث لغات عن دار النشر "مرسم"

كتاب جديد يتحدّى النسيان بالتّأريخ للموسيقى اليهودية المغربية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - كتاب جديد يتحدّى النسيان بالتّأريخ للموسيقى اليهودية المغربية

الباحث أحمد عيدون
الرباط - المغرب اليوم

يستمرّ الباحث أحمد عيدون في كشف جوانب الغنى الثقافي المغربي، في "كتاب جميل" عن "الموسيقى اليهودية بالمغرب"، صدر بثلاث لغات عن دار النشر "مرسم"، بدعم من مجلس الجالية المغربية بالخارج ووزارة الثّقافة والاتصال (سابقا).

هذا الكتاب المنشور بالفرنسية والإنجليزية، الذي نقله إلى اللغة العربية نور الدين ضرار، لا يقدّم فقط ترجمات لأبرز فنّاني الموسيقى اليهودية بالمغرب في شِقَّيها الدّيني والدُّنيوي، بل يسترسل في الحديث عن تاريخ اليهود بالمغرب، وموسيقاهم.

وإلى جانب الجهد التّوثيقي والتّأريخي البارز في هذا "الكتاب الجميل"، يتميّز عمل أحمد عيدون بإيراد صور كتب حول اليهودية المغربية، وألبومات غنائية عبرية دينية وأخرى غير مرتبطة بالشّعائر الدينية، وصور حفلات مغربية عامّة ومغربيّة يهودية خاصّة، ما يضفي على القراءة متعة بصريّة خاصّة، وطابعا سمتاه البارزتان الإبحار في التاريخ والحسرة.

ومن الأسماء الواردة في هذا المنشور الجديد أعلام "البايتان"، أي المنشدين الدّينيّين، من قبيل دانيال بنلولو ابن الدار البيضاء، وبوهدانة ألبير المزداد بالجديدة، والعميد الأكبر للإنشاد اليهودي المغربي الحاخام دافيد بوزكلو، وعميد الطائفة في موكادور دافيد إفلاح، وابن البيضاء حاييم لوك، ومئير عطياس.

ويجرد هذا العمل التّوثيقي أيضا مجموعة من أعلام "الأغنية الدنيوية" من اليهود المغاربة، من قبيل البيضاوي ميشال أبيطان، وابن الصويرة أفرياط دانيال، والفاسي حاييم بوطبول، ابنِ شيخ الملحون وعازف الكمان يعقوب أبيطبول، وابن البيضاء كوكو ديامس، والمغنية إيستر الفاسي، وابن آسفي فيليكس المغربي.

ومن بين أعلام هذه الأغنية الدّنيوية أيضا، وفق المرجع نفسه، فرانسواز أطلان، وسوزان هاروش، والبيضاوي جوك المالح، مبدع "دقّة - جاز"، والسطاتي جو عمار، وماكسيم كروتشي، وكورال كينور دافيد، ومجموعة "سفاتاييم"، والمكناسي موشي عطياس "مويجو".

كما أورد عمل "الموسيقى اليهودية بالمغرب" ترجمات أسماء فنية من قبيل: نيطع القايم، وبوتيه أرمان، وبينحاس كوهن، وريموند البيضاوية، والجزائري الذي اشتغل أساسا بين المغرب وفرنسا سليم لهلالي، وابن آسفي سامي المغربي أو سالومون أمزلاك، وسامي كوز، وسافو التي ترعرعت في مراكش، ودافيد سيريرو، وألبير سويسة، وسيمون الباز، وسليمان بن حمو "المغربي"، والمكناسي أفي توليدانو، وفانيسا بالوما، والزوهرة الفاسية، وإيميل زريحان.

ومن خصائص الموسيقى اليهودية المغربية وفق ما يذكره الباحث أحمد عيدون انفتاحها المبكّر على ألحان وإيقاعات وهياكل تكوينية أخرى، وهو ما ساعدت فيه البراعة المكتسبة لموسيقيّيها في عزف الآلات الموسيقية الجديدة، من كمان وبيانو وأكورديون، وساكسفون، وغيرها.

وينتقل الكتاب من فنّ "المطروز" ومقطعه الشّعري الذي يتعاقب مع نموذج عربي مماثل معدّ أساسا للموسيقى والغناء، إلى أنواع موسيقية تسمّى "الطريق القديم"، ومنها ما يعود إلى الأغاني الأندلسية القديمة التي طالَها النّسيان، إلا ما تردّد منها في المعابد وأحياء الملّاح، والأغاني ذات الأصول الفلسطينية القديمة، وأغان وافدة مع الحاخامات الغربيّين القادمين بحثا عن المال.

ويتحدّث الكتاب عن التغنّي المرتبط جوهريا بالصلاة والحياة الربانية، والشّعر الطّقوسي اليهودي، أي "البيوتيم"، وعن "الموسيقى الدّنيوية"، من أندلسيات مغربيّة، وملحون وطرب حوزي، وأغاني "دورة الحياة" وتقلّباتها والأغاني الاحتفالية الشّعبية، و"الشكوري"، الذي يعدّ أحد العلامات الفارقة في الغناء اليهودي بالمغرب، والذي يصعب تمييز ما يمتّ فيه بصلة للأصل اليهودي أو الأصل العربي، أو تمييز الصّيغة المستحدثة فيه عن الصّيغة الأصلية.

وفي تقديمه للكتاب يقول عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، إنّ المغرب يتبوَّأ مكانة خاصّة في قلب كلّ الذين ينحدرون منه، ويضيف أنّ البلد الذي اعتبر دستوره العبرية من روافد هويّته يقدم دليلا بليغا على أنّ هذا الحوار و"العيش المشترَك" حقيقة ملموسة.

ويرى بوصوف، في تقديم تحيط به صور من سهرات موسيقية نظّمت نونبر من عام 2018 في إطار "لقاء مراكش: اليهود المغاربة، من أجل مَغرَبَة متقاسَمة"، أنّ المغاربة يهودا ومسلمين يحتاجون جميعا استعادة تاريخهم المشترك، ولاسيما تاريخهم الثّقافي الذي يُعتَبَر التّراث الموسيقيّ جزءا مهمّا منه، من أجل نقله إلى الأجيال النّاشئة، وجعله رافعة للعمل الجماعيّ، ومكافحة جميع أشكال الإقصاء وطمس الذّاكرة.

ويستشهد كِتاب "الموسيقى اليهودية بالمغرب" بباحثين وكتّاب يهود مغاربة بارزين، مثل إدمون عمران المالح، الذي كتب في "مذكّرات من المغرب" أنّ "الثّقافة اليهودية المغربية (...) إذا كان صحيحا أنّها تمثّل خصائص نوعيّة تؤسّس بها أصالتها، فهي في الوقت نفسه نشكّل بها مكوّنا مكمّلا لمكوّنات الثّقافة المغربية في شمولها".

كما يستحضر العمل ما كتبه حاييم الزعفراني في مرجعه "ألف عام من الحياة اليهودية بالمغرب" حول الحياة اليهودية المغربية خلال ألفي سنة، بوصفها حياة "مجتمع يهودي أنتج ورسّخ ثقافة امتزجت وتجذّرت بقوّة أصالتها في أرض الإسلام، وساكنة يهودية لم تبد ممانعة تجاه المؤثّرات العربية - الأمازيغية، دون التخلّي بحكم ذلك عن الإفادة من ثراء تقليدها الدّيني الذي انتعش بتدفّق طائفة الميغوراشيم النّازحين من الأندلس".

ويرى الكاتب أنّ "الانتماء إلى المغرب" يظهر بجلاء من خلال التّراث الموسيقي، الذي عدّه "مكانا للّقاء والحوار يتجدّد باستمرار"، وذكر أنّ إنتاجات اليهود المغاربة فيه تتوزّع بين مجالَين هما الموسيقى الروحية والشعائرية، وهي "البيوتيم"، و"البقاشوت"، والموسيقى الدّنيوية، أي الموسيقى المُنتَجَة خارج الشّعائر، من قبيل الموسيقى الأندلسية، و"الملحون"، والطّرب الشّعبي، والأغنية الأمازيغية، والأغاني المنوّعة.

ويتحدّث المنشور الجديد عن المساحة البارزة التي احتّلتها كوكبة من الفنّانين اليهود المغاربة في المشهد الموسيقي ببلادهم، وقدرتهم على إثراء الموسيقى الاحتفالية والتّأثير في أجيال من المطربات والمطربين، بحفاظهم على التّقاليد الموسيقيّة العريقة.

ويذكّر الكتاب بأنّ اليهود المغاربة حرصوا على صيانة مخطوطاتهم وساهموا بحلول القرن العشرين في وضع باقة من القصائد المغنّاة وتوثيقها، كما يستحضر دور "مطبعة موغادور العبرية" في "إحياء وتجميع المنتخبات القديمة والجديدة على حدّ سواء من الموسيقى الأندلسية لإتاحة نشرها وتداولها على نطاق أوسع".

وفي قسمٍ أوّل أسماه "تاريخ اليهود في المغرب"، ينطلق الكاتب من النّظريات التي لا تدعمها دلائل أثرية وتقول إنّ اليهود قدموا للمغرب في عهد الملك سليمان، وما يسلَّم به من تاريخ قدومهم إلى شمال إفريقيا بعد تدمير أوّل معبد في القدس، ويمرّ بمراحل هذا الوجود في أوّل العهد المسيحي مع الغزو الروماني، والأمازيغ اليهود، وظروف العيش بعد الغزو العربي والعهود الإسلامية بمراحل تشدّدها وانفتاحها، والانتقال اليهودي بين إفريقيا الشمالية وإسبانيا عندما كانتا مجالا ثقافيا موحَّدا، والهجرة نحو الملّاحات بعد اضطرابات الثلاثين عاما التي تلت وفاة المولى إسماعيل، فبناء مدينة موغادور، وصولا إلى بداية تأسيس المدارس الإسرائيلية ومرحلة الاستعمار، والهجرات اليهودية.

وفي القسم الثاني المخصّص للموسيقى، يذكر الكاتب دور "الحزّان" المشرف على الطّقوس، وموسيقى الكنيس التي كانت منذ نهاية القرون الوسطى إلى القرن التّاسع مجالا موقوفا على المنشد البارع، والدّور المركزي للغناء الطّقوسي "الحزنوت" في إكساب موسيقى الكنيس خاصيّتها المميّزة.

ويتحدّث الباحث أحمد عيدون عن مساهمات الطائفة اليهودية في نقل الموسيقى التي لا تقتصر على الموسيقى العربية بل تمتدّ إلى الأنواع الموسيقية الأمازيغية أيضا، ويورد من بين "نماذج تداخل الأرصدة الفنية" إيقاعية تافيلالت وواحات درعة المستشفَّة من سماع أداء زوهرة الفاسية لأغنية "مولاي ابراهيم" المعروفة بـ"هاك أماما"، وهو المنبع اللحني - الإيقاعي الذي وجد صداه، حَسَبَه، لدى حسين السلاوي في أغنية "أيامنة غدرتي في الامان"، ولدى بوجميع من "ناس الغيوان" الذي أضفى على الأغنية أبياتا مستمدّة مباشرة من واحات طاطا، إضافة إلى حضور القصص التوراتية في شكلها الحكائي عند اليهود والمسلمين، مثل قصّة النبيّين أيوب ويوسف.

ومع حديث الكتاب عن "التلاقح الثّقافي والموسيقيّ بين اليهود والعرب الذي يعود للحقبة القروسطية في إسبانيا، حيث وجد الموسيقيون والشّعراء اليهود في البنية نفسها للثّقافة العربية وسيلة تعبير غير مألوفة، وتعلّم العرب الشيء الكثير من الموسيقيّين والمغنين المتحدّرين من أصول يهودية"، يؤكّد هذا المنشور أنّ هناك أنواعا من الموسيقى يبقى من الصّعب على الملاحِظ تحديد مصدرها اليهودي من مصدرها العربي من جهة، أو تمييز التّجديد في بصمة الاقتباس من جهة أخرى، دون أن ينفي امتلاك هذا التراث المشترك "خصوصيّة عبرية"، وهو ما تدلّ عليه، بشكل خاصّ الموسيقى، وفق الكاتب.

ويشدّد الكاتب أحمد عيدون في منشوره "الموسيقى اليهودية بالمغرب" على أنّ من الأجدر اليوم العمل على توثيق هذه الموسيقى بمراجعتها وإبراز قيمتها في صيغها الأصليّة، خاصّة في ظلّ تنامي "الظّواهر المقلقة المرتبطة بإعادة إنتاجها وتقديمها بصيغ مستحدثة منفتحة على الأساليب العالمية المتنوّعة...".

قد يهمك ايضا
محمد الأشعري ينشر روايته الجديدة "ثلاث ليال" عن المركز الثقافي العربي
ظهرية شعرية للشاعر صالح محمد يونس في ثقافي صافيتا

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب جديد يتحدّى النسيان بالتّأريخ للموسيقى اليهودية المغربية كتاب جديد يتحدّى النسيان بالتّأريخ للموسيقى اليهودية المغربية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib