حصاد 2022 في لبنان ثقافة أكثر ديمقراطية واقتراباً من الجمهور
آخر تحديث GMT 11:11:14
المغرب اليوم -

حصاد 2022 في لبنان ثقافة أكثر ديمقراطية واقتراباً من الجمهور

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - حصاد 2022 في لبنان ثقافة أكثر ديمقراطية واقتراباً من الجمهور

حفل افتتاح مهرجانات
بيروت - المغرب اليوم

لا استسلام في بيروت، ولا ركون للانهيار. ثمة نبض ثقافي، وكأنما هو مقاومة ضمنية، أو محاولة لاستنهاض الهمم. بدل معرض واحد للكتاب، كان ثمة اثنان، هذه السنة، عدا الأيام الثقافية الفرنكوفونية الأدبية، والنشاط الفني الذي قام به «المركز الثقافي البريطاني» على ما يقارب الأسبوع، والأنشطة الفنية المتنوعة التي أحيتها السفارة الإيطالية. أضف إلى ذلك مهرجانات السينما المتعددة والمسرحيات التي لا تنقطع، والمعارض التشكيلية المتواصلة، وعودة المهرجانات الصيفية، كذلك الرجعة الكثيفة للحفلات الموسيقية.

قد لا يتنبه البعض إلى أن الحياة الثقافية أصبحت أقل نخبوية وأقرب إلى الذائقة العامة، إنْ لجهة نوعية الإصدارات حيث تروج الروايات على حساب الكتب الفكرية والتنظيرية والدراسات الأكاديمية، أو لناحية المسرح حيث تُقبل الجموع الغفيرة على أعمال تمسرح يومياتهم وهمومهم ومكنوناتهم، على حساب التجاريب السابقة التي كانت تنام على غموض، وتعتمد على استبطان المعنى.

الفنون أصبحت أكثر مباشرة، وهو أمر قد يبدو إيجابياً لجهة اجتذاب عدد أكبر من الجمهور، وقد لا يعجب البعض حيث يبدو كأنه تسطيح وتبسيط. الغرافيتي يملأ حيطان بيروت. مسرحيات تحضّ على إنصاف المرأة وإعطائها حضانة أطفالها، أو الكفّ عن التمييز، والحد من العنصرية. تمويلات الجمعيات الاجتماعية للمسرحيات، بهدف الترويج لقضاياها، تؤتي أُكلها، لكنها في الوقت نفسه تغير مسار الموضوعات ومركز الاهتمام. المسرح على أية حال، استعاد نشاطه. الصالات محجوزة، والأعمال تتوالى دون انقطاع. لا يزال يحيى جابر يعيد عرض «مجدره حمرا» مع القديرة أنجو ريحان، و«طريق الجديدة» مع زياد عيتاني، رغم مرور سنوات على انطلاقتهما الأولى، وأضاف إليهما وبنجاح «هيكلو» من تمثيل عباس جعفر، والناس تُقبل، وتسعد وتحتفي. مسرحيات مثل «لعل وعسى» لحنان الحاج علي، ورندا الأسمر، وكتابة وإخراج كريستل خضر، لقيت نجاحاً لم يكن متوقعاً، وجرى التمديد لها، بعد ثمانية عروض امتلأت بها الصالة في «مسرح مونو».

- معارض لتنمية الوعي

مع نهاية السنة كان لا يزال «ألو بيروت» قائماً في «البيت الأصفر»، وهو المعرض الذي يعيد تركيب الحياة اللبنانية، التي اندثرت الكثير من مفرداتها وأدواتها. استعادة التاريخ بطريقة مبتكرة جذبت الزوار من كل الأعمار، الشبان ليكتشفوا ما سبق، والأكبر سناً ليتذكروا حقبة مضت. انخراط الزوار في استخدام وتجريب كل قطعة معروضة، والتوقف طويلاً للقراءة والتعرف والتقاط الصور، هي حقاً أمور مثيرة تدل على ما بات للفن من دور فعلي في صناعة الوعي العام، وهو ما طال انتظاره.

معرضا الكتاب أثارا حبراً كثيراً، ولا سيما المعرض الذي أقيم أول السنة، في شهر يناير، ولم تقبل نقابة الناشرين المشاركة فيه بحجة أن الظرف غير مناسب، ثم قيل إنه أصبح مساحة لفئة دون أخرى. المعرض الثاني في نهاية السنة هو النسخة 64، أقيم تحت شعار «أنا أقرأ بتوقيت بيروت» ضم أجنحة فرنسية، وكأنها في معرض داخل معرض، بعد أن ألغي معرض الكتاب الفرنكوفوني السنوي واستعيض عنه بنشاط أدبي يستحق التوقف عنده.

لقد كان بالفعل حدثاً أدبياً فرنكوفونياً استثنائياً، ذلك الذي نظّمه المركز الثقافي للسفارة الفرنسية في بيروت، واستمر لعشرة أيام، امتدت أنشطته إلى مختلف المناطق اللبنانية. حمل اسم «المهرجان الدولي والفرنكوفوني للكتاب في بيروت» وهو بضيوفه الذين جاءوا من مختلف الدول الفرنكوفونية، وقراءته ومحاضراته وعروضه، أتى بديلاً عن «صالون الكتاب الفرنكوفوني» الذي كان يقام سنوياً في بيروت، وتوقف بعد دورة عام 2018 بسبب الانتفاضة الشعبية وما تلاها من وباء وانهيارات.استقطب الفرنسيون لهذه المناسبة أسماء كبيرة ووازنة. ومن «قصر الصنوبر» في العاصمة اللبنانية، وبشكل استثنائي، أعلنت لجنة جائزة «غونكور» الأدبية العريقة اللائحة القصيرة والرابحين الأربعة في السباق إلى الجائزة الأدبية الفرنكوفونية الأرفع.

- إتاحة الفرص بالتشبيك

ونظّم المركز الثقافي البريطاني مهرجاناً تشاركياً في بيروت حمل اسم «ما بينَ بينْ»، وقدّم المهرجان برنامجاً منوعاً تضمّن 23 نشاطاً؛ بينها المعارض والعروض المسرحية والراقصة والتركيبات والحفلات الموسيقية والندوات وإطلاق المنشورات، وأتاح فرصاً للتشبيك، في ٩ مساحات مختلفة من بيروت. ونظمت هذه الأنشطة، بالشراكة مع 28 كياناً ثقافياً، كما استضاف المهرجان 15 ضيفاً من المملكة المتحدة لتطوير العلاقات والمبادرات مع محركي القطاع الثقافي والإبداعي في لبنان، وهو نوع من المبادرات أسهمت منذ انفجار مرفأ بيروت في المساعدة على منح العاصمة نبضها من جديد.

للمرة الأولى بعد غياب ثلاث سنوات عادت المهرجانات الصيفية إلى نشاطها وإن بشكل جزئي. برنامج مختصر في مهرجان بيت الدين، مع الحرص على المستوى الرفيع للحفلات. ونظراً للاوضاع الصعبة فتحت الأمسيات الغنائية والموسيقية مجاناً أمام الجمهور. قلعة بعلبك عادت وأضاءت أنوارها، وجاء برنامج «مهرجان بيبلوس» رمزياً مع الموسيقى الكلاسيكية.مديرة الكونسرفتوار الوطني الفنانة والملحّنة هبة قواس، أعادت للأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية حفلاتها وجولاتها، كما الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية. هذه الحفلات المجانية في الصالات العامة أعادت الروح لمحبي الجمال ومتذوقي الكلاسيكيات.

- موسيقى كلاسيكية لكل الناس

كذلك نشطت حفلات الجوقة الموسيقية لجامعة القديس يوسف. وفي مهرجان «بيروت ترنم»، الذي يستمتع به اللبنانيون نهاية السنة صدحت الموسيقى في أرجاء المدينة للناس أجمعين لكبار الموسيقيين أمثال باخ، وشوبان، وبيتهوفين، وبرامز، كما عاد «مهرجان البستان» الموسيقي العريق بعد سنتين من الغياب، مستفيداً من المواهب اللبنانية هذه المرة..

«المتحف الوطني اللبناني» في بيروت افتتح أبوابه لعدد من المناسبات، «متحف سرسق» الذي دمر بشكل كبير جداً خلال انفجار بيروت، يعود تدريجياً لألقه وأنشطته، ويفتح ساحته للعروض الفنية، وقد رممت أضراره الجسيمة. «متحف جبران خليل جبران» في مسقط رأس الأديب في بشري، ينتعش بالمساعدة التي تلقّاها من حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حيث قدم منحة لترميم وتحديث المتحف، وصون المقتنيات وترميم القطع الفنية من صور، ومخطوطات، وأدوات، وكتب، ولوحات فنية، بالإضافة إلى تزويده بأحدث تقنيات العرض المتحفيّة.ثمة حركة في كل مسرح ومقهى وزاوية ومتحف وغاليري. أماكن جديدة تدشن، مبادرات تولد، محاولات مستمرة لكسر الحلقة الجهنمية.

- عودة الروائيين

كان من اللافت جداً أن الأدباء المعروفين من شعراء وروائيين، بعد غياب سنتين أو أكثر، عادوا ليصدروا كتبهم، وتحديداً بالتزامن مع معرض بيروت للكتاب، الذي قيل الكثير عن صغر حجم المساحة فيه، وتراجع مستواه، والخوف من تقاعس الزوار عن ارتياده. فمن حنان الشيخ في «عين الطاووس»، إلى إلياس خوري في «رجل يشبهني» مكملاً ثلاثية «أولاد الغيتو»، وواسيني الأعرج في «عازفة البيكاديلي» رواية مستوحاة من بيروت، حسن داود «فرصة لغرام أخير»، علوية صبح «افرح يا قلبي»، عباس بيضون في رواية «حائط خامس». وكرّم في نهاية السنة الراحلون مثل رياض الريس، وصدر ديوان «خدوش على التاج» للشاعر محمد علي شمس الدين بعد رحيله بأشهر، كما أصدرت «دار الآداب» عدداً خاصاً عن رئيس تحريرها وصاحبها الراحل سماح إدريس، وقّعته ابنتاه.بيروت تتألم، قلقة، ملهوفة، خائفة من غدها، لكنها صبية في العشرين، لا تقبل الهزيمة ولا تستسلم للبشاعة.

قد يهمك ايضاً

مسرحية "غيثة" تحصدّ الجائزة الكبرى لمهرجان المسرح بتطوان في المغرب

كارول سماحة تعود إلى المسرح عقب غياب 17 عامًا

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حصاد 2022 في لبنان ثقافة أكثر ديمقراطية واقتراباً من الجمهور حصاد 2022 في لبنان ثقافة أكثر ديمقراطية واقتراباً من الجمهور



نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:57 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الاستهتار" يدفع حكم لقاء سبورتنغ والطيران لإلغاء المباراة

GMT 03:43 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء يعثرون على مقبرة اللورد "هونغ" وزوجته في الصين

GMT 19:20 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

سعد الدين المرشّح الأقوى لمنصب رئيس البرلمان المغربي

GMT 11:14 2015 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

سيارات نيسان الكهربائية تمد المنزل بالطاقة

GMT 04:18 2016 الإثنين ,16 أيار / مايو

أم لستة أطفال تستخدم الخضروات في أعمال فنية

GMT 00:57 2015 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الحاجة أم يحيى تكشف عن حقيقة السحر وأسرار الأعمال السفلية

GMT 12:56 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد والترجي الجمعه في أقوى مواجهات الجولة الرابعة

GMT 15:43 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مارسيلو يخالف لاعبي الفريق الملكي بشأن زميله بنزيمة

GMT 02:00 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة عطور جديدة من "Trouble in Heaven Christian Louboutin"

GMT 12:37 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

الوداد المغربي يُخصص تذاكر خاصة لجماهير المغرب الفاسي

GMT 15:54 2019 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

شركة أميركية تطرح هاتفا ذكيًا بسعر "استثنائي" في المغرب

GMT 04:45 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

الملا يكشف عن علاج مرض بطانة الرحم المهاجرة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib