الرياض-المغرب اليوم
حين تلقت دار «كريستيز» الدعوة للمشاركة في معرض الرياض للكتاب كان الاختيار سهلاً أمام مسؤوليها، فمن من محبي الكتب والقراءة سيستطيع مقاومة تصفح مجلدات ضخمة تسرد أنواع النباتات والطيور، أو التمعن في مكونات مكتبة خاصة ضخمة تضم آلاف العناوين وكلها مختصة بالفن الإسلامي؟ ولكن إلى جانب تلك الكنوز وجد مسؤولو الدار الورقة الرابحة التي جعلت من منصتهم في المعرض جذابة بصرياً بشكل واضح، كان الأمر بسيطاً، نحن في السعودية فليس هناك أفضل من استخدام خريطة نادرة ومهمة عن الجزيرة العربية لجذب أنظار زوار المعرض؟ وكان الرهان رابحاً، إذ جذبت الخريطة الجيولوجية لشبة الجزيرة العربية الزوار لأهميتها التاريخية والإقليمية وأيضاً لشهادتها على مراحل مهمة في تطور المملكة العربية السعودية.
إلى جانب الخريطة ومجلدات تزهو بالجلد الأحمر وبالأحرف المذهبة تعود للقرن الثامن عشر، قدمت الدار أيضاً فرصة لزوار المعرض للتعرف على نشاطات دار المزادات الشهيرة، لكن هذه المرة في مجال التعليم. إذ قدمت الدار أكثر من محاضرة ألقاها مختصوها، وركزت على الدورات التعليمية الخاصة بتاريخ الفن التي يقدمها القسم التعليمي للدار، وفي محاضرة ألقيت أمس قدم رئيس الدار لبريطانيا وأوروبا والشرق الأوسط د. ديرك بول محاضرة عن السوق الفنية في 2021، وقبل المحاضرة أتيح لي الحديث مع د. بول عبر الهاتف لأساله عن منصة عرض «كريستيز» في معرض الرياض، وأهم القطع المعروضة. يبدأ بالقول «أحضرنا معنا عدداً من القطع المهمة التي تندرج تحت المزادات الخاصة. أقدم معروضاتنا في معرض الرياض هي مخطوطة عن الخيل وتربيتها، وأحدث المعروضات خريطة نادرة ومهمة عن جيولوجيا الجزيرة العربية تمت طباعتها في عام 1963 وخرائط أخرى، لدينا أيضاً كتب مصورة وكتب من القرن الثامن عشر ملونة باليد وأيضاً كتاب صور قديم نادر جداً عن الشرق الأوسط». يشير أيضاً إلى أن المنصة تعرض كاتالوجاً لمحتويات مكتبة خاصة ضخمة متخصصة في مراجع الفن الإسلامي «المكتبة معروضة للبيع بكاملها وهي تضم أكثر من 3000 كتاب تم تجميعها على مدى 50 عاماً».
يعرب د. بول عن سعادته برد فعل زوار المعرض على وجود منصة «كريستيز»: «الخريطة الضخمة لجيولوجيا الجزيرة العربية جذبت الزوار لنا، كان واضحاً للكل مدى الانفتاح ومستوى التعليم العالي. تحدثوا معنا وألقوا بالأسئلة عن الكتب وطباعتها، وهذا أمر طبيعي، فهذا معرض متخصص والاهتمام الأول للزائر هو الكتاب».
أسأله عن الخريطة الجيولوجية، ويقول «الخريطة تعود ملكيتها لمجموعة خاصة، هي ضخمة جداً، وتملك عدد من المتاحف نسخاً منها، وعدد محدود من النسخ ما زال مملوكاً لأشخاص. هي خريطة نادرة جداً رغم عمرها الحديث».
بحسب بيان الدار، فالخريطة كان الهدف منها «التأكد من ماهية الموارد الطبيعية للبلاد. بشكل عام، وبشكل أكثر تحديداً، احتياطي المياه الجوفية. وبالتالي، تم تأسيس شراكة بين المملكة العربية السعودية وهيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS). في عام 1945، أرسلت (USGS) جلين إف براون إلى المملكة العربية السعودية، حيث تعاون مع ريتشارد برامكامب من (أرامكو). وتشير التقديرات إلى أن الاثنين غطيا أكثر من 38000 كيلومتر مربع (15000 ميل مربع) في أكثر من 18 شهراً بقليل. بحلول عام 1953، قامت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، بالاشتراك مع (أرامكو)، وسفير الولايات المتحدة لدى المملكة العربية السعودية، والشيخ عبد الله سليمان، وزير المالية في حكومة المملكة العربية السعودية آنذاك، بإضفاء الطابع الرسمي على التزامهما بمشروع تعاوني لرسم خريطة جيولوجية لكامل منطقة شبه الجزيرة العربية. وشكلت المعلومات التي تضمنتها أساس جميع خطط التنمية الوطنية السعودية اللاحقة. حتى يومنا هذا، يمكن لجميع الخرائط الحديثة للمملكة تتبع جذورها إلى هذه المنشورات الأولى».
ماذا عن القطع الأخرى؟ يعدد لنا بعضها: «لدينا كتاب رائع عن التاريخ الطبيعي للطيور الأفريقية، من القرن الـ18 مكون من 3 مجلدات، ولدينا أيضاً الإصدار الأول من عمل بيير جوزيف ريدوتي الأكبر والأكثر طموحاً والمكون من 8 مجلدات، وهو تحفة من الرسوم التوضيحية النباتية التي تم إجراؤها بين 1802 – 1816».
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر