قصور ليبيا ذات الألف عام وعام تُمثل تجربةً في المعمار والدفاع والاقتصاد والتعليم
آخر تحديث GMT 12:51:26
المغرب اليوم -

تطوّرت عبر مئات السنين وعلى نحو مختلف عمّا عرف في أنحاء العالم

قصور ليبيا ذات الألف عام وعام تُمثل تجربةً في المعمار والدفاع والاقتصاد والتعليم

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - قصور ليبيا ذات الألف عام وعام تُمثل تجربةً في المعمار والدفاع والاقتصاد والتعليم

قصور ليبيا ذات الألف عام وعام تُمثل تجربةً في المعمار والدفاع والاقتصاد والتعليم
طرابلس ـ فاطمة سعداوى

تتناثر عبر ليبيا مئات القصور، خصوصاً في غرب البلاد. وتتركز غالبيتها في الجبل الغربي وجنوب طرابلس في ترهونه وبني وليد، ولا تخلو منها مناطق الجنوب والشرق. وقصور ليبيا ذات الألف عام وعام تمثل تجربة في المعمار والدفاع والاقتصاد والتعليم، تطوّرت عبر مئات السنين وعلى نحو مختلف عن غالبية ما عرف من قصور العالم.
ويعود عمر غالبية تلك القصور إلى القرن الرابع للميلاد وبعضها إلى القرنين العاشر والحادي عشر للميلاد. ويزيد عمر أحدثها على 400 عامًا. وتتنشر قصور القرن الرابع بشكل لافت في ترهونه وبني وليد وهي جزء من نظام المزارع المحصنة الذي ابتدعه الرومان لحماية مدنهم الساحلية لبدة واويا، وهي طرابلس الحديثة وصبراته، وكان يقيم فيها ضباط رومان متقاعدون يشتغلون بإدارة المزارع الكبيرة في تلك المناطق التي كانت تنتج القمح والشعير وزيت الزيتون والعنب والخوخ، ويستخدم العبيد في خدمتها وقت السلم لتتصدى لهجمات "الجرمنت"، وهم سكان الجنوب الليبي في ذلك العصر عند تقدمهم لمهاجمة مدن الشمال التي يسيطر عليها الرومان.
واتخذت قصور القرن الرابع للميلاد شكل القلاع المحصنة وبنيت في أعالي الهضاب والمرتفعات، وتركز اهتمام مهندسيها على جعل الوصول إليها صعباً وبمداخل وأبواب محددة، مما يسهل الدفاع عنها وحمايتها. وتتكون غالباً من طابقين، ويقسم كل طابق إلى غرف مستطيلة ومربعة. واستُخدمت في بنائها المواد المحلية من حجارة وطين وجبس، وصنعت أبوابها من جذوع الزيتون. ويمثل "قصر البنات" وقصر "بوالاركان" في بني وليد وقصر دوغه في ترهونه النماذج الأمثل لها، ولا تزال صامدة على رغم الإهمال الذي تعرضت له على مرّ قرون طويلة. ويعتبر قصر دوغه أكثر تلك القصور أناقة وجمالاً بهندسته الناعمة ورسوم جدرانه الزاهية ونقوشه الكثيرة.
ويغلب المعمار الليبي المحلي على تلك القصور، بل يكاد لا يظهر أثر للمعمار الروماني الذي كان يسود في مدن لبدة واويا وصبراته. ويشير معمار تلك القصور والقلاع إلى ما يشبه الانفصال بين الحضارتين وبقاء ثقافة المعمار المحلي مسيطرة في تلك الأرجاء.
في جبل نفوسه في غرب ليبيا، تسيطر المحلية ولا يظهر أثر للحضارات الأجنبية التي تعاقبت حتى الفتح الإسلامي، حين وفدت الثقافة الإسلامية وأثرت في كل جوانب الحياة، ومنها المعمار. ويعتبر جبل نفوسه المدرسة الليبية الأهم في المعمار التي سادت حتى النصف الثاني من القرن العشرين، على رغم ظهور مبانٍ إيطالية في مراكز بعض مدن هذا الجبل. وتمثل قصور جبل نفوسه التي يصل عمر بعضها إلى 8 قرون فن المعمار والتحصين في ليبيا، فهي وككل القلاع تبنى في أعالي الجبال وتحمى بسور شديد التحصين وبمداخل صعبة، ويمثل قصر نالوت نموذجها الأكبر والأجمل.
وقصور جبل نفوسه ليست قصوراً للسكن، بل للتخزين. إنها المصرف المركزي للمدينة أو "الاحتياط الوطني"، إذ يقسم القصر إلى غرف صغيرة تخصص كل منها لعائلة لتخزن فيها رصيدها من الحبوب والزيت والتين. وطوّر الليبيون أساليب وأدوات تخزين قادرة على حفظ تلك المواد لفترات طويلة.
ويحتوي قصر نالوت على أكثر من 400 غرفة، بنيت بعضها فوق بعض بهندسة بسيطة. وتفصل غرف القصر في كل طابق منه ممرات ويربط بين طوابقه درج. واستخدمت في بناءه المواد المحلية وخططه مهندسون محليون ونفذه عمال محليون أيضاً.
وقصر الحاج هو نموذج آخر لقصور ليبيا الكثيرة، وهو مقسم إلى مئة وأربع عشرة غرفة. ويقول البعض إنه قسم بعدد سور القرآن الكريم. ويستخدم أيضاً للتخزين وكان يحرسه رجال متفرغون يتقاضون أجوراً. وتمول القصور أعمال صيانتها وأجور العاملين فيها بنسبة من المحصول المخزن لديها. وكان قصر الحاج كمؤسسة اقتصادية يصرف جزءاً من دخله على تعليم بعض طلاب العلم وذلك بتقديم المنح الدراسية لهم.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصور ليبيا ذات الألف عام وعام تُمثل تجربةً في المعمار والدفاع والاقتصاد والتعليم قصور ليبيا ذات الألف عام وعام تُمثل تجربةً في المعمار والدفاع والاقتصاد والتعليم



GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib