رمضان في تونس القديمة كرنفال مسائي يضرب بجذوره عمق التاريخ
آخر تحديث GMT 20:14:25
المغرب اليوم -
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

تحتضن المدينة عددًا من المهرجانات الثقافية الأهلية الخاصة بها

رمضان في تونس القديمة كرنفال مسائي يضرب بجذوره عمق التاريخ

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - رمضان في تونس القديمة كرنفال مسائي يضرب بجذوره عمق التاريخ

رمضان في تونس
تونس - كمال السليمي

ولدت مدينة تونس عام 697 للميلاد، مع المسلمين الذي نقلوا إليها سكان قرطاج على بعد 10 كلم، لكنها ولدت سابقًا باسم "ترشيش" في القرن الثامن قبل الميلاد في زمن الفينيقيين، مدينة في شكل دوائر عمرانية، ولها قلبها أيضا هو جامع الزيتونة، الدائرة الأولى حول القلب، فيها المتاجر النظيفة، العطارون والملابس والأقمشة والذهب والفضة والمكسرات.

تتبعها دائرة الخياطين وصناع الأحذية والشاشية والقوافي والبرانسية، ودائرة الدباغين والصباغين، أما دائرة المساكن، فهي لا تنفك تتّسع، فيتغيّر مكان السور كل حين، حتى اندثرت غالبيته.

وازدهرت تونس بعد خراب القيروان سنة الأخماس (555 هـ/ 1160م)، وأصبحت عاصمة الدولة الحفصية منذ 1206 للميلاد، وتلك هي الدولة التونسية التي لم تنقطع إلى اليوم، ظهر النشاط الثقافي منذ بداية التعليم الزيتوني في الدائرة الأولى حيث الدكاكين، ولكنّ شيئًا عميقًا بدّل الأمور منذ العشرية الثانية من القرن العشرين، فتذرى النشاط الثقافي في أنحاء المدينة.

وكان شهر رمضان أحد المداخل المهمة، حيث ظهر مقهى "café chantant"، الذي يقدم عروض الموسيقى والرقص الشعبيين في سهرات رمضان، فازدهرت الموسيقى النحاسية وأصبحت جزءًا من المشهد الرمضاني، والسبب هو تكاثر محلات الآلات الموسيقية في نهج باب سعدون، وبروز ظاهرة العوادات أي "الفرق الوترية".

وعاشت المدينة على وقع نشاطات فنية وثقافية متنوّعة، على مدى عشرات السنين، لكن لم يظهر مهرجان يؤطر النشاط في مكونات المدينة ضمن رؤية شاملة، إلا عام 1982، وكان المجتمع المدني هو المبادر، وليس الدولة، كانت الأخيرة تريد من الشعب أن يأتي إلى مهرجاناتها: قرطاج والحمامات، ولم تكن تريد الذهاب إلى حيث هو، لذلك، كان "مهرجان المدينة" بمثابة الردّ الأهلي على النشاط الرسمي، فالمهرجان لبنة من لبنات تطوّر الاحتفال الشعبي والخروج في رمضان.

وشهد الشهر الفضيل، نشاطاً فنياً شعبياً منذ عقود في ميدان الحلفاويين وميدان باب السويقة، بعروض الحوائين والقرادين والبهلوانيين وفن سلاك الواحلين (فن غناء الحكواتية) وعيساوية البلوط (مديح الطعام واللهو تفكها بقوالب الأذكار الجادة)، واندثر هذا النشاط، وبقي منه شيء في "ساحة الغنا" في مراكش لا غير.

واتّجهت الدولة بعد إنشاء "وزارة الشؤون الثقافية" عام 1962، إلى النشاط داخل القاعات حيث بنت عشرات دور الثقافة، فعاشت الثقافة حالة دخول قسري من الفضاء الخارجي إلى الفضاء المغلق، وكأنها تدخل بيت الطاعة، تلك ثقافة تمثّل السلطة عند الشعب، وليست تعبيرا عن الشعب، وعاش حكم بورقيبة هوس تحديد ماذا يريد الشعب، وليس "الشعب يريد".

ولعبت وزارة "الثقافة" دور فصل الثقافة عن الاجتماعي، لتفرض ثقافة عالمية نخبوية من دون أن تكون بالضرورة جيّدة دائمًا، فالموظف الإداري حتى وإن تنكّر في ثوب الفنان، فإن الأمر لا ينطلي، ولطالما منعت الدولة من دون قانون، ظهور الفنون الشعبية مثل "المزود" مثلاً (آلة نفخ من جلد الحيوان) في التلفزيون والمهرجانات، فكانت تسعى إلى ضبط الذوق الفني في حين أنها عاجزة عن ضبط سياسة ثقافية.

وساهم "مهرجان المدينة" في ميلاد جيل جديد لمهرجانات ينطلق من الناس ولا يصل إليهم، على رغم أن السلطة استعادته شيئاً فشيئاً، وعلى رغم أن غالبية المدن التونسية قلّدته حتى أفرغت الفكرة من محتواها.

وتدور فعاليات "مهرجان المدينة" في مسلك يبدأ من ميدان "دار بن عبد الله"، وينتهي في "مدرسة صاحب الطابع" في ميدان الحلفاويين، مسلك بكيلومتر ونصف الكيلومتر تقريبًا، يشقّ المدينة بالعرض مخترقًا الدوائر العمرانية كلّها، مسلك يعجّ بالمراكز الثقافية ودكاكين الفنانين والآلاتية، والمقاهي الثقافية والمطاعم السياحية والأروقة التشكيلية، والمتاحف والبيوتات القديمة، والطابع الأندلسي بأبواب مزخرفة ومطلات خشبية ونباتات تتسلّق الحيطان.

يُعنى "مهرجان المدينة" بالموسيقى والغناء والرقص، ويأتي الجمهور زائرًا مضمخًا بالحنين إلى نمط العيش التقليدي أو هو من سكان المدينة الذين يعيشون زمنهم الخاص.

وتتوزّع عروض المهرجان على مراكز ثقافية: "مسرح الفنون دار بن عبد الله"، "دار حسين"، "بئر الحجار"، "حدائق قصر خير الدين"، "نادي الطاهر الحداد"، "دار الأصرم"، "دار الباهي" "مقر المعهد الرشيدي"،"فضاء 13 أوت في الصادقية"، "مدرسة صاحب الطابع".

واستعاد المهرجان الفضاء الخارجي بالاحتفال الصوفي بين الزوايا الشهيرة: زاوية سيدي محرز، زاوية إبراهيم الرياحي، الزاوية العزوزية، وزاوية سيدي بن عروس،  وعرف ميدان متحف خير الدين، عروض الفنون المعاصرة، وعرض المهرجان أفلاماً في ميدان خير الدين وميدان بن عبدالله وميدان باب السويقة، مستعيداً ظاهرة عرض الأفلام في المخابز في رمضان في ثلاثينات القرن العشرين.

واسترجع المهرجان عروض المقاهي التي كانت سائدة في النصف الأول من القرن الماضي، وكانت الاستعادة في مقهى سوق الشواشية الشهير. ويعني ذلك كلّه، أن المهرجان ترجّل ليمشي بنسق المكان بين الشوارع والأزقة، وأضفى ما يجب من المصالحة بين الاجتماعي والثقافي في سياق الروائح الرمضانية، "مهرجان المدينة" احتفال ولد من رحم المكان. وهو بما هو عليه، قادر على العالمية ما لم تفسده الإرادة السياسية.

وتحتضن المدينة في رمضان، مهرجانات أخرى مثل "مهرجان الموسيقى الروحية" الخاص بمركز بئر الحجار، و"ليالي تونس" الذي ينشط بميدان باب السويقة بخاصة، بل في كل مركز ثقافي برنامج رمضاني يضفي حياة موصولة على الشهر المبارك، أقمار كثيرة تدور حول المهرجان الرئيسي، فتعطي لزائري المدينة وسكانها هامشاً واسعاً من الاختيار والمفاجأة والصدفة، مدينة تونس القديمة تدخلها من "باب البحر"، حيث يوجد باب ولا توجد أسوار، كأنه باب سريالي تدخل منه إلى باطن ما، إلى عمق ما، إلى سحر ما، متعة ما تخرجك من إسفلت الحياة المعاصرة.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان في تونس القديمة كرنفال مسائي يضرب بجذوره عمق التاريخ رمضان في تونس القديمة كرنفال مسائي يضرب بجذوره عمق التاريخ



GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 07:01 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 07:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
المغرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
المغرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 13:18 2018 الجمعة ,04 أيار / مايو

نصائح خاصة بـ"يكورات" غرف المعيشة العائلية

GMT 17:37 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

دار "آزارو" تصدر مجموعتها الجديدة لربيع وصيف 2018

GMT 14:44 2012 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

48 مليار دولار لبريطانيا من تجارة العقار العالمية

GMT 05:22 2017 الجمعة ,19 أيار / مايو

«بلانات شباط» و«بلانات الشينوا» (2/2)

GMT 06:17 2016 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

دور المثقف في المجتمعات العربية

GMT 15:18 2012 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

"المحرك المميت" أول مسرحية في إطار مهرجان territoria

GMT 05:34 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

بن زايد يبحث مع عبد الرازق تعزيز العلاقات الثنائية

GMT 21:40 2014 الإثنين ,20 تشرين الأول / أكتوبر

طنجة من أفضل 10 مدن عالمية للسكن بعد سن التقاعد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib