القاهرة - أسامة عبدالصبور
رحل عن عالمنا الروائي والناقد والمفكر إدوارد الخراط، ذلك الأديب الذي عندما تجلس معه تشعر أنك أمام كائن متفرد من طبيعة خاصة، لديه القدرة على اكتشاف الحقائق، والتعامل معها بكل احتمالاتها، وبالتعمق في رواياته تكتشف موهبة المبدع القادر على خلق كائنات حية تتجول داخل النصوص، لتلهمنا تجاربها وتمنحنا المتعة وتستثيرنا لمواجهة الواقع، إنه إدوار خراط.
ولد الكاتب إدوار خراط، في 16 مارس/آذار عام 1926، في محافظة الإسكندرية، في عائلة قبطية أصلها من الصعيد، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1946، وعمل في مخازن البحرية البريطانية في الكباري في الإسكندرية، ثم موظفًا في البنك الأهلي في الإسكندرية، وعمل بعدها موظفًا في شركة التأمين الأهلية المصرية عام 1955م، ثم مترجمًا في السفارة الرومانية في القاهرة.
وشارك خراط في الحركة الوطنية الثورية في الإسكندرية عام 1946 واعتقل في 15 مايو/أيار 1948م في معتقلي أبو قير والطور، وخرج بعدها ليعمل في منظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية في منظمة الكتاب الإفريقيين والآسيويين من 1959 إلى 1983م.
وتفرغ بعد ذلك للكتابة في القصة القصيرة والنقد الأدبي والترجمة، وفاز بجائزة الدولة لمجموعة قصصه "ساعات الكبرياء" في 1972.
ويمثل إدوار خراط تيارًا يرفض الواقعية الاجتماعية كما جسّدها نجيب محفوظ في الخمسينات مثلًا ولا يرى من حقيقة إلا حقيقة الذات، ويرجّح الرؤية الداخلية، وهو أول من نظّر لـ"الحساسية الجديدة" في مصر بعد 1967.
وركّز اهتمامه على وصف خفايا الأرواح المعرَّضة للخيبة واليأس، ثم أكدت مجموعته الثانية "ساعات الكبرياء" هذه النزعة إلى رسم شخوص تتخبط في عالم كله ظلم واضطهاد وفساد.
وكانت روايته الأولى "رامة والتِنِّين" 1980 حدثًا أدبيًا من الطراز الأول، وتبدو على شكل حوار بين رجل وامرأة تختلط فيها عناصر أسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية، ثم أعاد الخراط الكرة بـ"الزمان الآخر" 1985.
وصدر لإدوار خراط أكثر من 50 كتابًا قصصيًا أو شعريًا أو نقديًا، ومن مؤلفاته: "حيطان عالية، رامه والتنين، الزمن الآخر، أضلاع الصحراء، يقين العطش"، كما ترجم أربعة عشر كتابًا إلى اللغة العربية، وعدد من المسرحيات والدراسات.
كما حصل "إدوارد" على جائزة الدولة التشجيعية ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1973، كما حصل على جائزة نجيب محفوظ عن روايته "رامة والتنين"، عام 1999.
وأخيرًا مر "خراط" بأزمة مرضية شديدة استدعت نقله إلى المستشفى، التي ظل راقدًا بها إلى أن وافته المنية صباح اليوم الثلاثاء 1/12/2015 عن عمر يناهز 89 عامًا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر