القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
اكتشف علماء الآثار أخيرًا، عمل فني رائع من الفسيفساء التي تصور اجتماع الإسكندر الأكبر بكاهن يهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك في الممر الشرقي للمعبد اليهودي القديم الذي يعود للقرن الخامس في القرية اليهودية القديمة Huqoq قرب طبريا.
ويعد هذا المشهد أول قصة غير مكتوبة يتم العثور عليها في المعبد القديم، واستطاع المشهد أن يثير اهتمام فريق من علماء الآثار بقيادة البروفيسور جودي ماغنيس من جامعة ولاية "كارولينا الشمالية" في شابل هيل، وهو مصنوع من قطع صغيرة من الفسيفساء، وتضم الأرضية من الفسيفساء ثلاث شرائط أفقية تحتوي على الإنسان وأشكال من الحيوانات مثل الفيلة.
ويظهر الشريط العلوي وهو أكبر شريط مشهد لقاء بين رجلين والذين ربما يمثلا المحارب الأسطوري الإسكندر الأكبر ورئيس كهنة اليهود، حيث يظهر في المشهد جندي ملتحي يرتدي ثوب المعركة الأرجواني ويقود الثور من قرنيه، ويتبعه بعض الجنود والفيلة مع الدروع على الجانبين، وهو لقاء بين رجل مسن أشيب الشعر يرتدي سترة بيضاء وعباءة احتفالية ويرافقه شاب مغمد بالسيوف وفي ملابس احتفالية أيضا.
وأوضح البروفيسور ماغنيس أن التعرف على الأشكال الواردة في مشهد الفسيفساء أمر غير واضح، نظرا لعدم وجود قصص في الكتاب المقدس العربي تنطوي على الفيلة، مضيفا "ترتبط الفيلة بمعارك الجيوش اليونانية مع الإسكندر الأكبر، ولذلك فقد يكون هذا المشهد وصفًا للأسطورة اليهودية عن اللقاء بين الإسكندر ورئيس الكهنة اليهودي، حيث تظهر إصدارات مختلفة من هذه القصة في كتابات يوسيفوس فلافيوس والأدب الرباني".
وشارك فريق من سلطة الآثار الإسرائيلية في التنقيب عن حفريات Huqoq بدءا من عام 2012، حيث تم العثور على الفسيفساء الأولى في الموقع وتشمل صورة لشمشون، وفي هذا الصيف تم اكتشاف المزيد من الأرضيات بما في ذلك بعض النقوض المهداة والأشكال والحيوانات والمخلوقات الأسطورية ولتي تم ترتيبها بشكل متناسق.
وتشمل المكتشفات أيضا شكل لكيوبيد بأجنحته ممسكا بأقنعة مسرحية وشخصيات ذكورية ترتدي بنطلونا، ووجوه من الذكور والإناث في إكليل من الزهور محاط بنقوش، وأوضح البروفيسور ماغنيس أنه يطلق على كيوبيد "putti"، أما الأقنعة فهي مرتبطة بالإلهة "Dionysos" أو"Bacchus"، والذي كان الإله اليوناني الروماني للنبيذ والعروض المسرحية.
وأضاف أن "صور الفسيفساء هذه التي هي على قدر عال من الجودة الفنية حيث رسمت الأعمدة بزخارف نباتية، لم يتم العثور عليها في أي كنيسة قديمة أخرى، إنها اكتشافات فريدة من نوعها"، وكذلك كشفت عمليات التنقيب عن الحفريات هذا الصيف عن أعمدة للإضاءة داخل المعبد اليهودي مغطاة بالجص ومزخرفة بأوراق اللبلاب.
وفي عام 2012 تم اكتشاف فسيفساء تصور شمشون والثعالب كما هو موضح في سفر القضاة بالممر الشرقي للمعبد اليهودي القديم "synagogue"، وفي الصيف التالي تم العثور على فسيفساء ثانية تظهر شمشون وهو يحمل بوابة غزة على كتفيه، وأضاف البروفيسور ماغنيس أنه "ليس واضحا إن كان هناك صلة بين مشاهد شمشون والفسيفساء الأخرى في الممر الشرقي"، وقد تم إزالة الفسيفساء من الموقع لحفظها وتم إعادة ملء المناطق المحفورة بها، ومن المتوقع اكتشاف مزيد من الحفريات الصيف المقبل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر