تقرر، ظهر السبت، وقف تنفيذ اتفاق برعاية الأمم المتحدة بشأن توفير ممر آمن لأكثر من 2000 مقاتل من تنظيم "داعش" المتطرف وفصائل متشددة أخرى يتحصنون في أحياء تسيطر عليها المعارضة السورية جنوب دمشق "القدم- ومخيم اليرموك- والحجر الأسود".
وأكد تلفزيون المنار، التابع لحزب الله اللبناني، السبت، أن الاتفاق انهار بعد استهداف غارة جوية روسية قائد "جيش الإسلام"، زهران علوش، وكبار مساعديه، الجمعة الماضية.
وكان من المقرر أن تمر القافلة التي تقل المقاتلين عبر أراضٍ يسيطر عليها علوش في طريقها إلى وجهتها الأخيرة في مدينة الرقة، معقل "داعش" شمال سورية، وأن العربات التي وصلت لنقل المقاتلين وما لا يقل عن 1500 من أفراد أسرهم أعيدت إلى مكانها.
وكانت المرحلة الأولى من اتفاق إخراج عناصر تنظيم "داعش" المتطرف من جنوب دمشق ستدخل حيز التنفيذ، السبت، والذي تضمن تدمير مسلحي التنظيم سلاحهم الثقيل مقابل خروج مئات العناصر والمدنيين الراغبين بالخروج من مناطق الحجر الأسود والقدم ومخيم اليرموك، جنوب العاصمة، إلى الرقة وريف حلب.
وبدأت مفاوضات "غير مسبوقة" بين وجهاء من السكان والحكومة السورية؛ بسبب الوضع الاقتصادي الخانق الناتج عن حصار تفرضه القوات الحكومية منذ العام 2013 وسط استمرار القصف العنيف.
وأكد مصدر رسمي سوري أنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن خروج 4 آلاف مسلح ومدني من كافة الجهات الرافضة لاتفاق المصالحة في المنطقة الجنوبية، بينهم عناصر من "النصرة" و"داعش"، وذلك بعد فشل 4 مبادرات خلال العامين الماضيين.
وأوضح المصدر الحكومي أن العدد الإجمالي للمغادرين يبلغ نحو 3567 شخصًا بينهم ألفا مسلح، وينتمي غالبيتهم إلى تنظيم "داعش" بالإضافة إلى "جبهة النصرة" وفصيل آخر.
ودخلت منطقة القدم، الجمعة الماضية، 18 حافلة برفقة فرق الهندسة التابعة للجيش الحكومي السوري، مهمتها استلام العتاد والأسلحة الثقيلة التابعة لمسلحي داعش وبعض مجموعات النصرة قبل نقلهم.
وشكَّكت "شبكة شام" المعارضة في الاتفاق، وألمحت إلى احتمال أن يكون ضمن عناصر سرية، شملت تبادلاً بين ضباط وقعوا في الأسر لدى التنظيم مقابل خروج الجرحى وبعض عائلات العناصر.
ووصفت هذه التسويات بـ"اتفاقات الظلام"؛ لأنها جاءت وسط استمرار الحصار والقصف على الزبداني وجوارها ومناطق أخرى قرب دمشق وعدم التزام النظام باتفاق حدث برعاية إيرانية- تركية لفكّ الحصار عن الزبداني.
ويتزامن ذلك مع استهداف غارة جوية روسية قائد "جيش الإسلام"، زهران علوش، وكبار مساعديه، خلال اجتماعهم شرق العاصمة السورية، دمشق، في واحدة من أكثر الضربات الموجَّهة إلى قادة الفصائل المقاتلة في غوطة دمشق، وذلك بعد أيام من مشاركة قياديين في "جيش الإسلام" في المؤتمر الموسَّع للمعارضة السورية في العاصمة السعودية، الرياض.
هذا ويتوقع أن يبدأ في الساعات المقبلة خروج مئات العناصر من تنظيم "داعش" من جنوب دمشق، عبر ممرات آمنة إلى الرقة وريف حلب معقل التنظيم، بالتزامن مع وصول عشرات من "جبهة النصرة" إلى مناطق القوات الحكومية في درعا، جنوب البلاد؛ استعدادًا لنقلهم إلى إدلب، شمال غربي البلاد.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل علوش و5 من قيادات الجيش أحدهم قيادي أمني، جراء قصف من قِبل طائرة حربية روسية استهدفت اجتماعهم في منطقة أوتايا شرق دمشق، بينما أكدت مصادر المعارضة مقتل علوش إثر الغارة التي استهدفت اجتماعًا لقادة "جيش الإسلام" بالقرب من منطقة مرج السلطان، شرق دمشق، التي تشهد معارك عنيفة بين القوات الحكومية وعناصر المعارضة منذ أسبوع.
وكانت موسكو وضعت اسم "جيش الإسلام" ضمن ٢٢ تنظيمًا كي يشملهم الأردن في قائمة التنظيمات المتطرفة، بموجب تكليف المجموعة الدولية لدعم سورية في الاجتماع الوزاري الأخير في فيينا، في حين دعمت أميركا اعتبار "جيش الإسلام" و"أحرار الشام الإسلامية" ضمن الفصائل المشروعة للمعارضة.
وشارك علوش ومحمد بيرقدار من "جيش الإسلام"، ضمن ١٥ فصيلاً مقاتلاً، في المؤتمر الموسَّع للمعارضة في الرياض بين ٩ و١٠ كانون الأول/ ديسمبر الجاري، والذي تبنى الحل السياسي عبر التفاوض مع القوات الحكومية.
وأبدى موالون للقوات الحكومية سعادتهم بمقتل علوش؛ باعتباره المسؤول عن قصف دمشق، بينما اعتبره نشطاء معارضون "شهيد الثورة السورية" وتحدثوا عن بطولاته ونجاته أكثر من مرة من الاغتيال.
وعلوش من مواليد العام ١٩٧١ في مدينة دوما، التي باتت معقل "جيش الإسلام" في الغوطة الشرقية لدمشق، ووالده هو الشيخ عبدالله علوش من مشايخ دوما المشهورين، وتلقى التعليم الشرعي ثم التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق وتخرج فيها.
وسبَّبت له النشاطات الدعوية التي كان يمارسها في سورية ملاحقات أمنية عدة، بدأت العام 1987 وانتهت بتوقيفه بداية العام 2009 من قِبل أحد فروع الاستخبارات السورية، ونقل إلى سجن صيدنايا لاحقًا إلى أن أطلق سراحه العام ٢٠١١ بموجب عفو رئاسي بعد اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس من العام نفسه، ولكنه خرج من السجن في حزيران/ يونيو 2011، أي بعد بداية الثورة بـ3 أشهر.
ورأى علوش أن نظام بشار الأسد لا يمكن إسقاطه إلا بالقوة، فانخرط في العمل المسلح منذ بداية تسليح الثورة السورية، وأسَّس تشكيلاً عسكريًّا لقتاله باسم "سرية الإسلام"، ثم تطوّر مع ازدياد أعداد مقاتليه ليصبح "لواء الإسلام"، وفي أيلول/ سبتمبر 2013 أعلن توحُّد 43 لواءً وفصيلاً وكتيبة في كيان "جيش الإسلام"، الذي كان يعد وقتها أكبر تشكيل عسكري في الثورة السورية، ثم انضم إلى "الجبهة الإسلامية"، التي تضم كبرى الفصائل الإسلامية وشغل منصب القائد العسكري فيها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر