نظمت الودادية الحسنية للقضاة صباح الجمعة في الدار البيضاء، لقاء دوليًا حول موضوع "أي ضمانات لاستقلال القضاة والسلطة القضائية في المغرب على ضوء مشاريع القوانين التنظيمية"، بالشراكة مع جمعية القضاة والنواب الهولنديين.
وعرف هذا اللقاء الدولي الكبير مشاركة متميزة لنخبة من القضاة والخبراء والحقوقيين على الصعيد الدولي، كما اعتبر اللقاء مناسبة لتكريس سلطة قضائية مستقلة تتوفر على كل الضمانات القانونية، والآليات التنظيمية والإدارية لأداء التزاماتها الدستورية وكفالة حقوق وحريات وضمان المحاكمة العادلة.
وفي كلمة افتتاحية لهذا الملتقى الدولي، وجه وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، في كلمته الافتتاحية المرتجلة نقدًا إلى بعض القضاة الذين خلقوا زوبعة، لانتقادهم متابعة القضاة بالخطأ الجسيم، ومعاقبتهم على اجتهادهم.
وأوضح الرميد أن الخطأ الجسيم لم يكن دائمًا موجبًا لعزل القضاة بل في بعض الأحيان، توجه الإنذار فقط، معتبرًا أن قانون المسطرة المدنية وفصلها 59 اعتبر أن الخطأ الجسيم يجب أن يكون ماسًا بالحقوق ويصل إلى الضرر المبين.
وأضاف وهو يعطي مثالًا على الضرر المبين بمن يطالب بالمناصفة في الإرث: "من يطالب بالمناصفة في الإرث هو ضرر جسيم وليس اجتهادًا".
وطالب الرميد وهو يرد على من يطالبون من داخل الجسم القضائي بمراجعة المادة 69 من القانون الأساسي للقضاة والحد من سلطة القاضي بالالتفات إلى المكتسبات التي حققت في الفترة الأخيرة للقضاة بدلًا من البحث عن الانتفاع والتشكي والحصول على مزيد من الامتيازات، مذكرًا بمكتسب تسوية أجور القضاة وصرف تعويضات مجزية اعتبرها البعض مجرد فتات حسب الوزير .
وأشاد بعلاقته الوطيدة مع رئيس الودادية الحسنية للقضاة عبد الحق العياسي، وأخبره أن أمامه طريق طويل من أجل الإصلاح ورفع شعار المسؤولية من أجل استقلالية الجهاز القضائي.
وأفاد الرئيس الأول لمحكمة النقض مصطفى فارس في كلمته: "السؤال الذي يطرح نفسه يتمثل في مدى تمكن المشاريع القانونية الجديدة للسلطة القضائية من تكريس استقلالية القضاء".
وأردف فارس: "هاجسنا كان وما يزال دائمًا الرفع من مكانة القضاة تنزيها لهم، وتقديرًا وتحصينًا لهم من أجل تحقيق مبدأ عدم تأثير أي من العوامل الخارجية عليهم"، مسجلًا تراجع فسحة الأمل في مشاريع القوانين المتعلقة بالقضاء، بعد حذف مقترحات إعمال درجات إضافية لفائدة القضاة في نظام الترقية الخاص بهم، معتبرا أن تحسين وضعية القضاة هو صلب الإصلاح.
ومن جهته صرّح رئيس الودادية الحسنية للقضاة عبد الحق العياسي، بأن هذا اللقاء الدولي المهم الذي يحمل بالنسبة للقضاة العديد من الدلالات ويجسد الكثير من القيم والمعاني التي يؤمنون بها ويناضلون من أجل تكريسها، قيم الأمن والعدل ودلالات الأسرة القضائية الموحدة التي تساهم بكل إيجابية ومسؤولية في الأوراش الإصلاحية الكبرى التي يقودها بحكمة وتبصر الملك محمد السادس من أجل بناء دولة الحق والمؤسسات، ومغرب الحرية والكرامة والمساواة والمواطنة.
وأضاف أن الودادية الحسنية للقضاة وعلى امتداد كل هذه الأعوام لم تدخر أي وسيلة لإيصال صوت القضاة ومطالبهم، معبرًا: "أدلينا بآرائنا وعبرنا عن مواقفنا بكل مسؤولية ووطنية ودافعنا عنها باستماتة بما يتلاءم وقيمنا القضائية".
وشاركت الودادية في الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة وفي المجلس الوطني لحقوق الإنسان كما مثلت قضاة المملكة في المؤتمرات والندوات الدولية والإقليمية التي تكون مناسبة لطرح بدائل جديدة للإصلاح ومقاربات دولية لتكريس استقلال المنشود .
ويأتي تنظيم هذه الندوة في سياق المشاركة البناءة في حوار عمومي إيجابي مسؤول بخصوص القضايا الكبرى ذات الراهنية وفي مقدمتها مشروعي القانونية التنظيمية المتعلقين بالسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة المعروضين للمناقشة والتصويت بالمؤسسة التشريعية، رغم أن بعض الإيجابيات لا يمكن إنكارها، إلا أن جل الفعاليات القضائية والحقوقية سجلت تراجعات كبرى ضمن هذه المشاريع وثغرات واضحة، والتي إذا ما تمت المصادقة عليها على حالتها ستنتج بالتأكيد سلطة قضائية لا تحمل من هذا الوصف إلا الاسم، ولا تملك من مقومات الاستقلال أي شيء حيث تظهر هيمنة واضحة للسلطة التنفيذية على آليات عملها وعلى القضاة الذين تمنحهم الضمان القانونية الكافية لتفعيل المكتسبات الدستورية، مما سيؤثر بكل تأكيد على الهدف الأساسي من الإصلاح المنشود.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر