استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في قصر الدرعية في الرياض، الأربعاء، قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذين توافدوا تباعاً للمشاركة في أعمال الدورة السادسة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، وألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد كلمتين أكد فيها أن قضايا العرب تستوجب التضامن والعمل معًا لإيجاد الحلول العاجلة والعادلة لها.
وحيا الملك سلمان إخوانه القادة وهم: نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان فهد بن محمود آل سعيد وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وملك مملكة البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصحب خادم الحرمين الشريفين الملوك والقادة للقاعة الرئيسية لبدء أعمال القمة.
وألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلمة حيا فيها إخوانه القادة، معلنًا "يطيب لي أن أرحب بكم في بلدكم الثاني ، متمنياً لكم طيب الإقامة ، وداعياً المولى عز وجل أن يكلل جهودنا بالسداد والتوفيق ، ومعبراً عن بالغ الشكر والتقدير لأمير دولة قطر الشقيقة الأخ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على ما بذله من جهود موفقة خلال رئاسته للمجلس الأعلى في دورته السابقة، لتعزيز المسيرة المباركة لمجلس التعاون.
وأوضح أنه "مع ما تنعم به دولنا ولله الحمد من أمن واستقرار وازدهار، فإن منطقتنا تمر بظروف وتحديات وأطماع بالغة التعقيد، تستدعي منا التكاتف والعمل معاً للاستمرار في تحصين دولنا من الأخطار الخارجية، ومد يد العون لأشقائنا لاستعادة أمنهم واستقرارهم. ومواجهة ما تتعرض له منطقتنا العربية من تحديات وحل قضاياها، وفي مقدمة ذلك قضية فلسطين واستعادةالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس".
وأشار إلى "بالنسبة لليمن فإن دول التحالف حريصة على تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن الشقيق تحت قيادة حكومته الشرعية ، ونحن في دول المجلس ندعم الحل السياسي ، ليتمكن اليمن العزيز من تجاوز أزمته ويستعيد مسيرته نحو البناء والتنمية.
وأشار إلى أنه "في الشأن السوري تستضيف المملكة المعارضة السورية دعماً منها لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة الأراضي السورية ووفقاً لمقررات ( جنيف 1 ).
وأكد "إن على دول العالم أجمع مسؤولية مشتركة في محاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه أياً كان مصدره ، ولقد بذلت المملكة الكثير في سبيل ذلك ، وستستمر في جهودها بالتعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة بهذا الشأن ، مؤكدين أن الإرهاب لا دين له وأن ديننا الحنيف يرفضه ويمقته فهو دين الوسطية والاعتدال".
ولفت إلى أن "بأتي لقاؤنا اليوم بعد مرور خمسة وثلاثين عاماً من عمر مجلس التعاون ، وهو وقت مناسب لتقييم الإنجازات ، والتطلع إلى المستقبل ، ومع ما حققه المجلس ، فإن مواطنينا يتطلعون إلى إنجازات أكثر تمس حياتهم اليومية ، وترقى إلى مستوى طموحاتهم. وتحقيقاً لذلك فإننا على ثقة أننا سنبذل جميعاً - بحول الله - قصارى الجهد للعمل لتحقيق نتائج ملموسة لتعزيز مسيرة التعاون والترابط بين دولنا ، ورفعة مكانة المجلس الدولية ، وإيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية تعزز رفاه المواطنين ، والعمل وفق سياسية خارجية فاعلة تجنب دولنا الصراعات الإقليمية ، وتساعد على استعادة الأمن والاستقرار لدول الجوار ، واستكمال ما بدأناه من بناء منظومة دفاعية وأمنية مشتركة ، بما يحمي مصالح دولنا وشعوبنا ومكتسباتها".
وألقى أمير دولة قطر رئيس الدورة الخامسة والثلاثين للقمة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كلمة أوضح فيها: "إنه لمن دواعي الاعتزاز والسرور أن نلتقي اليوم في بلدنا الثاني المملكة العربية السعودية الشقيقة لمواصلة المسيرة المباركة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية , ويسرني أن أتوجه إلى أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولحكومة المملكة العربية السعودية الشقيقة وشعبها بجزيل الشكر والامتنان على ما أحاطونا به من حسن وفادة وكرم ضيافة , ونتمنى للمملكة الخير العميم والازدهار الدائم في ظل القيادة الرشيدة لأخي خادم الحرمين الشريفين , وإنني لعلى يقين بأن حكمتكم ستثري عمل المجلس ، وبأن قيادتكم سوف تعزز مسيرة مجلسنا لتحقيق تطلعات شعوبنا وآمالها".
وأعرب: "عن خالص التقدير للأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمناء العامين المساعدين ولكل العاملين في الأمانة العامة على جهودهم الدؤوبة في متابعة تنفيذ قرارات الدورة السابقة والإعداد الجيد لهذه القمة".
وأعلن: "نجتمع اليوم في ظل الظروف الدقيقة والمتغيرات المتسارعة والتحديات الجسيمة التي يواجهها العالم بشكل عام ومنطقة الشرق
الأوسط بشكل خاص ، الأمر الذي يلقي بمزيد من المسؤوليات علينا , وإنني على ثقة بأن مجلسنا قادر -بعون الله - على التعامل مع هذه التحديات بفضل تضامننا وتعاوننا المشترك في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها ، من أجل حماية مجتمعاتنا والحفاظ على مكتسباتنا وتحقيق تطلعات شعوبنا وترسيخ الأمن والاستقرار والازدهار في بلادنا، ولعلكم تتفقون معي بأن ما حققته مسيرة مجلسنا من إنجازات ،على الرغم من أهميتها ، إلا أن تطلعات شعوبنا أكبر مما تحقق ، لذلك فإننا مطالبون بمضاعفة الجهد من أجل تحقيق تلك التطلعات إذ لا تنقصنا الإمكانات ولا القدرات".
وأكد: "أصبح الإرهاب من أخطر التحديات التي تواجه عالمنا المعاصر وتهدد الأمن والسلم الدوليين ، وقد تصاعدت وتيرته أخيرا تحت ذرائع وشعارات زائفة ، فالعمليات الإجرامية التي استهدفت بلدانا عديدة تقدم الدليل تلو الدليل على أن هذه الآفة المقيتة عابرة للحدود ، وأن خطرها محدق بكل الشعوب والأقطار دون أي تمييز بين ضحاياها ، بسبب اللون أو العراق أو الدين أو المذهب".
وأشار إلى أنه: "في هذا الصدد فإن المجتمع الدولي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بمضاعفة الجهود لمكافحة الإرهاب بكل صوره وأشكاله ، والقضاء على أسبابه الحقيقية بكل ما أوتي من وسائل وإمكانات ، مع الأخذ بعين الاعتبار التمييز بين الإرهاب والحق المشروع للشعوب في مقاومة الاحتلال الأجنبي , والإرهاب الذي يستهدف المدنيين الآمنين مشكلة حقيقية يتوجب على الدول مواجهتها , فمسؤولية الدولة الاولى هي الحفاظ على أمن مواطنيها ولكي لا يحل محل شكل من أشكال الإرهاب نوع آخر أسوأ منه ، علينا أن نعالج جذور الإرهاب ، التي تتغذى على العنف الذي يتعرض له الناس في ظروف من اليأس وانعدام المخارج وفقدان الأمل بالإصلاح بالطرق السلمية".
وأوضح: "إن من يتربص بالإسلام يتخذ مما تقوم به الجماعات الإرهابية ذريعة لمهاجمته وتشويه صورته وتحميل عموم المسلمين وزر أفعال لا يد لهم فيها ، بل هم أول ضحاياها , وهو ما يستدعي منا التصدي لهذه المغالطات وإبراز حقيقة الإسلام وتسامحه واحترامه للآخر ، وأن نثقف شباب الأمة على أنه لا يكفي أن نتفاخر بصفات ديننا هذه التي تلتقي مع الفضائل الإنسانية عموما وتتطابق مع حسن الخلق ، بل يفترض أن نمارسها".
وأعلن أنه: "على الرغم من المساعي الحثيثة التى تبذلها دول المجلس وجهود المجتمع الدولي لإحلال السلام العادل في الشرق الأوسط وإقامة الدولةالفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، إلا أن ذلك لم يتحقق حتى الآن، ولاتزال آفاق الحل العادل مسدودة تماما ، بسبب التعنت الإسرائيلي واستمرار الممارسات الإسرائيلية العدوانية التى ترمي إلى تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة ، من خلال التوسع في بناء المستوطنات والاعتداءات المتكررة والمنهجية على المسجد الأقصى وعلى المواطنين الفلسطينيين العزل واستمرار حصار قطاع غزة ومنع إعماره".
وأكد أنه: "ليس من المقبول أن تظل القضية الفلسطينية دون حل ورهينة للسياسات الإسرائيلية العنصرية , وإن استمرار تراخي المجتمع الدولي إزاء واقع الاحتلال الإسرائيلي وممارساته سيقود إلى نتائج كارثية على منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره. ومن حقنا ، بل من واجبنا ، أن نطالب المجتمع الدولي أن يفرض على إسرائيل إنهاء احتلالها للأراضي العربية وعدم عرقلة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م".
وألمح إلى: "إن استمرار الأزمة السورية يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية , لقد تجاوزت تداعيات هذه الأزمة الحدود السورية والإقليمية لتهدد الأمن والاستقرار في العالم، لذا يتعين علينا كعرب ، وكجزء من المجتمع الدولي العمل على وضع حد لهذه الكارثة وحماية الأمن والسلم الإقليميين والدوليين ، واتخاذ كافة التدابير والإجراءات التي تحقن دماء السوريين وتخفف معاناتهم والسعي الجاد إلى تنفيذ مقررات جنيف (1) التي تلبي تطلعات الشعب السوري وآماله وتحفظ كرامة المواطنين وحقهم في ممارسة إرادتهم الحرة لتحديد مستقبل بلدهم دون قسر أو إكراه من قوة محلية أو إقليمية أو دولية".
وأشاد أمير قطر بدعوة المملكة العربية السعودية لأطراف المعارضة السورية السياسية والمسلحة كلها إلى الرياض للتشاور بشأن الوفد الذي يمثل الشعب
السوري في مفاوضات فيينا , وعبر هذه الدعوة ، تقدم المملكة دليلا آخر على موقفها الداعم للشعب السوري.
وأعلن أنه: "في هذه الظروف التي يتعرض فيها الشعب السوري لجرائم التهجير والإبادة الجماعية ، نهيب بأطراف المعارضة السورية أن ترتفع إلى مستوى المسؤولية وأن تستغل هذه الفرصة الثمينة لتوحيد صفوفها وتنسيق خطواتها إلى ما هو أبعد من تشكيل وفد تفاوضي".
وأشار الشيخ تميم آل ثاني إلى أن أمن العراق واستقراره ووحدته الوطنية وسلامة أراضيه ، أمور بالغة الأهمية لنا في دول مجلس التعاون ولأمتنا العربية بشكل عام ، داعيا إلى دعمه ومساندته في حربه على الإرهاب الذي بات يهدد أمنه واستقراره وكيانه , ومؤكدا أن الانتصار على الإرهاب ، وتكريس
الاستقرار بعد الانتصار عليه ، رهن بتجاوز الطائفية السياسية والحالة الميليشياوية ، وإرساء أسس الدولة الوطنية القائمة على المواطنة المتساوية للعراقيين جميعا بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية والدينية والقومية .
وأكد أمير دولة قطر أن وحدة دول المجلس وتكاملها ، وتعزيز التشاوروالتعاون بين قادتها هي شروط لا غنى عنها لتعزيز أمن واستقرار المنطقة، وكذلك لتحقيق النمو الاقتصادي والتعاون في المجالات كافة , وهذا موضع إجماع شعوبنا ومجتمعاتنا , داعيا الله تعالى أن يكلل جهودنا بالتوفيق لما فيه الخير لشعوبنا ودولنا.
وألقى معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني كلمة رفع فيها التهاني لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لترؤسه الدورة الحالية للمجلس الأعلى.
وأوضح " نحن على يقين بأن رئاسة المملكة العربية السعودية ستكون بتوجيهاته السديدة وحكمته البالغة محققة بإذن الله تعالى للأهداف السامية النبيلة التي تسعون إلى تحقيقها تلبية لتطلعات وآمال مواطني دول المجلس نحو مزيد من التواصل والترابط والتكامل".
وأوضح: "لقد أنهى المجلس الوزاري في دورته التحضيرية واجتماعه التكميلي مناقشة كل الموضوعات والملفات والتقارير وأوصى برفع ما تم التوصل إليه من نتائج إلى مقام مجلسكم الموقر للتوجيه وإصدار القرارات اللازمة بشأنها".
وسأل الأمين العام لمجلس التعاون الله العلي القدير أن يكلل أعمال هذا الاجتماع بالتوفيق، ويديم على دول المجلس نعمة الأمن والأمان والازدهار. وأعلن الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني انتهاء الجلسة الافتتاحية.
وبدأت بعدها أعمال الجلسة المغلقة لقادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر