الدار البيضاء ـ جميلة عمر
تنظم جمعية حقوق وعدالة ندوة صحافية، الجمعة، في الرباط، من أجل تقديم النتائج الأخيرة والنهائية لمشروع ملاحظة أداء المحاكم و نشر الأحكام، ويشارك في هذه الندوة كل من الأساتذة الكاتب العام للجمعية مراد فوزي ومحامي في هيئة الرباط عبد العزيز النويضي، وجمع حقوقي، وسيتم خلالها مناقشة بعض الأحكام المعيبة، كما سيتم التطرق إلى الانتقادات المهمة الموجهة لصيرورة المحاكم.
وسبق لجمعية "حقوق وعدالة" أن صاغت هذا المشروع منذ انطلاقه قبل أكثر من ستة أشهر من شقين، الأول يتمحور حول ملاحظة أداء مختلف المحاكم والخدمات التي تقدمها، الملاحظة التي أنجزها محامون أعضاء من الجمعية ومن خارجها، وتستند إلى استمارات وعلى مجموعة من المؤشرات بهدف تقييم جودة الاستقبال، والخدمات، وذلك في سبيل تحري توصيات ميثاق العدالة وأيضًا اقتراح توصيات في شأن تطوير أداء وخدمات المنظومة والحد من الرشوة والإقصاء.
أما الشق الثاني فيتوخى تشجيع القضاة على إصدار أحكام جيدة وذلك عبر نشر بعض الأحكام المثيرة للجدل بعد دراستها والتعليق عليها من خبراء قانونيين، وفي الوقت نفسه ينشر بعض الأحكام الجيدة التي تستحق أن تحتذي بالأحكام الجيدة التي تحترم القانون.
ويذكر أن المشروع أثار جدلًا واسعًا على صفحات الصحف وفي برامج إذاعية وتلفزيونية، كما لقي اعتراضات قوية، وإن كان نشر الأحكام عمومًا يعد من وسائل الشفافية التي تعد من وسائل الوقاية من آفة الرشوة المنتشرة في أكثر من قطاع، وهكذا رأى بعض الأشخاص أنّه لا يجب نشر الأحكام والتعليق عليها؛ لأن وسائل الطعن متوفرة ولا يجوز النشر والتعليق إلا بعد أن تصبح نهائية وحائزة على قوة الشيء المقضي به، مهما اعتراها من عيوب في المراحل الابتدائية أو الاستيفائية؛ بل هدد بعض وتوعد بأن خلاف ذلك يعرض فاعليه للمساءلة والعقابِ.
ومن جهة ثانية، انبرى أساتذة محامون ونقباء؛ بل وبعض القضاة للدفاع عن المشروع باعتبار أنّ مسألة نشر الأحكام والتعليق عليها بطريقة علمية وفقهية كانت عملية معروفة ومعتادة لدى المشتغلين بالقانون، لأنه بصدور الحكم يصبح في ملك العموم، كما أن فوائد نشر الأحكام والتعليق عليها عدة فهي وسيلة من وسائل المراقبة الشعبية على الأعمال القضائية ونشر الشفافية وثقافة المسؤولية ودفع القضاة إلى تحري الجودة فيما يصدرون من أحكام وقرارات.
وإن أخذت جمعية "حقوق وعدالة" بعين الاعتبار الملاحظات الوجيهة فإن ذلك لم يثنيها عن المضي قدمًا في مشروعها لوضع معايير لانتقاء الأحكام المرشحة للنشر والتعليق وعقدت عدة لقاءات مع لجنة علمية تتكون من أساتذة جامعيين ومحامين ونقباء وقضاة، وكلهم من ذوي التجربة والكفاءة والنزاهة، وذلك لوضع معايير ومنهجية نشر الأحكام، وأسفر النقاش عن التوجهات الآتية التي تتحمل الجمعية وحدها مسؤولية اعتمادها.
واعتمدت الجمعية على بعض المعايير لانتقاء الأحكام المرشحة للنشر والتعليق، كعدم التطبيق السليم للقانون بشكل سافر، وتحريف خطير للوقائع يمس بالحقوق والمصالح، من دون أن ينسى عيب واضح في التعليل، كما رأت الجمعية من خلال بلاغها الذي توصل "المغرب اليوم" إلى نسخة منه، أن جميع الأحكام التي تصدر في جلسة علنية تعد قابلة للنشر والتعليق شريطة أن تتم بأعلى درجات الدقة العلمية والموضوعية بعيدًا عن أي تحامل على القضاة أو انحياز للأطراف.
مضيفة، أنّ القضاة مثل جميع البشر يخطؤون من دون سوء نية وأن جسامة المهام وكثرة الملفات تكون عائقا أمام الجودة؛ إلا أنها ترى أنه إذا كان من شأن هذا الواقع أن يحفز القضاة وجمعياتهم على المطالبة بتوفير شروط عمل مادية ومعنوية ولوجستية لائقة، أسس لها الدستور الجديد وتبدل السلطات جهودا لتوفيرها؛ فإنه لا يبرر أبدًا لإصدار أحكام معيبة التعليل تنطبق عليها الشروط أعلاه، كما شددت على أنّ الأحكام الجيدة القاعدة العامة المفترضة وأن الأحكام القابلة للجدل الاستثناء.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر