هافانا- ربيع قزي
حظيّ الرئيس الأميركي باراك أوباما وعائلته بترحيب كبير من المواطنين الكوبيين في العاصمة أولد هافانا، لدى وصوله إلى البلاد في زيارةٍ تاريخية لأول رئيس أميركي يضع قدمه على الأراضي الكوبية منذ 88 عامًا، حيث أخذوا يرددون كلمات "أوبامـا" و"يو.أس.إيه" غير عابئين بالأمطار الغزيرة التي تزامنت مع بدء الزيارة، كما عقد اجتماعًا مع نظيره الكوبي راؤول كاسترو ليكون الاجتماع الرسمي الأول بين الحكومتين خلال أكثر من نصف قرن.
وصاح أحد الرجال بصوتٍ مرتفع مع مرور الوفد المرافق للرئيس أوباما "أهلاً بك في كوبـا! إننا جميعاً نحبك"، بينما أخذت إحدى السيدات تصفق وتصيح من شرفتها الحديدية، وعبرت كارمن دياز البالغة من العمر 70 عامًا خلال مشاهدتها مراسم استقبال أوباما عن سعادتها لمعايشة تلك اللحظة في حياتها.
وفي وقتٍ لاحق، جابت سيارة ليموزين رئاسية في موكب الشوارع الضيقة التي كان يوجد بها السكان المعجبون، والذين باتت ملابسهم غارقة من جراء هطول الأمطار، وقد تزيّنت السيارة للمرة الأولى بالأعلام الكوبية والأميركية، بينما تم رفع الهواتف المحمولة للتصوير مع الترحيب بأول رئيس أميركي يضع قدمه على الأراضي الكوبية منذ 88 عامًا.
وشدَّد الرئيس أوباما على أهمية هذه الزيارة، قائلاً إنها فرصة تاريخية للتلاحم مباشرةً مع الشعب الكوبي والتوصل إلى اتفاقات وعقد صفقاتٍ تجارية جديدة، كما أخبر الموظفين في السفارة الأميركية أنه يتطلع في زيارته الأولى إلى البلاد لبناء علاقاتٍ جديدة بين الشعبين، ووضع رؤية لمستقبل أكثر إشراقاً عما كان عليه الوضع في الماضي.
ومقارنةً بزيارة كالفين كوليدج، الذي كان آخر رئيس يزور الجزيرة العام 1928 واستغرق في رحلته على سفينة حربية ثلاثة أيام، فإن أوباما لم يستغرق في الوصول سوي ثلاث ساعاتٍ فقط، وتوجه بالشكر إلى موظفي السفارة على جلبهم للأطفال في الاحتفالية، معربًا عن أمله بأن يعتقد هؤلاء بعد إدراكهم مرحلة النضج أنه من الطبيعي قيام الرئيس الأميركي بزيارة كوبـا وعمل الشعبين سويًا، وتجول وزوجته في شوارع أولد هافانا المرصوفة بالحصي، واتجها نحو تمثال كارلوس مانويل دي سيسبيديس ثم إلى متحف مدينة هافانا، كما التقى في كاتدرائية سان كريستوبال دي لا هافانا الكاردينال خايمي أورتيغا، الذي لعب دوراً محورياً في المحادثات السرية التي أدت إلى التقارب المبدئي العام 2014، بعدما زار الكاردينال الولايات المتحدة بشكل سري كمحاور للبابا فرانسيس من أجل تعزيز الاتفاق ما بين أوباما والرئيس الكوبي راؤول كاسترو.
وجرى اعتقال العشرات من المعارضين، صباح الأحد الماضي، ممن تظاهروا احتجاجاً على سجل حقوق الإنسان، كما حاول القليل من الأشخاص التسلل لإلقاء نظرة على أوباما، وعرضت إحدى أصحاب المتاجر ملصقاً يظهر فيه أوباما وكاسترو سوياً، قائلةً إنه وقبل وصول أوباما، فقد تم إخبارها بإغلاق متجرها خلال مروره في المنطقة.
ونال الرئيس الأميركي إعجاب الشعب الكوبي منذ أن كان مرشحاً وحتى أصبح رئيساً، عندما أعلن استعادة العلاقات مع كوبا في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2014، لينضم ذلك التاريخ إلى تواريخ أخرى مثل 26 تموز/ يوليو 1953 عندما شن فيدل وشقيقه الرئيس كاسترو هجومًا على ثكنة مونكادا مشعلاً بذلك الثورة، وأشارت الحكومة الكوبية إلى أن قادتها وشعبها يخططون لمعاملة الرئيس باحترام، وقد تم العمل على تجميل هافانا لمدة أسابيع، ما دفع السكان إلى السخرية وإطلاق النكات مطالبين أوباما بالبقاء لمدة شهر أو سنة حتى تبقى هافانا جميلة دوماً.
كما شددت الحكومة على أنها لن تتسامح مع المظاهرات العامة أو أي شكل آخر من أشكال المعارضة العلنية ضد الحكومة أو الولايات المتحدة، وهو ما أثار الشكوك لدى المواطنين في كوبـا بشأن ما تعنيه هذه الرحلة وما هو التغيير في العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا، أما خارج ملعب البيسبول الذي من المقرر أن يزوره أوباما الثلاثاء، فقد أعربت جولييت غارسيا غونزاليس (17 عامًا) عن سعادتها بزيارة الرئيس الأميركي، لأنه أعطى الأمل لجيلها في إجراء تغيير حقيقي بالبلاد، مضيفةً أنها تريد السفر وترك كوبا بحيث لن تعود إلا حينما يبدو الوضع أفضل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر