أدان الرئيس السوري بشار الأسد، الغارات الجوية البريطانية ضد "داعش" في بلاده، واصفا إياها بكونها ضارة وغير قانونية، وعلى الرغم من تعهد بريطانيا بتكثيف ضرباتها ضد "داعش" أوضح الأسد أن الضربات تدعم الإرهاب، وسخر الأسد من زعم كاميرون بوجود 70 ألف مقاتل معتدل في سوريا على استعداد للتغلب على "داعش".
وأعرب الأسد، عن حزنه لأن بريطانيا لم تطلب الإذن لإطلاق الغارات الجوية على بلاده إلا أن كاميرون أصر أن الأسد لا يمكنه أن يلعب دورًا في مستقبل سوريا بعد استهداف شعبه بهجمات قاتلة، فيما حث وزير الدفاع مايكل فالون الجمهور للاستعداد إلى النكسات في الحملة الطويلة ضد "داعش" موضحا أن الحرب هي عمل فوضوي.
وأرسلت بريطانيا، مزيدًا من الطائرات المقاتلة إلى القاعدة العسكرية البريطانية أكروتيري في قبرص بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية ساحقة على توسيع الضربات البريطانية إلى سوريا، وحلقت طائرات سلاح الجو البريطاني تورنادو بعد 57 دقيقة من موافقة البرلمان لتنفيذ أول عملية هجومية ضد داعش داخل سوريا وضرب ستة أهداف في حقل نفط في منطقة عُمر.
وضربت طائرات تورنيدو في سوريا والعراق قناصي "داعش" بقنبلة موجهة ليلة الخميس، واستهدفت طائرات توردينو وتيبهون مرة أخرى حقل النفط في منطقة عمر ليلة الجمعة باستخدام قنابل موجهة لضرب رؤوس الآبار، وتقوم الطائرات البريطانية بإجراء 5 بعثات يوميًا مع مشاركة اثنين من الطائرات الحربية في كل مهمة لمدة ستة أيام أسبوعيًا.
وأفاد الأسد لصحيفة صنداي تايمز " بأن هذه الضربات ضارة وغير قانونية وسوف تدعم الإرهاب كما حدث منذ أن بدأ التحالف ضرباته قبل عام، إنها مثل السرطان، لا يمكنك قطع جزء من السرطان ولكن يجب عليك اقتلاعه من الجذور، وهذه العمليات تعتبر مثل قطع جزء من السرطان ما يجعل ينتشر في الجسم بشكل أسرع، لا يمكنك هزيمتهم إلا بالتعاون مع الجمهور والحكومة، وستفشل هذه الضربات مرة أخرى".
وواجه كاميرون، انتقادات حادة في مجلس العموم الأسبوع الماضي بسبب اقتراحه بأن تدعم الضربات الجوية البريطانية 70 ألف مقاتل معتدل على الأرض في سوريا، فيما أوضح الوزراء أن هؤلاء المقاتلين جماعات متباينة وليسوا قوة قتالية مقنعة.
وأضاف الأسد في هجوم حاد على كاميرون " هذه حلقة جديدة من سلسلة حلقات طويلة لمهزلة كاميرون الكلاسيكية، أين ال 70 ألف مقاتل المعتدل الذي يتحدث عنهم، لا يوجد 70 ألف مقاتل معتدل أو حتى 7 آلاف".
وتقصف بريطانيا أهداف "داعش" في العراق بناء على دعوة من الحكومة العراقية منذ أكثر من عام، ولكن بعد هجمات باريس التي راح ضحيتها 130 شخصًا ودعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بريطانيا للانضمام إلى القتال في سوريا، وكانت الضربات الأولى موجهة ضد حقل نفط عُمر، وتنفذ العديد من الضربات الجوية ليلا فى محاولة للحد من مخاطر سقوط ضحايا من المدنيين إلا أن السيد فالون حذر من أنه لا يمكن تجنب ذه المخاطر تماما.
وقال فالون لصحيفة صنداي تايمز " الحرب عمل فوضوى لذلك لا يمكن تجنب المحاطرة بشكل تام، من المهم للحملات الجوية تجنب الخطأ ولكن لا يمكن القضاء نهائيا على الأخطاء فى وقت الحرب، ولكن نبذل قصارى جهدنا لضمان اقتصار أي ضرر للمدنيين على الحد الأدنى، وأؤكد أن ما المقترحات تتماشى تماما مع قواعد الاشتباك التى ذكرتها ووافق عليها رئيس الوزراء ".
وضرب سلاح الجو الروسي ما يقرب من 1500 هدف في جميع أنحاء سوريا خلال الأيام التسعة الماضية، وأفاد الجيش بأن المقاتلات الروسية تطير تحت غطاء الطائرات الاستراتيجية القاتلة عقب إسقاط طائرة روسية من قبل تركيا الأسبوع الماضي.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع "إيغور كوناشنكوف" في مؤتمر صحفي إن الوحدة الجوية الروسية نفذت 431 طلعة جوية وقصفت 1458 هدفًا في عدة مناطق في سوريا من دون الإشارة ما إذا كان أي منها تابع لداعش، وكان من بين الأهداف مركز القيادة في منطقة حمص ومخزن كبير للذخيرة بالقرب من حماة والتي تم السيطرة عليها من الجيش السوري في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقالت الوزارة إن الضربات الجوية دمرت قواعد كبيرة للمتطرفين في موقع استراتيجي بالقرب من كساب في منطقة اللاذقية ما أدى إلى سيطرة الجيش السوري على الأرض، وتم تصفية العديد من قادة الميادين في منطقة حماة بالقرب من أحد المناطق التي يسيطر عليها المتمردون فيما قصفت عدة مواقع استراتيجية بما في ذلك منطقة الحزام الأبيض.
وأفادت التقارير بأن ليبيا ستكون الهدف الجديد فى الحرب ضد "داعش" في إطار إطلاق سلسلة من الغارات الجوية البريطانية في سوريا، ومع الضغوط المتزايدة على التنظيم الإرهابي في الشرق الأوسط تشير الأدلة إلى سعي التنظيم إلى تضييق الخناق على مناطق في دول شمال أفريقيا كإجراء احتياطي، وتتميز ليبيا بموقف استيراتيجي أفضل من العاصمة الحالية الرقة في سوريا، حيث تقع ليبيا على الحافة بالنسبة لأوروبا كما أنها تضم ما يحتاجه الإرهابيون من مطار وميناء ونفط.
وحذرت ممثلة الاتحاد الأوروبي فيديريكا موهيريني في فصل الصيف " في ليبيا ناك مزيج مثالي للإنفجار، وفي حالة الإنفجار سيكون ذلك على أبواب أوروبا"، وفي أكتوبر/ تشرين الأول قال Wolfgang Pusztai الملحق العسكري النمساوي السابق في ليبيا للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني " كلما تم الضغط على تنظيم داعش في الشرق الأوسط ستكون أكثر نشاطًا في ليبيا".
وبدأت فرنسا والولايات المتحدة بالفعل تنفيذ طلعات جوية فوق ليبيا ومن المرجح أن تشارك بريطانيا في هذه البعثات، وأكدت تقارير صادرة الأسبوع الماضي أن فرنسا أجرت مهامها الاستطلاعية الأولى في سرت حيث زعمت "داعش" بتأسيس خلافة هناك.
وانضمت الطائرات الفرنسية إلى الطائرات الأميركية من دون طيار والتي سبق وأجرت بعثات فوق البلدة التي مزقتها الحرب، وأطلقت الولايات المتحدة بالفعل هجمات ضد أهداف داعش في ليبيا، وفي يونيو/ حزيران قصفت طائرتان من طراز F-15 تجمعًا لتنظيم القاعدة في أجدابيا، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني قصفت الطائرات درنة فيما زعم البنتاجون بقتل أحد قادة داعش، وزعم داعش أن المدينة تعتبر موقعًا استراتيجيًا يضم 80 ألف نسمة في وقت مبكر من هذا العام، وقدّرت الأمم المتحدة أن هناك الآن 1500 مقاتل في المدينة.
وفي يناير/كانون الثاني قتل داعش 22 مسيحيًا بينهم 21 من المصريين في مجزرة وحشية على شاطئ مدينة سرت، وصدر فيديو وحشي يصور الواقعة على الإنترنت فيما بعد، وتصدت داعش لانتفاضة ضدها بوحشية في آب/ أغسطس، وعندما استعاد المتطرفون سيطرتهم على البلاد أضرموا النار في إحدى المستشفيات وأحرقوا 22 مريضًا وهم أحياء، وكشف سكان المدينة اليائسين عن العديد من حالات الإعدام الوحشية حيث يفرض المتطرفون مذهبهم المرعب، ومُنع الرجال من حلق لحاهم كما أجبرت النساء على ارتداء الجلباب الداكن.
وشوهد موكب يضم 85 طفلًا من أطفال المدينة باسم " الأشبال الانتحارية" وهم على استعداد لتفجير أنفسهم من أجل ما يسمى بالخلافة، ويعكس التوسع السريع للجماعة الإرهابية في جميع أنحاء شمال أفريقيا تهديدًا وشيكًا على جنوب أوروبا.
وتتيح مدينة سرت الوصول المباشر إلى البحر الأبيض المتوسط على بعد 400 ميل فقط جنوب شرق صقلية، وأعلنت وزير الخارجية الإيطالي "باولو جينتيلوني" أنه يتوقع أن تنطلق حالة الطوارئ الدولية القادمة من ليبيا معلنا عقد قمة دولية في روما لمناقشة هذه القضية، وحاولت مصر وتونس المجاورتان لليبيا دق ناقوس الخطر للتهديد المتزايد الذي يشكله داعش في ليبيا.
وأغلقت تونس حدودها مع ليبيا عقب حادث ذبح 12 من حرس الرئيس بواسطة انتحارى ليبيى مدرب، ويوم الجمعة منعت تونس دخول الطائرات الليبية إلى العاصمة خوفا من الهجمات الانتحارية فى السماء، وتقدم الحدود بين ليبيا وتونس فرصة كبيرة لإقامة معسكرات تدريب.
وتم تدريب المسلح سيف الدين رزقي الذي نفذ هجوم منتجع سوسة التونسي في معسكر تابع لداعش في ليبيا ما أسفر عن قتل 38 سائحًا منهم 30 بريطانيًا، وتدرب رزقي في صبراتة وهو نفس المعسكر الذي تدرب فيه المسلح الذي هاجم متحف باردو في العاصمة التونسية وتسبب في مقتل 22 سائحًا أوروبيًا.
وأعلن مسؤولون في الحكومة الليبية قبل أيام أن الطيارين الانتحاريين يتم تدريبهم بواسطة داعش على أجهزة محاكاة الطيران المستوردة في سرت، ويعتقد أن داعش سيطرت بالفعل على المطار العسكري في سرت وهو الأكبر في ليبيا، ويخشى المراقبون أن تخطط داعش لهجمات إرهابية من القاعدة العسكرية ضد المدن الأوروبية الكبرى باستخدام الطائرات التجارية الفارغة، وتعتقد داعش أن فراغ السلطة في ليبيا بعد سقوط القذافي في 2011 بمثابة لعبة أطفال، وأدت الضربات الجوية التي قادها حلف الناتو مثل تلك الجارية حاليا في سوريا إلى سقوط الزعيم الليبي معمر القذافي بمساعدة من يسموا بالمتمردين الإسلاميين المعتدلين، في حين عاد المتشددون من الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة إلى الوطن مرة أخرى والذين حاولوا الإطاحة بالقذافي سابقًا في التسعينات لكنهم فشلوا.
وجاءت أولًا جماعة أنصار الشريعة التي شنت هجمات على دبلوماسيين بريطانيين وفرنسيين قبل قتل السفير الأميركي كريس ستيفينز في أيلول/سبتمبر 2012، وفي الصيف الماضي نجح داعش في الاستيلاء على أرض جديدة في شمال أفريقيا بعد أن أثارت الانتخابات في البلاد حربًا أهلية، وبعد الانتخابات وقعت ليبيا تحت حكم إدارتين متعارضتين انجرفتا إلى العنف في إطار الصراع على السلطة، وهناك حكومة فجر ليبيا المعلنة في طرابلس والتي يهيمن عليها الإسلاميون لكنهم يعارضون وحشية داعش ويحرصون على تقوية علاقاتهم بالمجتمع الدولي الذي رفض الاعتراف بشرعيتها حتى الآن.
وعلى الجانب الأخر، هناك الحكومة الرسمية المدعومة من الغرب والتي تراجعت إلى بلدة طبرق قرب الحدود المصرية استعدادًا للهروب إلى القاهرة في حال تولى الإسلاميون السلطة، وبدأت داعش في المدينة الساحلية الشرقية من درنة حملة يقودها 300 مسلح من كتائب البتّار المدربة جيدًا على القتال في سوريا.
ولا تمثل السيطرة على ليبيا تحديًا بالنسبة لداعش في ظل غياب حكومة مركزية فاعلة، وتعتبر طائرات تورنيدو وتيبهونز التي وصلت حديثًا إلى قبرص جزءًا ضمن نطاق الضربات في شمال أفريقيا، وفي ظل تحذير وزير الدفاع مايكل فالون من أن الحملات الجوية لن تكون قصيرة ويستغرق الأمر فترة طويلة من بريطانيا حتى توجه أنظارها إلى ليبيا.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر