كشفت جريدة بريطانية عن اشتعال أزمة آلاف من اللاجئين الكوبيين نتيجة تحركات الرئيس الأميركي أوباما بشأن إنهاء الحصار على البلاد، ويعيش 8000 من اللاجئين في ظروف مزرية في كوستاريكا، حيث توقفت محاولاتهم للوصول إلى الولايات المتحدة بعد الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي تواجهها بلدان أميركا الوسطى بسبب وجود اللاجئين.
وأوضحت صحيفة "ديلى ميل أونلاين" أن الكوبيين يحاولون الوصول إلى حدود الولايات المتحدة مع المكسيك حتى يمكنهم طلب اللجوء في أميركا واتباع مسار سريع للحصول على الجنسية، وفر آلاف اللاجئين من البلد الشيوعي بعد انتهاء تجمد العلاقات بين أوباما وراؤوول كاسترو، والتي تجمدت لأكثر من 60 عامًا، وانتقل الكوبيون في حالة ذعر خوفا من إلغاء صفة اللجوء للكوبيين الذين وصلوا للحدود البرية في الولايات المتحدة.
وخلق تطبيع العلاقات تبعات غير متوقعة ممثلة في أزمة متنامية في أميركا الوسطى، حيث تقطعت السبل بـ 8000 شخص في كوستاريكا، والتي أصبحت المحطة الأخيرة التي بدأت برحلات جوية إلى الإكوادور، تليها رحلات طويلة عبر كولومبيا وبنما، وأغلقت نيكاراغوا المجاورة إلى كوستاريكا شمالا حدودها أمام الكوبيين، الذين يسعون إلى المرور للطريق الذي يؤدي بهم إلى هندوراس والسلفادور وغواتيمالا وعبر المكسيك إلى الحدود البرية للولايات المتحدة.
ويعد رئيس نيكاراغوا اليساري دانييل أورتيغا حليفا وثيقا لكاسترو، ويتماشى تصرفه مع محاولات نظام هافانا لمنع الناس من الفرار، إلا أن قرار إغلاق الحدود الذي اتخذه أورتيغا في نوفمبر/ تشرين الثاني خلق أزمة اللاجئين المتزايدة في كوستاريكا، وهناك آلاف الناس الذين نفذت أموالهم بعد أن دفعوا عشرات الآلاف من الدولارات للمتاجرين لنقلهم للحدود البرية للولايات المتحدة لكنهم الآن غير قادرين على الذهاب لأبعد من ذلك.
ويعيش أكثر من 4500 شخص في مخيمات اللاجئين على طول الحدود مع كوستاريكا ونيكاراغو، بينما يعيش أكثر من 3 آلاف شخص على معبر بنما، ويتناثر حوالي 500 شخص في أماكن أخرى من البلاد، وأغلقت معظم مخيمات اللاجئين في لاكروز في محافظة جواناكاستى، وتضاعف سكان المنطقة الذين بلغ عددم 24 ألفا بنسبة 25% نتيجة تدفق اللاجئين الكوبيين، ووصل حوالي 150 كوبيا يوميا قبل عيد الميلاد إلى بنما عبر الإكوادور أو كولومبيا.
وتمتلئ جميع المخيمات الموقتة باللاجئين حتى إن بعض الكوبيين ينامون في الشوارع في حين استضافت عائلات كوستاريكا والكنائس بعضا من اللاجئين، في حين ألقي القبض على الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن وتم استدعاء منظمة الصليب الأحمر للتدخل في كوستاريكا لعلاج المسافرين من الأمرض مثل الجفاف والإسهال والقيء والأنفلوانزا، وكان على الأطباء التعامل مع تفشي مرض الجديرى بين عشرات الكوبيين والذين تم عزلهم فى كنيسة قريبة من الحدود مع نيكاراغوا.
وينام لاجئون أخرون على فراش على الأرض في درجات حرارة تصل إلى التسعينيات إلا أن كوستاريكا فتحت 34 ملجأ موقتا في أماكن مثل مراكز الإطفاء والمدارس لتسكين اللاجئين، ويتم إطعام اللاجئين بواسطة المتطوعين والمسؤولين المحليين في المناطق الحدودية المتضررة، كما شوهدت مطابخ الحساء بشكل مألوف في مناطق اللاجئين أيضا.
وتجلس مجموعات المهاجرين فى زوايا الشوارع بينما يبحث أخرون عن شبكات واي فاي مجانية في بعض المقاهي القليلة في لاكروز للاطلاع على آخر التحركات السياسية لمساعدتهم، ولمحاولة الاتصال بذويهم في منطقة البحر الكاريبى.
وتأتى الأزمة الإنسانية المتفاقمة للاجئين نتيجة اندفاع الرئيس أوباما في تعزيز العلاقات مع كوبا قبل أن يترك منصبه في نهاية العام، واتهم اللاجئين البيت الأبيض بعدم الحساسية نتيجة عدم وجود أي مؤشرات واضحة عن سياسة الجرة في المستقبل للكوبيين.
وذكرت المحامية الجامعية مارثا فيغا وهي من اللاجئين " يجب على أوباما أن يوضح بشكل قاطع ما الذي سيحدث للكوبيين، وهل سنظل موضع ترحيب في الولايات المتحدة .. من يعلم؟، لقد أصبح الناس خائفين وغادروا كوبا وقتما استطاعوا، لقد أرادتنا أميركا من قبل ولكننا الآن لا نعرف ما إذا كانت تريدنا أم لا، وهذا هو سبب تطور الأزمة، لقد تصافح أوباما مع كاسترو وخاف الجميع، وناك الكثير من الناس الذين عادوا إلى منازلهم للتجهيز إلى المغادرة للولايات المتحدة إذا ما استطاعوا التعامل مع ذلك".
وبيّن لاجئ أخر يدعى كارلوس ألبرتو (54 عاما) وهو خبير اقتصادي " نحن بشر هربوا من بلادهم ولكننا نعامل الآن مثل الفئران ويجب أن تتحمل أميركا مسئولية هذا وليس فقط نيكاراغوا، لقد وعدنا بالحرية منذ أكثر من 50 عاما في أميركا إذا وصلنا إلى هناك، ولكن ماذا سيفعل أوباما في المستقبل مع الكوبيين وماذا يفعل الرئيس المقبل أيضا؟".
ويمنح الكوبيون الذين خرجوا من بلادهم الشيوعية صفة اللجوء تلقائيا منذ عام 1966 حيث طلب الرئيس كلينتون تعديل القانون في عام 1995 لتطبيق ما يسمى بالوافدين ذات القدم الجافة، وهم اللاجئين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة عبر الحدود البرية وليس عبر المياة الإقليمية.
وأضاف جيم رودريجيز مدير عمليات الصليب الأحمر في كوستاريكا " إنه وضع صعب للغاية فاللاجئين يحتاجون إلى كل المساعدة الممكنة لوقف هذه الأزمة الإنسانية، نحن نقدم المساعدات الطبية والمواد الغذائية والبطانيات ومستلزمات النظافة الشخصية والمساعدة من المستشفيات لمن يحتاجونها، وهناك بعض الكوبيين الذين يعانون من ضغط الدم المرتفع والسكري ومشاكل في القلب فضلا عن تفشي مرض الجدري، هؤلاء الناس يشعرون بالأمان معنا لأنهم مروا بالعديد من الأوقات الصعبة، وجميعهم يريدون حياة أفضل".
وأفاد اللاجئون الذين تحدثوا إلى جريدة ديلي ميل أونلاين أنهم لا يريدون البقاء في كوستاريكا أو العودة إلى كوبا لكنهم جميعا يريدون الوصول إلى الولايات المتحدة، وأفاد ثلاثة أطباء قابلتهم صحيفة "ديلي ميل أونلاين" في مخيمات اللاجئين أنهم قرروا التعامل مع مهربي البشر لأنهم يعتقدون أن الولايات المتحدة ستغلق أبوابها قريبا، زاعمين أنم لم يعودوا قادرين على قضاء بقية حياتهم للعيش على 25 دولار كأجر شهري.
وأشارت لاجئة أخرى وهي مدرسة جامعية في هافانا إلى أنا حلمت بالعيش فى أمريكا منذ المراهقة وأنها يئست من محاولة التدريس في كوبا من دون كتب أو أجزة كمبيوتر، وبيّن المهندس اللاجئ من هافانا اليخاندرو استيبان (23 عاما) " الخوف الأكبر هو عدم السماح لنا بدخول الولايات المتحدة إذا بقينا في كوبا ولم نغادر فورا، ولكن اليوم القلق الأكبر هو أننا قد نضطر إلى العودة إلى كوبا، ونحن نشعر أننا نُستخدم لأسباب سياسية وأن حكومتنا طلبت من نيكاراغوا منعنا من التوجه إلى المكسيك ثم إلى الولايات المتحدة، وتعد نيكاراغوا حليفة كوبا، لكننا نريد أن تساعدنا الولايات المتحدة لأنه هناك المزيد من المعاناة بين الشعب الكوبي هنا، لقد قضى الكثيرون حياتهم لادخار المال وأنفقوه في هذه الرحلة ولم يتبق لنا شيء على الإطلاق، ونحن لا نكسب الكثير من الدولارات في كوبا، لذلك يمكنك تخيل مدى يأس الجميع هنا، والكثير منا لديه عائلة في الولايات المتحدة، والكثير منا ترك زوجات وأطفال وأباء في كوبا".
ودفع استيبان 2000 دولار للمتاجرين لتوصيله عبر كولومبيا بعد مغادرة كوبا في بداية نوفمبر/ تشرين الثانى ولكن تقطعت به السبل مثل غيره من اللاجئين الآن في كوستاريكا، وأضاف استيبان " لقد سافرت أثناء الليل ودفعت للشرطة الكولومبية عندما أوقفتني وكانوا يريدون اعتقالي، ويجب أن نمنح حقوقنا كبشر لأنه من حقنا السفر، نحن لسنا ماشية نحن بشر ونريد الاستمتاع بنفس الحقوق التي ينعم بها ملايين الناس، نحن منسيون منذ شهرين ولكن الحكومة الكوستاريكية فقط والناس هنا يهتمون بنا".
ويتوقع أن تحدث أول محاولة لكسر أزمة اللاجئين في غضون أيام، حيث يعلن النظام التكاملي لأميركا الوسطى وهو مجموعة دول تتقاسم الدعم السياسي والاقتصادي عن وجود خطة لنقل 250 لاجئا إلى سان سلفادور بشكل تجريبي الأربعاء، ولكن هذا العدد يمثل جزءًا من مجموع اللاجئين في كوستاريكا، وإذا طلب منهم الدفع للتذاكر فلن يستطع غيرهم متابعة الرحلات اللاحقة.
وتعتمد الخطة على اللاجئين المنتقلين من السلفادور إلى الولايات المتحدة دون توقف عند الحدود مع السلفادور وغواتيمالا أو من قبل السلطات المكسيكية على الحدود بين غواتيمالا والمكسيك، وحاولت الجريدة الاتصال بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية لمعرفة تعليق الرئيس أوباما بشأن قضية اللاجئين في أوروبا، ويخطط أوباما لاستضافة قمة الأمم المتحدة حول هذه القضية في وقت لاحق هذا العام.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر