واصل ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في اليوم الثاني من زيارته الرسمية إلى فرنسا، ، اجتماعاته مع المسؤولين الفرنسيين ودوليين، وكان أبرز لقاءين عقدهما أمس الثلاثاء مع رئيس البرلمان الفرنسي كلود برتولون، والمديرة العامة لمنظمة "اليونيسكو" إيرينا بوكوفا.
وقالت مصادر رسمية فرنسية إن اجتماعات ولي ولي العهد السعودي مع المسؤولين الفرنسيين الذين التقاهم أكدت "وجود رغبة متبادلة بالسير في العلاقات بين البلدين قدما وعلى كافة الأصعدة، كما أظهرت وجود تقارب في الرؤية بين باريس والرياض بشأن المسائل الإقليمية والنزاعات التي تهز العالم العربي".
وأضافت المصادر أن "القناعة التي تسود في باريس والرياض هي أن السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي لا بد أن تتغير مع وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض مهما تكن هوية الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، سواء كان ذلك بالنسبة لسياسة واشنطن إزاء إيران أو بالنسبة للحرب في سورية".
وزار الأمير محمد بن سلمان مقر منظمة التربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو" في باريس ثم مبنى البرلمان الفرنسي. وكانت مديرة المنظمة الدولية إيرينا بوكوفا، في مقدمة مستقبلي الأمير محمد بن سلمان والوفد المرافق له، كما كان في استقباله الدكتور زياد الدريس، مندوب المملكة العربية السعودية في المنظمة الدولية، إلى جانب عدد من سفراء البلدان العربية والأجنبية لدى اليونيسكو.
وأشادت بوكوفا خلال الاجتماع الذي عقد لاحقا، بالعلاقات الوطيدة القائمة بين المنظمة الدولية والسعودية، التي قالت إنها توثقت في السنوات الأخيرة، وأبدت بوكوفا اهتماما ملحوظا بـ"رؤية السعودية 2030"، التي قالت إنها اطلعت على خطوطها العامة، وأضافت أنها ترى إمكانية للتعاون مع المملكة في العمل على بعض بنودها.
و ثمن الأمير محمد بن سلمان الاستعدادات الإيجابية التي عبرت عنها مديرة عام "اليونيسكو"، مشددا على أهمية المنظمة الدولية والمهمات الثقافية والتربوية التي تقوم بها بالنسبة إلى المنطقة وللعالم على السواء خصوصا على ضوء توترات الوضع الراهن. وأشار ولي ولي العهد إلى تمسك بلاده بأن يتم تسجيل مواقع إضافية سعودية على لائحة التراث الإنساني، خصوصا أن السعودية تزخر بالكثير من المواقع التي تعود لمختلف الحقب والعصور.
و كان المحور الثاني الذي تناوله الأمير محمد بن سلمان في لقائه مع مديرة عام "اليونيسكو" موضوع التطرف، خصوصا ذلك الذي يضرب بعضا من قطاع الشباب الذين يشكلون ما نسبته 70 في المائة من المواطنين السعوديين، وفي هذا السياق، أعرب الأمير محمد بن سلمان عن استعداد بلاده للتعاون الموسع مع المنظمة الدولية لمحاربة هذه الظاهرة الشاذة.
وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى عزم المملكة على مساعدة اليونيسكو في المحافظة على المواقع التراثية في اليمن عن طريق دعم الفرق المتخصصة التي يمكن أن تشكلها وتمكينها من الوصول إلى المواقع المهددة والاطلاع عليها وفحصها، وذلك استجابة للطلب الذي قدمته المديرة العامة للمنظمة الدولية.
وتعليقا على الزيارة، قال الدكتور زياد الدريس، مندوب السعودية، إن زيارة ولي ولي العهد لـ"اليونيسكو" طبيعية جدا؛ لأنها تعكس اهتمام المملكة منذ البداية بالتعاون معها وبأنشطتها. وأضاف أن الأمير محمد بن سلمان كان حريصا على إتمام الزيارة لإداركه أنها يمكن أن تسهم في تحقيق أهداف "رؤية 2030"، خصوصا أنه مهندسها والمطلع على تفاصيلها كافة، ورأى زياد الدريس أن إشارته إلى المواقع الأثرية السعودية وإلى أهمية تطوير التعليم لمنع الانجراف نحو التطرف تأكيد لأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه اليونيسكو.
و زار الأمير محمد بن سلمان، يوم أمس، مقر البرلمان الفرنسي؛ حيث استقبله رئيسه كلود برتولون ومكتب المجلس، يرافقه عادل الجبير، وزير الخارجية، وخالد العنقري، السفير السعودي لدى فرنسا، وعقد لقاء بين الجانب البرلماني الفرنسي بحضور السفير الفرنسي لدى السعودية برتراند بيزانسينو.
وعقد ولي ولي العهد اجتماعا آخر مع اللجنة الخارجية في مجلس النواب التي ترأسها وزيرة العدل السابقة النائبة أليزابيت غيغو، بحضور مجموعة من النواب بينهم: ميشال فوزيل، وبيار لولوش، وأوديل ساغ، وجان غلافاني. وقبل بدء الجلسة رسميا، أشادت غيغو بالسفير بيزانسينو الذي من المنتظر أن تنتهي مهمته في الرياض في الخريف المقبل بعد تسع سنوات ونصف أمضاها في العاصمة السعودية.
ودار نقاش بين ولي العهد والحضور محوره خطة الإصلاح السعودية والعلاقات الفرنسية السعودية من جهة، والمسائل الإقليمية ورؤية الرياض لها من جهة أخرى.
كما التقى الأمير محمد بن سلمان ، رئيس مجموعة الصداقة السعودية الفرنسية في البرلمان الفرنسي أوليفيه داسو، وتناول اللقاء استعراض علاقات الصداقة القائمة، ومواصلة تقويتها، لما فيه مصلحة مشتركة بين البلدين والشعبين.
وكان من المقرر أن يلتقي الأمير محمد بن سلمان، بعد ظهر أمس، وفدا من هيئة أرباب العمل الفرنسية، لكن الاجتماع معه لم يحصل لازدحام جدول أعماله، وقد حضر إلى مقر هيئة أرباب العمل الوزراء المرافقون ورئيس هيئة الاستثمار السعودية.
وأفادت مصادر رسمية فرنسية رافقت زيارة الأمير محمد بن سلمان، بأن المحادثات بينت من جانب رغبة متبادلة بالسير في العلاقات الفرنسية السعودية قدما وذلك على الأصعدة كافة، كما أظهرت من جهة أخرى وجود تقارب في الرؤية بين باريس والرياض بشأن المسائل الإقليمية والنزاعات التي تهز العالم العربي.
وأضافت هذه المصادر أن القناعة التي تسود في باريس والرياض هي أن السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي لا بد أن تتغير مع وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض مهما تكن هوية الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية سواء أكان ذلك بالنسبة إلى سياسة واشنطن إزاء إيران أو بالنسبة إلى الحرب في سورية.
من جانب آخر، قالت المصادر الفرنسية إن الأمير محمد بن سلمان ترك انطباعا إيجابيا لدى كل المسؤولين الذين التقاهم في العاصمة الفرنسية الذين أبدوا إعجابهم بـ"الانفتاح والبراغماتية والرغبة في التغيير التي تنبع من رؤيته لمستقبل السعودية وللطريق التي من المفترض أن تقود إليه"، ونقلت المصادر الفرنسية أن الجولة التي بدأها ولي ولي العهد في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا سيستكملها في بريطانيا وألمانيا وإسبانيا.
وأكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن "العالم أجمع على اطلاع بالدور السلبي الذي تلعبه إيران في المنطقة، وأنها داعمة للإرهاب، وأسست مليشيات طائفية من أجل زعزعة الأمن والاستقرار في الدول العربية". ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن الجبير قوله في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي جان مارك إيرولت عقب لقائهما أمس في مقر وزارة الخارجية الفرنسية، إن "العالم يعلم أن لدى إيران قوات في سورية والعراق تشارك في قتال طائفي وتهرِّب المتفجرات إلى دول الخليج العربي والأسلحة إلى اليمن، فإذا أرادت إيران أن تكون لها علاقات طبيعية مع دول المنطقة، فيجب أن تحترم مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الآخرين وعدم تصدير الثورة".
ورداً على الفراغ السياسي في لبنان قال الجبير: هناك فراغ سياسي في لبنان وسببه حزب الله، وبدعم من إيران، فكلاهما يرفضان أن يكون هناك توافق على إيجاد أو اختيار رئيس للجمهورية في لبنان، فاللوم ينصب على حزب الله، فهو الجهة المعطلة لهذا الموضوع التي لا تهدف إلى مصلحة لبنان، ولكن تسعى لمصلحة إيران.
وجدد موقف المملكة الثابت حيال سورية، وقال إن هناك حلين في سورية لا ثالث لهما، وهما حل سياسي أو عسكري، وكلاهما يؤديان إلى إبعاد بشار الأسد الذي قتل 400 ألف من الأبرياء، وشرد 12 مليوناً، ودمر بلداً فلا مكان له في هذا البلد.
ووصف مباحثات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الفرنسي بأنها كانت "بناءة وإيجابية، وكان هناك تطابق في جميع الموضوعات التي نوقشت، ومنها دفع عملية السلام في الشرق الأوسط إلى الأمام، والأوضاع في لبنان وسورية والعراق واليمن وليبيا، والتصدي لتدخلات إيران في شؤون المنطقة ومواجهة الإرهاب ، إضافة إلى الشراكة الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية وفرنسا".
وقال الجبير، إن قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي لن يؤثر على العلاقات بين السعودية وبريطانيا. وأضاف: لا نعتقد أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون له أثر كبير على علاقتنا مع بريطانيا العظمى، ولذلك فإن هذا شيء نتبعه. سنستمر في علاقاتنا القوية جدا مع بريطانيا العظمى في كل المجالات، كما سنستمر في علاقاتنا مع بقية الدول الأوروبية.
من جانبه، نوه وزير الخارجية الفرنسي بالدور الذي تقوم به المملكة في منطقة الشرق الأوسط للحفاظ على أمنه واستقراره، مؤكداً تطابق وجهات النظر في الموضوعات التي تمت مناقشتها. وأشار إلى أن زيارة ولي ولي العهد إلى فرنسا التي تهدف إلى تعزيز أوجه التعاون بين البلدين فيما يخدم الشعبين الصديقين، وإيضاح رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني المنبثق منها وما تشهده من تقدم في شتى المجالات.
وكشف آيرولت عن أنه سيزور لبنان في 11 و12 يوليو/تموز وسيجول على جميع الأحزاب على أمل أن يلعب دوراً مفيداً من اجل أن يتبلور أخيراً حل سياسي، وأن يصبح للبنان رئيس.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر