داهمت أعداد كبيرة من القوات الإسرائيلية مدعومة بمدرعات وبطائرات مروحية ومسيرة مدينتي جنين وطولكرم ومناطق أخرى بالضفة الغربية المحتلة، الأربعاء في هجوم أسفر عن مقتل 10 فلسطينيين على الأقل.
وقال مدير نادي الأسير في طولكرم إبراهيم النمر، وهو أحد سكان المخيم، بأن القوات الإسرائيلية اعتقلت العشرات من الفلسطينيين، بعد مداهمة منازلهم، ونقلتهم إلى نقطة تحقيق ميدانية أقامتها في إحدى المنشآت التجارية على أطراف المخيم، وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وأشار إلى أن المعتقلين يخضعون للتحقيق بعد احتجاز لساعات طويلة، "ويتعرضون خلالها للتنكيل والضرب والإرهاب، قبل الإفراج عن بعضهم في حالة يرثى لها، ومنعهم من العودة إلى منازلهم بالمخيم"، وفق وصفه.
جاءت العملية، التي تعد أحدى أكبر الهجمات في الضفة الغربية، في أعقاب سلسلة من المداهمات الأصغر خلال الأسابيع القليلة الماضية إذ سعت القوات الإسرائيلية إلى سحق مجموعات من مقاتلي الفصائل المسلحة الفلسطينية.
وقالت الأجنحة المسلحة لحركات حماس والجهاد الإسلامي وفتح في بيانات منفصلة، :إن مقاتلين تابعين لهم فجروا عبوات ناسفة في مركبات عسكرية إسرائيلية في جنين وطولكرم وطوباس ومخيم الفارعة".
وبعد بداية الهجوم سُمعت أصوات انفجارات وإطلاق نار في مخيم جنين للاجئين، وهي منطقة مكتظة بالسكان ومجاورة للمدينة التي كانت مركزاً للنشاط المسلح لسنوات.
وقالت السلطات الصحية الفلسطينية إن ما لا يقل عن 10 فلسطينيين قتلوا في مناطق مختلفة من الضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية خلال العملية.
وعلى مسافة قصيرة خارج المدينة، كانت الدماء تغطي الأرض بجوار سيارة لحقت بها أضرار وحفرة ناجمة عن ضربة بطائرة مسيرة قال الجيش الإسرائيلي إنها قتلت ثلاثة مسلحين.
ونعت كتائب عزالدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، ثلاثة من عناصرها اليوم في جنين، إثر اشتباكات مع القوات الإسرائيلية.
وقالت الكتائب في بيان إنها "تؤكد على مواصلة مجاهديها التصدي لقوات الاحتلال في محاور عدة بالاشتباكات والعبوات الناسفة ضمن استراتيجية واضحة وتكتيكات مدروسة".
فيما قالت كتائب شهداء الأقصى في جنين إن مقاتليها يواصلون خوض اشتباكات، وصفتها الكتائب، بالـ"ضارية" مع القوات الإسرائيلية.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية "إن القوات حاصرت المستشفى الرئيسي في جنين، وقطعت الطرق المؤدية إليه بسواتر ترابية"، وهو ما قال الجيش الإسرائيلي "إنه يهدف إلى منع المقاتلين من العثور على مأوى".
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن عملية يوم الأربعاء، جاءت في أعقاب ارتفاع حاد في النشاط المسلح في الأشهر القليلة الماضية، شمل أكثر من 150 هجوماً تضمنت إطلاق نار من طولكرم وجنين.
وأضاف الكولونيل نداف شوشاني، وفق وكالة رويترز للأنباء، أن تقديرات الجيش تشير إلى وجود "تهديد مباشر" للمدنيين لكنه قال "إن العملية جزء من استراتيجية واسعة النطاق تهدف إلى إحباط الهجمات".
وتابع في إفادة صحفية "هذا التهديد الإرهابي في هذه المنطقة ليس جديداً، ولم يبدأ أمس ولن ينتهي غداً".
وفي الوقت الذي قالت فيه، وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" إنّ الشرطة الإسرائيلية اقتحمت مخيم نور شمس شرق طولكرم بأعداد كبيرة، وأبلغت سكانه بمغادرته خلال أربع ساعات، نفى الجيش الإسرائيلي أن يكون قد أصدر أية تعليمات لسكان المخيم بالإخلاء، وفق تغريدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي نشرها على موقع إكس.
وقال أفيخاي أدرعي، إن قوات الجيش تسمح للسكان الذين يرغبون بالابتعاد عن منطقة القتال بالخروج من المكان بشكل آمن، وفق وصفه.
وأدانت جامعة الدول العربية، اليوم، العملية العسكرية التي تشنها إسرائيل في الضفة الغربية، وذلك في بيان نشر باسم الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط.
وحمل أبو الغيط واشنطن المسؤولية عن استمرار العملية العسكرية، مطالباً إياها "باتخاذ موقف واضح من العملية العسكرية الأخيرة التي تباشرها القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية".
واعتبرت مصر ما تصفها، الاعتداءات الإسرائيلية في حق المدنيين الفلسطينيين بمدن الضفة الغربية، بمثابة "إمعان في الانتهاك الممنهج للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بحماية حقوق الشعوب تحت الاحتلال، وإصرار على سياسة التصعيد وتوسيع رقعة المواجهات داخل الأراضي الفلسطينية"، وفق بيان صادر عن وزارة خارجيتها.
وحذر العاهل الأردني عبدالله الثاني، من خطورة تطورات الأوضاع في الضفة الغربية، وذلك خلال لقائه وفداً من أعضاء الكونغرس الأمريكي، الأربعاء، مبيناً أن هجمات المستوطنين المتطرفين ضد الفلسطينيين، والانتهاكات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ستؤدي إلى تأجيج العنف.
أدان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الاستجابة العسكرية المتزايدة من قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، "بشكل ينتهك القانون الدولي ويهدد بزيادة إشعال الوضع المتفجر بالفعل"، وفق بيان صادر عنه.
وقال المكتب إن العنف بين قوات الأمن الإسرائيلية والمسلحين الفلسطينيين في الضفة الغربية لا يُعد صراعاً مسلحاً وفق القانون الدولي الإنساني، "ولذا فإن استخدام القوة في الضفة الغربية يجب أن يمتثل لقواعد ومعايير حقوق الإنسان التي تنطبق على قوات تنفيذ القانون".
واستطرد المكتب قائلاً "إن استخدام قوات الأمن الإسرائيلية للقصف الجوي وغير ذلك من أسلحة وأساليب عسكرية ينتهك تلك المعايير وينتج عنه إعدامات خارج نطاق القضاء وغير ذلك من قتل غير مشروع وتدمير للمنازل والبنية التحتية الفلسطينية".
كما قال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن العملية العسكرية الإسرائيلية الكبرى في الضفة الغربية المحتلة "لا ينبغي أن تشكل مقدمة لتوسيع الحرب من غزة، بما في ذلك التدمير الكامل".
وأضاف في تغريدة له، نشرها عبر موقع إكس، "أن المقارنة التي أجراها وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، وخاصة فيما يتعلق بإجلاء السكان الفلسطينيين، تهدد بتأجيج عدم الاستقرار".
كما أدانت وزارة الخارجية التركية بشدة العملية العسكرية "غير القانونية" التي بدأتها إسرائيل بالضفة الغربية المحتلة، وتصريح وزير الخارجية يسرائيل كاتس بأن حكومته ستنقل ممارساتها في غزة إلى الضفة.
وأوضحت الخارجية التركية في بيان، الأربعاء، أنه من الضروري "اتخاذ الإجراءات العقابية والملزمة" ضد هذه التصرفات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني "التي تتجاهل القانون الدولي تماماً".
ودعت حجة لحبيب، وزير الخارجية البلجيكية، إلى وقف العمليات العسكرية في الضفة الغربية، قائلة عبر تغريدة على حسابها في موقع إكس، "إن إسرائيل ملزمة بالالتزامات المترتبة عليها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني، في الأراضي المحتلة."
وقالت لحبيب إن الحل الوحيد الدائم للسلام هو حل الدولتين.
ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في وقت سابق اليوم الأربعاء إلى إخلاء الفلسطينيين من الضفة.
وقال كاتس في تصريحات نشرها على حسابه على منصة إكس: "يجب التعامل مع التهديد في الضفة مثل غزة، وتنفيذ إخلاء للسكان، هذه حرب على كل شيء".
وأوضحت أوساط مطلعة في الضفة الغربية المحتلة إيمان عريقات، بأن الجيش الإسرائيلي أطلق على عمليته العسكرية في الضفة اسم "مخيمات الصيف"، والتي تشهد تحولاً باستخدام المسيّرات في الضفة، ومحاولة عزل مدن شمال الضفة وتحديداً طولكرم وجنين.
ونقلت عن مسؤولين فلسطينيين قولهم إن هناك استهدافاً لمحاصرة المستشفيات، وذلك لمنع الطواقم الطبية من الوصول للمصابين وإنقاذهم، كما أنه يؤثر على حياة مئات المرضى الآخرين بأمراض مزمنة، الذين لن يتمكنوا من الوصول للمستشفيات والحصول على العلاج المناسب.
وأوضحت أوساط مطلعة إلى أن هناك مناشدة من المسؤولين الفلسطينيين للمنظمات الدولية والأمم المتحدة بالتدخل لحماية المستشفيات من الاقتحام، وفك الحصار عنها، وعدم تكرار ما حدث في غزة مع مستشفيات الضفة.
وتأتي هذه العملية بعد يومين من إعلان إسرائيل أنها شنّت في الضفة الغربية غارة جوية أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص، وفقا للسلطة الفلسطينية.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي في بيان إنّ "إسرائيل تشنّ عدواناً شاملاً على مدن شمال الضفة المحتلة ومخيماتها... يسعى هذا العدوان إلى نقل ثقل الصراع إلى الضفة المحتلة في محاولة من الكيان لفرض وقائع ميدانية جديدة تهدف إلى إخضاع الضفة المحتلة وضمّها".
بدورها، أعلنت كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، أن "مقاتليها يتصدون في ميدان المعركة، بالأسلحة الرشاشة والعبوات المتفجرة، للاقتحام الصهيوني على مدينة جنين وطوباس وطولكرم".
وتشهد الضفة الغربية تصاعداً في وتيرة العنف منذ أكثر من عام، لكن الوضع تدهور منذ اندلعت حرب غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وقتل مذاك في الضفة الغربية ما لا يقل عن 640 فلسطينياً، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استناداً إلى بيانات رسمية فلسطينية، فيما قتل ما لا يقل عن 19 إسرائيلياً، بينهم جنود، خلال الفترة نفسها، وفقاً لأرقام إسرائيلية رسمية.
ووفق مصادر فلسطينية، فإن عدداً كبيراً من الآليات العسكرية الإسرائيلية داهمت المدينة من حاجز الجلمة العسكري، ووصلت إلى محيط مستشفى جنين الحكومي، فيما تمركزت قوة عسكرية بالقرب من مستشفى ابن سينا وسط اندلاع مواجهات.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن وفداً إسرائيلياً سيغادر إلى الدوحة الأربعاء لاستئناف المحادثات بشأن الهدنة في قطاع غزة، مع الوسطاء.
وأوضحت أن الوفد سيتضمن أشخاصاً من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، ومن الجيش الإسرائيلي، وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك".
من جهته قال ديفيد كوهين، نائب مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، يوم الأربعاء، إن مصير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس "سؤال سيجيب عليه إلى حد كبير" زعيم الحركة، وفق قوله.
ولم يشر كوهين بالاسم إلى زعيم حماس يحيى السنوار، وقال في قمة للاستخبارات والأمن القومي بواشنطن إن "الإسرائيليين يُظهرون جدية في المفاوضات".
ويعمل وسطاء من الولايات المتحدة ومصر وقطر على إبرام اتفاق بين الجانبين ومنع اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً.
قد يُهمك ايضـــــًا :
واشنطن تُؤكد إستمرار محادثات الهدنة في غزة بالدوحة ونتنياهو يُواصل إضافة شروط جديدة
نتنياهو يُوافق علي هدنة مشروطة في بعض مناطق غزة لإجراء حملات التطعيم ضد شلل الأطفال
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر