الدار البيضاء - جميلة عمر
استقبل الملك محمد السادس، الأحد، في مدينة الحسيمة، إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، الذي قدم التقرير السنوي المتعلق بأنشطة المحاكم المالية خلال عامي 2016-2017، كما التقى عبداللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، الذي قدم التقرير السنوي للبنك المركزي بشأن الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية لعام 2017، وأيضًا الوفد الرسمي الذي سيتوجه إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج هذا العام.
وفي معرض كلمته أمام الملك، قال الجواهري إن الاقتصاد الوطني سجل في 2017 تسارعًا ملموسًا في وتيرة النمو الذي بلغ 4,1 في المئة، مستفيدًا من الظروف المناخية الجيدة وكذا من انتعاش الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن هذا التحسن مكن من خلق عدد مهم من مناصب الشغل، التي ظلت رغم ذلك غير كافية لامتصاص الوافدين الجدد على سوق العمل، ما أدى إلى ارتفاع طفيف في نسبة البطالة.
وعلى صعيد التوازنات الماكرو اقتصادية، أبرز الجواهري أن عجز الميزانية تقلص إلى 3,6 بالمئة من الناتج الداخلي الإجمالي وانخفض عجز الحساب الجاري إلى 3,6 بالمئة، ما ساهم في الإبقاء على الاحتياطات الدولية الصافية في مستوى يمكن من تغطية ما يقارب ستة أشهر من الواردات، مشيرًا إلى أنه في ظل هذه الظروف، تباطأ التضخم على نحو ملحوظ إلى 0,7 بالمئة نتيجة تحسن العرض من المواد الغذائية المتقلبة الأسعار.
وفي ضوء هذه التطورات، أضاف الجواهري، استمر بنك المغرب في نهج سياسة نقدية تيسيرية من أجل دعم النشاط الاقتصادي، إذ أبقى على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير وواصل دعم التمويل البنكي للمقاولات الصغيرة جدًا، والصغيرة والمتوسطة، كما استمر في تعزيز إطار الإشراف البنكي مع مواكبة خاصة للبنوك التشاركية التي بدأت خلال العام في تقديم خدمتها.
وأبرز الجواهري أن بنك المغرب عمل من جهة أخرى على تقوية مصداقية أنظمة ووسائل الأداء ودعم متانة البنيات التحتية للأسواق المالية، وأوضح أن عام 2017 تميزت بإتمام التحضيرات لإصلاح نظام الصرف الذي بدأ تنفيذه في مستهل 2018 ويمر في ظروف جيدة تتسم بانخراط فعال للبنوك والمقاولات، وسجل أن المغرب قد أحرز إجمالًا بعض التقدم في 2017، إلا أن الوتيرة تبقى دون المستوى المطلوب، إذ يظل النشاط غير الزراعي بطيئًا، وعلى الرغم من التحفيزات والمجهود الاستثماري العمومي، لا يزال الاستثمار الخاص محدودًا، ما يقلل من فرص تحسن النمو والتشغيل.
وذكر الجواهري، أنه إزاء هذه الوضعية، التي تأتي بعد الأداء المتميز الذي شهدته الأعوام العشرة الأولى من القرن الجاري، ما فتئ الملك يتساءل حول مدى ملاءمة نموذجنا التنموي للسياق الحالي وقدرته على الاستجابة للتطلعات المشروعة للمواطنين، داعيًا إلى إعادة التفكير فيه ومراجعته، وشدد على أنه، بالنظر إلى المجهودات الكبيرة التي تبذلها، فإنه يتبين أن بلادنا ليست فقط بحاجة لمواصلة الإصلاحات وتوسيع نطاقها، بل أيضًا وبصفة خاصة لإنجاح تنفيذها وإتمامها في الآجال المحددة. وقدم نموذجًا لذلك إصلاح منظومة التربية والتكوين، حيث لم يتم بعد تنزيل الرؤية الإستراتيجية 2030 رغم مضي أكثر من ثلاثة أعوام على اعتمادها، وكذا المخطط الوطني للتشغيل الذي يبقى بحاجة إلى تدابير ملموسة لبلوغ أهدافه الطموحة.
وفي ذاتالسياق، يرى الجواهري أن إصلاح المقاصة يحتاج اليوم إلى استكماله وتعميمه في إطار سياسة شمولية تنبني على اعتماد الأسعار الحقيقية بالموازاة مع دعم الأسر الأكثر احتياجًا، مشددًا على أن وضع نظام لاستهداف الساكنة أصبح أمرًا ملحًا، خاصة وأن العديد من البرامج الاجتماعية تعاني من إكراهات مالية تهدد استمراريتها. وكذلك الحال بالنسبة لإصلاح أنظمة التقاعد، مشيرًا إلى أن وتيرة نضوب موارد الصندوق المغربي للتقاعد تؤكد الحاجة إلى إتمام المسار الذي بدأ في 2016 بشكل يضمن استدامة هذه الأنظمة.
وأبرز والي بنك المغرب أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة للملك حقق مكتسبات هامة من حيث تعزيز استقراره ووضعه الإقليمي وجاذبيته، ولايزال يحظى بثقة المؤسسات الدولية وبالتقييم الإيجابي لوكالات التصنيف. ومن أجل الحفاظ على هذه المكتسبات، أكد أنه ينبغي على السلطات إعادة النظر في حكامة السياسات العمومية، لإعطائها قدرًا أكبر من الانسجام والنجاعة والمردودية.
وخلص الجواهري إلى أن المغرب اليوم بحاجة إلى إقلاع حقيقي وتعبئة شاملة لجميع قواه الحية بغية إرساء مناخ يتيح تحقيق نمو اقتصادي أسرع وخلق فرص شغل أكثر، بشكل يجعله قادرًا على ضمان ظروف معيشية أحسن لمواطنيه ومنح الأمل بمستقبل أفضل لشباب، وبهذه المناسبة، قدم للملك، التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم 2017.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر