الرباط - نبيلة كوميمي
أثار البرنامج التلفزيوني "تاريخ الإنسان"، الذي بثته القناة الثانية المغربية، في الثاني من نيسان/إبريل، جدلًا واسعًا وردود فعل عديدة بين الجمهور المغربي، الذي اعتبره يساهم في انحراف المجتمع، خصوصًا الشباب.
وأعلن الدكتور رشيد الجرموني أستاذ باحث في علم الاجتماع، أن ردود الفعل كانت فعلا حماسية، محاولة من مختلف الأوساط التهرب من التوتر الذي يسكنها على نحو ما، خاصة أن المغرب يعيش على وقع تحولات قيمية دالة وعميقة في الأن نفسه، لعل من بينها العلاقات بين الجنسين، ومسألة الحب بين الزوجين.
وأضاف أن الموضوع كان طاوبوها في السابق، لكنه اليوم لم يعد كذلك، بدليل أن كل الشرائح تعبر عن عواطفها اتجاه الأخر، لكن أن يعرض مثل هذه البرامج في التلفزيون، فهو شيء محرم" حسب البعض في حين يعتبر تداول مثل هذه القضايا في الإعلام، أمر يجب أن ينتشر على نطاق واسع، خصوصًا وأن جزءًا من المغاربة، لهم علاقة متوترة مع ذواتهم ومع أزواجهم، فلا يستطيعون أن يعبروا عن مشاعرهم وعن عواطفهم بنوع من التلقائية.
واعتبر الأستاذ الجرموني، أن هذا البرنامج كان موفقًا في طرح مختلف القضايا الجنسية التي تهم مختلف شرائح المجتمعية بحيث هناك فئات متوسطة وفقيرة ومنفتحة ومحافظة بل الأكثر من ذلك هو طرح ذلك الحوار المثير الذي دار بين زوجين "سلفيين"، وبدورهما عبرا عن الحب الذي يحملانه لبعضها البعض. والفكرة أن المغاربة لا يتزوجون عن حب بل يدخلون في علاقة زواج، ومن ثم يأتي الحب والود والحميمية. وبذلك يسعى البرنامج إلى تقديم تصور مبدئي بشأن العلاقات الزوجية التي تنبني على حب قبلي.
وأبرز في نفس السياق أن كون البرنامج يقدم شهادات لمجموعة من الفتيات والفتيان، لنظرتهم للعلاقات الجنسية قبل الزواج، فهذا أما يوجد في الواقع، والذي حاول المنتفضون إنكاره وأن يحملوا البرنامج وزره، ويطالبون بمنع بث مثل هذه القضايا علنا، أمر يعتبرونه يمس بالقيم والمبادئ الأخلاقية، في حين أن هناك توجها عاما نحو إقامة علاقات جنسية قبل الزواج، لكن لا يتم الاعتراف بها، على الرغم من أنها تدخل في دائرة الحريات الفردية، وتعبر عن تحول قيم في المجتمع المغربي. وبالتالي، فلا يمكن أن يصبح جزء من المغاربة فقط، فالمغرب يتسع للجميع. وفق مقولة العيش المشترك".
واعتبر الباحث الاجتماعي أن فكرة البرنامج كانت موفقة، إلى حد ما وأن هذا النقاش والجدل المجتمعي بدوره يمثل عنصر حيوية المجتمع، وأنه لا تغيير بدون إحداث رجات في الفضاء العمومي، في أفق الخطوات المقبلة وهي تغيير القوانين تماشيًا مع مبدأ الحريات الفردية. حيث استحب فكرة مشاهدة البرنامج بمعية أفراد الأسرة، مؤكدًا أن "كلما واجهنا الإشكالات بنوع من الصراحة والوضوح والنقاش كلما تقدمنا في اتجاه ترسيخ قيم المسؤولية عند الجميع، لكن كلمتا سكتنا في الأسرة أو في الإعلام أو المدرسة عن هذه القضايا، إلا وبرزت أشكال متطرفة منفلتة من السلوك المنحرف".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر