أعلن الرئيس سعد الحريري، أنه تقدم باستقالته لمصلحة لبنان، بعدما رأى ما يحدث في المنطقة، مشيرًا إلى المخاطر الإقليمية التي تعرض لبنان لعقوبات أميركية وعربية"، متسائلا عن المصلحة في ذلك. وأعرب في مقابلة تلفزيونية عن افتخاره بـ"التسوية التي قام بها"، مؤكدًا أنه لن يتراجع عنها، ومشددا على "التزام لبنان بلنأي بالنفس". وقال "أنا لست ضد حزب الله بالمعنى السياسي، ولكن ليس من حق حزب الله تخريب لبنان".
وردا على سؤال حول ما اذا كان اسيرا أو في الإقامة الجبرية، أجاب "الجميع يعرف علاقتي مع السعودية، مع الذين توفوا، وخاصة مع الملك سلمان، ومع ولي العهد، هناك أمور مختلفة ونتفق عليها، ولكن هناك معطيات اكتشفتها هنا، ومنها اننا ذاهبون إلى مكان وعلينا انقاذ البلد. أنا لا يمهني اذا مت ولكن يهمني البلد، مهمتي الأساسية الحفاظ على البلد". وأكد على استقالته، مشيرا إلى اجراءات دستورية عليه القيام بها، ومعلنا انه سيعود "قريبا جدا".
وعن طريقة تقديم استقالته قال إنها "ليست وفق الطرق المتبعة"، وانه هو من كتب بيان الاستقالة، موضحا أنه أراد من خلالها "القيام بصدمة ايجابية". ونفى "أن ينجر إلى علاقات مع النظام السوري"، لافتا إلى أن كل ما قام به في السنتين الماضيتين "كان على حسابه". وأردف: "أنا ماازلت مهددا من النظام السوري وداعش، وهناك خروقات حولي في مجال الأمن، وعندما اعود سأعمل على دراسة تأمين امني بالتنسيق مع الجيش وقوى الأمن".
وكرر الإعلان عن قرب عودته إلى لبنان، وقال "من واجبي أن احمي السني والشيعي والدرزي والمسيحي، وقبل ذلك تأمين امني الشخصي. وأكد أنه لن يسمح "بقيام حروب اقليمية في لبنان لحسابات اقليمية". وتحدث عن "سعودية جديدة في السعودية"، محملا إيران مسؤولية التدخل في الشؤون العربية بالرغم من أن السعودية تطلب أفضل العلاقات مع إيران".
وأكد أنه سيقدم تضحيات من أجل البلد ولكن بغير شروط"، مشيرا إلى "الخسارة الشعبية التي لحقت به جراء التسوية التي قام بها"، ومصرا على "التمسك بالتسوية ولكن ليس على حساب النأي بالنفس". ورأى أن "مصلحة لبنان العليا ليست في تخريب علاقات لبنان مع كل العالم".
وشكر "كل اللبنانيين وكل الأطراف السياسية على موقفهم واجماعهم حول سعد الحريري"، وقال "ليس لأن سعد الحريري افلاطون ولكن لأن لبنان اولا". وردا على سؤال عن علاقته برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قال "الرئيس عون اكثر انسان متمسك بالدستور، وكلنا تحت سقف الدستور، وحق الرئيس عون الدستوري ان اقدم استقالتي له اولا، وهذا حق وعرف، ولذلك يحق له ان يطلب ان تكون استقالتي امامه".
وأضاف: "انا فخور بهذه العلاقة معه، وعندما اعود إلى لبنان سأتحاور معه في كل الأمور"، وأردف: "علينا تصويب الأمور سويا مع فخامة الرئيس في ما يتعلق بالنأي بالنفس". ونفى أن يكون قد طلب منه اي احد موقفا حول النأي بالنفس، وقال إنه "على اللبنانيين فعل ذلك"، مكررا نفيه "أن تكون السعودية قد طلبت منه ذلك".
ونفى وجود تهديد في كلام مستشار الإمام خامنئي علي أكبر ولايتي له، وقال: "تحدثنا بصراحة حول تدخل إيران في البلاد العربية". وأضاف: "أنا مع الشيعة ومع حزب الله وأنا أمثل الكل، وأقول لهم مصلحتنا أن نتوحد من أجل لبنان وليس من أجل هذا المحور أو ذاك".
وردا على سؤال حول تحرير لبنان بمساعدة إيران، قال: "كل اللبنانيين كانوا مع المقاومة وضد إسرائيل، وكان هناك مساعدات من السعودية للبنان يوم عدوان إسرائيل عليه في العام 2006، النأي بالنفس لم يتم إحترامه، وهناك ما يقارب ال400 ألف لبناني يعملون في دول الخليج، فماذا سيكون مصيرهم في حال لم نعتمد سياسة النأي بالنفس".
وأعلن أنه سيعود إلى لبنان ليؤكد على استقالته، وأنه سيعمد بعدها إلى "الدخول بالحوار مع كل الأطراف على اساس النأي بالنفس، وعلى اساس الحوار الإيجابي والعلاقات الإيجابية مع كل العرب". وعن زيارته إلى الإمارات العربية المتحدة، قال إنها "كانت في إطار خدمة لبنان ولحمايته من أية تداعيات"، نافيا أن يكون لقاءه مع حاكم الإمارات الشيخ محمد بن زايد متوترا، ومعتبرا أنه "أخ وصديق والعلاقة معه مميزة".
والى اللبنانيين قال: "مصلحة لبنان الأولى والأخيرة هي مصلحة لبنان، وعلى اللبنانيين تفهم خطوة إستقالتي". وعن علاقته بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قال: "يحسدونني على هذه العلاقة فيروجون أنها سيئة، علاقتي معه ممتازة وأكثر من ودية، وانا أعتبره أكثر من أخ، وهو يعتبرني أخا له وعلاقتي به مميزة، واعتبر أن الاعتقالات التي طالت أمراء ووزراء في السعودية هي شأن داخلي، وأتمنى القيام بالشيء نفسه في لبنان للقضاء على الفاسدين". ورأى أن "الفساد في لبنان يجب أن يعالج بنفس الطريقة التي عولج بها في السعودية".
وأكد أنه يرفض "التدخل في شؤون السعودية ومصر والخليج"، منوها "بما يقوم به الملك سلمان وإبنه ولي العهد"، وقائلا إن "القضاء في السعودية لا يتدخل أحد في عمله، عكس ما يحصل أحيانا في لبنان". وأعاد التأكيد على أنه سيعود إلى لبنان "خلال يومين أو ثلاثة أيام"، مشيدا برئيس الجمهورية وواصفا إياه بـ "المحب"، وقال: "العلاقة التي بدأت معه كانت علاقة صدق، وأقول له إنشاء الله إني راجع، ونتفق على مصلحة البلد، وأنا أعرف أن الرئيس عون يريد لبنان مستقلا ومجوهرا إقتصاديا، ولكن علينا التركيز على النأي بالنفس".
وشدد على أنه لا يريد الإختلاف مع إيران، "ولكن لا يجب ان يضعونا في محاور تضرنا". وتوجه إلى "تيار المستقبل" قائلا انه سيعود قريبا. وتعليقا على تحركات حصلت في الشارع، تمنى أن يكون "تحركا حضاريا وهادئا، وألا يحصل اي إحتكاك مع أحد"، مطالبا بـ "عدم إطلاق الرصاص"، وقال: "نحن مع المفرقعات بس".
وشكر مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان على "الحكمة التي أبداها في هذه المرحلة"، وركز على "دور السعودية في دعم إستقرار لبنان، ومثلها بريطانيا وغيرها من الدول"، متسائلا "هل سمع أحد منهم أنني من محورهم"؟ أضاف: "هناك ملفات نختلف فيها معهم لكن في الأساسيات لا نختلف". وكرر القول: "صدقوني لا أريد مصلحة سعد الحريري، بل اريد الحفاظ على مصلحة لبنان".
وحول سلاح "حزب الله" قال: "مطلوب حوار حوله، ويجب أن يكون حول جوانب إقليمية، ولكنني أقول أن حزب الله ليس شأن لبنانيا فقط، وإنما إقليميا، لذلك أنا أشدد على مسألة الحوار". واشاد بالملك سلمان قائلا "الله يحفظه"، وبولي العهد محمد بن سلمان "لأنه يقول ويفعل".
وسئل عن المطلب السعودي في لبنان، وهل هو متعلق بـ"حزب الله"، فأجاب: "هل كان للسعودية موقف من حزب الله قبل حرب اليمن"؟ وتوقف أمام "المسألة الأمنية المستجدة في هذا الموضوع"، متهما "حزب الله" ب"التدخل بشؤون اليمن"، وواصفا العلاقة بين السعودية وأميركا بأنها "علاقات بين دول، تماما كما يحصل بين باقي الدول".
واعتبر أن "سياسة النأي بالنفس تكفي لبنان في حال إعتمدها"، لافتا الى ان "العقوبات على حزب الله حصلت في عهد أوباما"، نافيا "أن تكون مرتبطة بعهد ترامب". وذكر أنه "نتيجة الحوار مع حزب الله حافظت على إستقرار في البلد"، مستبعدا "موافقته على عدم النأي بالنفس"، ومقدما له نصيحة بأن "يتخلى عن بعض المواقع". ورفض الكشف عن بعض "الأسرار" إلى حين عودته الى لبنان والتحدث حولها مع الرئيس عون. ووصف كلامه بـ "الايجابي" في مسألة الحوار حول سلاح حزب الله".
وردا على سؤال حول الأشخاص الذين يتواصل معهم، أجاب انه يتواصل "بشكل عادي"، وانه يعيش "حالة تأمل ولا يريد التشويش على احد"، كما لا يريد "الكشف عن اجتماعات" يعقدها لانه عقد "اجتماعات كثيرة"، وطالب العرب بـ "إقامة علاقات مميزة بين بعضهم البعض". وكرر تأكيده أنه سيعود إلى لبنان وسيعمل "ولكن على اساس تسوية تقوم على النأي بالنفس فلم نعد نحتمل عدم وضوح في هذه المسالة، وهذا الأمر يتعلق ايضا بحزب الله". وختم: "سعد الحريري راجع، وكل ما اتطلع اليه هو مصلحة لبنان، وعلينا الحفاظ على تصالحنا مع العرب وخلال يومين أو ثلاثة سأكون في بيروت".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر