ذكرت مصادر أمنية أن تقرير الطب الشرعي الأولي كشف أن وفاة الشاب في سجن الرابطة كانت ناتجة عن أزمة قلبية مؤكدة أن تقرير الطب الشرعي أكد أن الأضرار البادية على جسمه كانت ناتجة عن عملية التشريح.وكانت عائلة الشاب قد أشارت إلى أن ابنها تعرض الى التعذيب في مركز الأمن مما أدى الى وفاته..
وقد أكدت العائلة على أن اثار التعذيب كانت بادية على جسمه.والأمرنفسه كانت قد أكدته رئيسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب راضية النصراوي التي قالت بدورها انها عاينت اثار كبيرة للتعذيب على جثة الشاب، مشيرة إلى ان الشاب يشتبه في كونه قتل تحت التعذيب لدى إيقافه في أحد مراكز الأمن حيث عاينت اثار تعذيب على جسده إضافة إلى وجود كسر في جمجمته.
140 حالة تعذيب بعد الثورة
ويعرّف القانون التّونسي في الفصل 10 من المجلة الجنائية التعذيب على إنّه "كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديًا كان أو عقليًا يلحق عمدًا بشخص ما بقصد الحصول منه أو من غيره على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على فعل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو غيره".وبناءً عليه تتلقى المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب باستمرار شكاوى من ضحايا التعذيب وعائلات الموقوفين والسجناء.ويعد هؤلاء بالعشرات بل بالمئات منذ 2011، تاريخ سقوط بن علي ولم تتوقّف هذه الشّكاوي حتّى بعد انتصاب حكومة جديدة.
وقد أدى التعذيب في بعض الحالات إلى الموت مثلما هو الشأن بالنسبة إلى عبد الرؤوف الخمّاسي الذي عُذّب في مركز عمر المختار "منطقة سيدي حسين، ضاحية تونس الغربية"، ونُقل إلى مستشفى شارل نيكول في العاصمة حيث توفي بعد أن قضى اثني عشر يومًا في حالة غيبوبة، وتمّ إثر ذلك ايقاف الأعوان المشتبه فيهم. كما توفّي قبل عامين موقوفان من التيار السّلفي "بشير القلّي ومحمد البختي" نتيجة الإهمال الصحّي بعد إضراب جوع دام أكثر من خمسين يومًا في سجن المرناقيّة.
وتوفي بعض الموقوفين والسجناء في ظروف غامضة من بينهم عماد بوعلي الذي توفّي في سجن تونس ومحمد علي بن ناجي في سجن صفاقس
4.وتفيد المعطيات التي تحصلنا عليها من المنظمة أنه تم تسجيل 140 حالة تعذيب بعد الثورة منها 4 حالات ادت الى الوفاة.وقد تم تسجيل هاته الحالات في المراكز والسجون بسبب تواصل الممارسات الوحشية بالاضافة الى عدم اصلاح التشريع وعدم قدرة المحامي على الحضور منذ الايقاف، وذكرت ايضًا بشأن نبيل العرعاري الذي تم تعذيبه داخل سجن المرناقية.
ويقول العرعاري في هذا الخصوص"خلال فترة إيقافي تم ضربي دون رحمة ، طلبت أكثر من مرة مقابلة الطبيب نظرًا لشدة الآلام التي كنت أعاني منها جراء التعذيب، لكن دون جدوى، حرمت من المتابعة الصحية رغم خطورة وضعي،الا اني لم أتمكن من المعالجة الطبية إلا بعد أن نفذت إضراب جوع دام ستة أيام".
ويضيف نبيل العرعاري .."لم أكن أستطيع الوقوف والمشي ، لكن كان يتمّ جرّي يوميًا للوقوف في الصف لاتمام عمليّة عدّ المساجين الدّوريّة. عمليّة تتم يوميًا أقف خلالها بالسّاعات رغم عدم قدرتي على ذلك"،ونبيل العرعاري دخل السّجن على خلفيّة قضيّة مقتل إبن أخته، تعرّض للتّعذيب والضّرب لكن لم توجّه له تهمة القتل، بل ضرب على حد قوله لمجرّد انتمائه لحزب العمّال واتهامه بتأجيج مظاهرات واحتجاجات في ولاية سليانة..خرج من السجن بعد ستة أشهر. إلاّ أنّه مازال يعاني مشاكل صحيّة حادّة جرّاء التّعذيب على مستوى الأذن والكتف الأيمن.
اكثر فضاعة ووحشيّة من السابق
راضية النصراوي رئيسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب بيّنت أن هذه الظاهرة مازالت متواصلة. بل أكّدت على أنّ التعذيب يكاد يكون بشكل أكثر فضاعة ووحشيّة من السابق، لاسيما وأن المنظمة تلقت عشرات الشكاوى عن حالات تعذيب حصلت بعد الثورة.وتعتبر منظمات حقوقية أخرى على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أنّه لم يحدث أي تقدم أو تحسن في ظروف إقامة السجناء داخل السجون التونسية. حيث شدد عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة على عدم التقيد بالقوانين التي تحمي حقوق المعتقلين سواءً من خلال عرضهم على الفحوصات الطبية منذ اللحظة الأولى لإيقافهم إلى غاية الإفراج عنهم، أو فتح تحقيقات جدّيّة إذا ثبت تعرضهم للتعذيب.
لا شيء تغير بعد الثورة،. ضرب بالهروات وإهانة وشتم:فوضى السّجون التّونسيّة مازالت متواصلة في ظلّ تواصل حالات التعذيب الكثيرة. بل بلغت الفوضى حدّ ظهور أعراف وتقاليد جديدة داخل السجون مثل زيارة الوعاظ وبعض الشيوخ التونسيين لإلقاء الخطب الدّينيّة في ظروف غامضة.
هيئة وطنية للوقاية من التعذيب
و طالب الأستاذ منذر الشارني الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب وعضو الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية بأن تظل زيارة السجون متاحة دائمًا وبصفة مستمرة للمجتمع المدني، وقال إن تركيز الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب يجب ألا يحول دون تمكين هذه الجمعيات من مواصلة زيارة السجون ومراقبتها..
ودعا في الآن نفسه إلى أن تكون هذه الزيارات فجئية وأن لا يمتنع مدراء السجون عن السماح بها لسبب أو لآخر على غرار وجود اضطرابات أمنية داخلها، وبين أن المطلوب هو ألا يقع التنصيص على حق السلطات في الاعتراض على الزيارة وترك الخيار للهيئة لتقدر امكانية الزيارة من عدمها.وفسر أن وزارة العدل تسمح الآن لجمعيات المجتمع المدني ومنها الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية بزيارة السجون، ولكن منشورها المنظم لهذه المسألة يبين أن هذا الأمر سيتواصل إلى غاية تركيز الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، وهو ما يبعث على الخشية من إمكانية منع الجمعيات بعد ذلك من مواصلة زيارة السجون.
وبين الشارني أن دور هذه الهيئة مهم للغاية ولكنه سيكون أفضل بمساهمة جمعيات المجتمع المدني في مراقبة أوضاع السجون أولا ومراقبة أداء هذه الهيئة المستقلة ثانيا حتى لا تحيد عن الدور المناط بعهدتها وحتى لا يسقط أفرادها في فخ الولاء للسلطة. وقد اكد الشارني على ان بعث هذه الهيئة تأخر كثيرا ..
وتعتبر الاستاذة راضية النصراوي أنّ القضاء على هذه الممارسة الوحشية لا يمكن أن يتم إلاّ بإصلاح المنظومة القضائية والأمنية والسّجنية ودسترة تجريم التعذيب.وقالت إن الجمعية تشدد على إجراء تحقيق جدّي ومحايد في كلّ حالات التعذيب والعنف البوليسي المفرط وبوضع حدّ للإفلات من العقاب الذي هو من الأسباب الرئيسية التي تشجع على تواصل هذه الممارسات...
الكبّالات تترك أثرًا على معصم الموقوفين بسبب سوء جودتها
وفند النّاطق الرّسمي للنقابة الوطنية لقوّات الامن الدّاخلي شكري حمادة، جملة وتفصيلًا ممارسة الأعوان للتّعذيب معتبرًا أنّه لا يجب إلقاء المسؤوليّة على عاتق أعوان الشرطة والسّجون، مشيرًا إلى وجوب الاتفاق على مفهوم التّعذيب وموقع رجل الأمن منه.
ويوضح النّقابي الأمني أن "المعادلة الصّعبة والتحدّي الذي يواجهه أعوان المؤسّسة الأمنيّة هو القيام بدورهم على اكمل وجه في ظل نقص التجهيزات وظروف العمل الصّعبة من جهة واحترام حقوق الإنسان من ناحية اخرى. فمثلا الكبّالات تترك أثرًا على معصم الموقوفين بسبب سوء جودتها، فهل يحاسب رجل الأمن أو الجهة التّي زوّدته بتلك الكبّالات؟؟.ويتابع حمادة "إدعاء ممارسة التّعذيب في مراكز الإيقاف مردود على أصحابه ومن يملك أي دليل مادّي فليتقدّم به للقضاء.
وبالنّسبة للتعذيب داخل السجون نجد مثلًا عون على كل 300 سجين فكيف يمكن له التّوفيق في المعادلة،فهو نفسه يتعرّض للتعذيب في ظل ظروف العمل تلك وحرمانه حتىّ من التّعبير عن عدم رضاه عنها".
ولم يقف شكري حمادة عند هذا الحد،بل ذهب إلى حد التّعبير عن رفضه لأي انتهاك للحرمة الجسديّة لأي مواطن مذكّرًا بمطالبة نقابته بدسترة المؤسّسة الامنيّة وعملها وفقًا للقانون التوّنسي والمعاهدات الدّوليّة وبالتّالي احترام حقوق الإنسان المتّفق عليها دوليًّا."التّعذيب يكون مبرمجًا ومخطّطًا له. فمثلًا ما ذنب عون الأمن ان لم تتوفّر الادوية داخل السّجون التوّنسيّة التي يقبع بها أضعاف طاقة استيعابها؟هكذا تساءل حمادة، معبّرًا على استياءه من تحميل الاعوان كل المسؤوليّة.وبالنسبة الى موقف إدارة السجون والإصلاح مما يقال عن التعذيب داخل السجون،فقد افادنا مصدر مطلع تابع لها أنّ إصلاح المنظومة السجنية لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها. بل إن الأمر يتطلب تظافر جهود لإصلاح وتحسين واقع السّجون التونسية.
ونفى مصدرنا وجود تعذيب في السجون بعد الثّورة. كما بيّن أنّ السجون التونسية تشهد اكتظاظًا كبيرًا يصل إلى نسبة 150 %، وهو ما انعكس سلبًا على ظروف المساجين وحتى الأعوان، مؤكّدًا أنّ إدارة السّجون تبحث عن الحلول الناجعة لإصلاح المنظومة السّجنية...
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر